كانت المرحلة التالية، من مراحل تطور المجتمع الأردني، هي مرحلة (1948-1967). وفي هذه المرحلة، نشبت الحرب العربية ndash; الإسرائيلية، وتدفقت جموع الفلسطينيين المهاجرين إلى الأردن. وبدأ المؤسس الملك عبد الله الأول، في التحضير لضم الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، كما تمَّ في عام 1950. وبدأت السلطة بمنح الفلسطينيين الجنسية الأردنية. وتمَّ تبديل كافة القوانين ndash; بما فيها قانون الانتخابات- لكي يتماشى والوضع السياسي والاجتمَّاعي الجديد. وتضاعف عدد سكان الأردن نتيجة لذلك إلى ثلاثة أمثال عدده قبل 1948. وبهذا انتقل المجتمع الأردني من مرحلة البداوة، التي كانت مسيطرة قبل 1948 إلى مرحلة التحضر والمدنية، بعد هذا التاريخ.
تغيرات اجتماعية وسياسية مهمة
وترتب على ذلك، تغيرات اجتماعية وسياسية، كان أهمها:
- حق تأليف الجمعيات.
- حق إقامة الأحزاب السياسية.
- المساواة بين كافة المواطنين ndash; من شرق أردنيين وفلسطينيين ndash; أمام القانون، وضمان حرياتهم الشخصية.
- إقرار دستور جديد نص على حرية التعبير، والرأي، والصحافة، والنشر، والاجتمَّاع.
الصراع بين الفلسطينيين والشرق أردنيين
ولكن الصراع ابتدأ عند بعض الشرق أردنيين المتعصبين والمتشددين ضد إخوانهم الفلسطينيين. فحاول الأردنيون الشرقيون عزل ومحاربة الفلسطينيين بعدم الزواج منهم، أو مخالطتهم، أو مشاركتهم. وما زال هذا الصراع المجاني عير الحضاري والمنبوذ قائماً حتى الآن، رغم أن السلطة لا يرضيها هذا الصراع. لأنه ضد أي أمل في إعادة الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية بعد 1967، كما قالت الأخبار مؤخراً. فمن ضمن هذه الآمال المرجوة، ما نشرته الأخبار في 13/10/2012، من أن الأمير حسن بن طلال (ولي العهد السابق، وعم الملك الحالي) تساءل قائلاً:
- هل نحن بحاجة لـ quot;دولةquot; نص كم؟!
- هل نحن بحاجة لكنتونات تعيسة، تزيد تشتت شمل الشعب الفلسطيني على تشتيت؟
- هل نحن بحاجة جميعا إلي نصف هوية، ونصف وطن؟
- ما فائدة الفلسطيني والأردني بثلاث نقاط تفتيش على نهر الأردن (فلسطينية، وإسرائيلية، وأردنية)؟
- ما فائدتي بحدود تقطع أوصال الشعب الفلسطيني، صاحب الذاكرة المنهكة؟
- ما فائدتي بمسؤولين، وسياسيين، ورجال أعمال فلسطينيين، يتحدثون عن دولة فلسطينية، ويحملون في الوقت ذاته جنسية أردنية، ويستثمرون، ويملكون القصور في عمّون وعبدون؟
- هل هناك أجمل من أن نعود كشعب واحد، بدون رقم quot;شاصيquot; وكروت ملونة، ومزركشة؟
- هل هناك أجمل من أن نفتح أفقاً نفسياً، واجتماعياً، وإنسانياً، واقتصادياً، لأبناء شعبنا على ضفتي النهر؟
- أما آن للسياسيين هنا وهناك، وقف هذه المهزلة التاريخية؟
لقد تحدث الأمير حسن سابقاً، عن quot;أردنة الضفة الغربيةquot;.
واليوم يرحب الزعيم الفلسطيني فاروق القدومي، بإعادة الضفة الغربية إلى الأردن.
دور النقابات المهنية المتنامي
من جهة أخرى، دخل تنامي الدور السياسي للنقابات المهنية، المعارض منه للسياسات الحكومية، في نزاع مع الحكومات المتعاقبة. وكانت أبرز محطات هذا الصراع موقف النقابات المعارض لفحوى فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية. ومع احتدام هذا النزاع بشأن quot;معاهدة وادي عربةquot; 1994، أخذت السلطة تهدد النقابات بإعادة النظر في عضويتها الإجبارية.
المرحلة الرابعة من تطور المجتمع الأردني
وفي المرحلة الرابعة (1989-1999) ، من تطور المجتمع المدني الأردني، أصدرت quot;جماعة الإخوان المسلمينquot;، عام 1997 ، بياناً لمقاطعة الانتخابات النيابية. وحددت الجماعة الخطوات اللازمة للإصلاح، ومنها:
1- إجراء إصلاحات دستورية، تُرسِّخ الفصل بين السلطات الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وتعطي المؤسسة التشريعية حقها ودورها الكاملين في التشريع والمراقبة.
2- إلغاء قانون الصوت الواحد، واستبداله بقانون حضاري، يحقق النزاهة والعدل حتى يتسنى للمواطنين فوز النواب الذين يمثلونهم بصدق.
3- إلغاء قانون المطبوعات والنشر المؤقت، حفاظاً على حرية الكلمة، وديمقراطية الصحافة والإعلام.
4- وقف جميع الإجراءات التعسفية بحق الأحزاب وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، وإتاحة المجال أمام فعاليات المعارضة السلمية.
5- العمل الجاد على معالجة الأوضاع الاقتصادية، ومقاومة جميع أشكال الفساد وأدواته. والامتناع عن املاءات صندوق النقد الدولي، وسياسات النظام العالمي الجديد.
6- إطلاق الحريات، ووقف الاعتداءات والتجاوزات عليها، بما يسهم في تعزيز المشارطة الشعبية في صنع القرار والتوجهات التي تؤثر على حاضر الشعب، ومستقبله.
7- وأخيراً، وقف التطبيع مع العدو الصهيوني، وإغلاق الأبواب أمام اختراقاته.
وقد نشأت من خلال هذه القرارات عدة تساؤلات، حول خلفية المقاطعة أو أسبابها الحقيقية، نظراً لما فيها من خروج عن تقاليد الجماعة، وطبيعة صلاتها مع الحكم.
الإخوان المسلمون والليبرالية
وهذه دلالة أكيدة وكبيرة، على أن quot;الجماعةquot; تتغير من مرحلة إلى أخرى- كما سبق وقلنا في عدة مقالات سابقة في 2011، 2012 - وأنها تقترب من الفكر السياسي الليبرالي أكثر فأكثر، بما تحتمه الظروف السياسية العربية، والإقليمية، والدولية، وشروط العصر. وهو ما شهدناه من مطالب ومواقف quot;الإخوانquot;، في عام 2012. وكأنهم حزب سياسي ليبرالي. بل هم في بعض المواقف فاقوا الليبراليين تقدماً وطليعية.
ومن الجدير بالذكر، أن هذه المطالب تتكرر في عام 2012 من المعارضة الأردنية، وعلى رأسها quot;جماعة الإخوان المسلمينquot; كتبرير واضحة لمقاطعة الجماعة للانتخابات النيابية التي أعلنت السلطة اجراؤها، في نهاية يناير 2013. فالمعارضة الأردنية التي تتمثل في الحراك الشعبي غير المسبوق في اكتوبر ونوفمبر 2012 ، تتبنى هذا المطالب والسلطة لا تستجيب.
فلا حياة لمن تنادي!
السلام عليكم.
التعليقات