يحث السيد عبد الباري عطوان في مقال الرأي في القدس العربي اليوم (6 مايو آيار) النظام السوري على الرد ضد الغارة الاسرائيلية الأخيرة ويقول ايضا quot;لا نستغرب، بل لا نستبعد، ان تردّ سورية هذه المرة على العدوان، وان لم تردّ فإنها ستخسر هيبتها وكل من يقف في خندقها، وكل ادبياتها حول الممانعة والصمود، فالشعب السوري، والشعوب العربية كلها، لم تعدّ مستعدة لتصديق مقولة الردّ في المكان والزمان المناسبينquot;.

وقبل ثلاثة شهور بالضبط وبتاريخ 2 فبراير شباط الماضي وتحت عنوان quot;ليت الأسد يرد الاهانةquot; كتب الاستاذ عبد الباري عطوان مقالا يحث فيه الرئيس السوري أن يقوم بالرد على الغارة الجوية الاسرائيلية على مواقع سورية بتاريخ 30 يناير 2013 والتي استهدفت قافلة معدات عسكرية او منشآت أبحاث سورية. وكلنا نعرف مسبقا ان النظام السوري غير قادر وغير مستعد ان يرد على العدوان الاسرائيلي بينما لديه الاستعداد ان يقصف المدن والقرى السورية في أي وقت يريد.

وتاريخيا نعرف أن بشار الأسد وقبله حافظ الأسد ومنذ سقوط الجولان لم يقوما بالرد على أي انتهاك اسرائيلي للأراضي او الاجواء السورية. هدؤ جبهة الجولان منذ 1973 حتى الآن عزز النظرية التي تقول ان اسرئيل تريد بقاء واستمرار نظام بشار الأسد وتعارض سقوطه.

الرد على اسرائيل يعني الانتحار:

بشار الأسد ومن حوله يدركون تماما ان اي محاولة للرد او الانتقام من الغارة الجوية سينتج عنه اجراءات اسرائيلية عسكرية حاسمة قد تسارع في اسقاط النظام خلال ايام قليلة. أي ستنجز اسرائيل في عدة أيام ما فشلت المعارضة السورية المسلحة تحقيقه في عامين. بعبارة اخرى اذا استجاب بشار الأسد لنداء الاستاذ عطوان سيكون قد ارتكب عملية انتحارية.


قاعدة الرد المناسب في الوقت المناسب:

تاريخ الرد السوري في الوقت المناسب لا يوحي بأن هناك اي نية لدى النظام في اتخاذ اي اجراء باستثناء التهديد والوعيد الشفهي وتكرير العبارة المستهلكة quot;سيأتي الرد المناسب في الوقت المناسبquot;. اخترقت اسرائيل الاجواء السورية في عدة مناسبات وشنت غارات على منشأة دير الزور في ايلول عام 2007 ولا يزال الشعب السوري ينتظر الرد المناسب. تم اغتيال قيادات فلسطينية ولبنانية من قبل الموساد الاسرائيلي على الأراضي السورية ولم يأتي أي رد. وقبل ذلك في حزيران 2006 حلقت طائرات ف16 الاسرائيلية فوق القصر الجمهوري قرب اللاذقية ولم تتصدى لها الدفاعات الجوية السورية. وفي اكتوبر عام 2003 شن الطيران الاسرائيلي غارة جوية استهدفت معسكر تدريب قرب دمشق واالتي عرفت فيما بعد بغارة عين الصاحب ولم تقم سوريا بالرد. في تموز 2001 شنت اسرائيل هجوما على موقع للرادار السوري داخل الأراضي اللبنانية ولم يأتي أي رد سوري.

التهديدات الايرانية الشفهية:
نقرأ ونسمع باستمرار ان سوريا يدعمها حلفاء اقوياء مثل ايران وروسيا. أين هم الآن من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة. لا يمر اسبوع دون ان يظهر قائد عسكري ايراني ليعلن استعداد ايران لتدمير اسرائيل ولكن لا يحدث شيئا. أليس من المضحك ان ايران تتحدث عن مسح اسرائيل من الخارطة منذ بداية عام 2006 وسنحت لها عدة فرص لتنفيذ التهديد ولم تفعل. الفرصة الأولى جاءت في صيف عام 2006 اثناء الاعتداء الاسرائيلي على لبنان. والفرصة الثانية جاءت اواخر عام 2008 وبداية 2009 اثناء الهجمة الاسرائيلية الشرسة على غزة حيث قتلت اسرائيل 1500 فلسطيني ودمرت الاف المنازل. والفرصة الثالثة جاءت اوائل يناير هذا العام عندما اغتالت اسرائيل القيادي الحمساوي احمد الجعبري ودك الطيران الاسرائيلي اهداف حيوية في غزة وقتلت 400 فلسطيني. ثم الغارات الاسرائيلية في الأيام القليلة الماضية؟ ماذا فعلت ايران؟ باستثناء التهديد الشفهي لا تتوقعوا شيئا.

هيبة النظام السوري على المحك:
لنقولها بصراحة لم يبق لهذا النظام أي هيبة وأي احترام وأي مصداقية الا في أذهان بقايا البعث الفاشل وبعض القوميين العرب والساذجين الذين صدقوا رواية المقاومة والممانعة والصمود. لم يبقى امام هذا النظام سوى خيار واحد وهو التنحي طواعية او السقوط بالقوة.

لندن