موقف الولايات المتحدة من الثورة المصرية هو موقف غريب، بل ومحير للكثيرين، فالولايات المتحدة تضحي بمبادئها ومصداقيتها في سبيل دعم نظام!!!، بل وتقف أمام إرادة شعب يسعي لديمقراطية حقيقية وهى التى تدعي أنها الراعي الرسمي للديمقراطية في العالم، دعونا نعترف أن أوباما من أكثر أعداء التيار الإسلامي وهو لا يثق فيهم، ولكن عندما يكشف التاريخ عن خطة أوباما في هذه الفترة سيعتبره من أذكي وأفضل الرؤساء الأمريكان عبر تاريخها، فهو خدم بلاده وكان هدفه تحقيق أمنها، ولكن ستعرف شعوب الشرق الأوسط وقتها أنهم وبلادهم كانوا ثمنا لتحقيق مصالح الآمن الاميركية، إذا ما هي الأسباب التي جعلت أوباما يقف ضد إرادة الشعب المصري ويساند الإخوان المسلمين، السر هو أن الطبخة لم تستوي بعد للأسباب الاتية.

أولا: يهدف الأميركان لحرق التيار الإسلامي وحرق شعبيته، فقاموا بمساعدتهم للوصول للحكم، ليظهروهم للشعب المصري وشعوب منطقة الشرق الأوسط، صاحبة المزاج الديني التي كانت تري فيهم الحل والخلاص من الفساد، وعندما يفشل التيار الإسلامي ستنفض الشعوب عنه وتتحول لليبرالية التي صرفت الولايات المتحدة علي نشر افكارها في السابق مليارات الدولارات وكانت الشعوب ترفضها، هذا الهدف تحقق جزء منه ولكن عملية الحرق بالكامل للإسلام السياسي لم تتم بعد، والدليل وجود أنصار له نعم نسبتهم قلت كثيرا ولكن لم يقضي عليه ليتساوي مثلا مع نسبة التيار الديني اليهودي في إسرائيل التي لا تتعدي من واحد لأثنين بالمائة.

ثانيا: في حالة إنتهاء حكم الإخوان سينتشر الإسلاميون المتشددون في العالم مرة أخري، وهو قد قام بفتح الأبواب لهم وعودتهم لبلادهم الأصلية ليسهل له مراقبتهم، وليبعد خطرهم عن العالم الغربي، وليمارسوا إرهابهم علىشعوبهم فتكره هذه الشعوب الإسلاميين مما يزيد ويسرع من عمليه حرق هذا التيار والقضاء عليه.

ثالثا: لم ينته الإسلاميون من السيطرة الكاملة على مصر والشرق الأوسط، لتتحول صراعاتهم مع التيار المدني لصراع بين فضائل الإسلام السياسي، فالتاريخ يقول أن هذا التيار يتوحد عند وجود عدو مشترك وعندما ينتهي منه يصارع بعضة البعض ويقضي كل منهم علي الأخر، كما أن صراعهم سيؤدي لتقسيم مصر لدويلات صغيرة.

رابعا: الحرب السنية الشيعية التي أشعلها أوباما في سوريا ما زالت لم تحقق اهدافها بعد، فهو يهدف إلي أن تكون سوريا نقطة التقاء كل الإرهابيين في العالم وخصوصا أفعانستان والعراق ولبنان وإيران ليقاتل تيار الإسلام السياسي السني، تيارَ الإسلام السياسي الشيعي وتظل اميركا بعيد في موقف المتفرج فقط، وبإشعال المعركة تتركهم يقضون كل منهم علي الأخر، وتكون هناك فرصة ذهبية لسحب قواتها من افغانستان والعراق وهي مرفوعة الرأس، وسقوط الإخوان ربما ينهي الحرب سريعا في سوريا ويوقف تحقيق الاهداف المرجوة من إشعالها، كما ان وقف الحرب سيوقف بيع الأسلحة لطرفي المعركة وسيوقف أمل إنقاذ الاقتصاد الأمريكي من الأزمة التي يتعرض لها.

رابعا: من الأهداف أيضا القضاء علي الجيش المصري والسوري، ففي حالة تمكن الإخوان وبقاؤهم في مصر سيطول عمر الحرب السورية وينتهي معها الجيش السوري، وعند الانتهاء من الجيش السوري سيأتي دور الجيش المصري في حرب مماثلة تقضي عليه نهائيا، وبعد القضاء على الجيش السوري والمصري وقبل منهما العراقي تصبح إسرائيل في أمن وأمان كامل.

خامسا: عملية توطين فلسطينيي غزة في سيناء ستتوقف أيضا مع انتهاء حكم الإخوان وسيضيع حلم إبعاد الفلسطينين عن غرة وتخفيف الكثافة السكانية هناك للأبد.

سادسا: الإخوان ضمنوا أمن إسرائيل لدرجة أن خط الغاز بين مصر وإسرائيل لم يفجر ولا مرة واحدة منذ تولي مرسي وفجر بعد عزلة بأيام، كما أن مرسي وقع بنفسه علي ضمان وقف حماس هجماتها، وسمح ل400 جندي أميركي بالتواجد في سيناء وهذا كله سينتهي بانتهاء حكم مرسي.

من أجل كل هذا ساند أوباما الإخوان وساند بقاءهم، وكانت التقارير الأميركية تقول أن فترة حكم الإخوان علي الأقل ستمتد من 15 إلي 25 سنة، ولكن المصريين شعب رائع ومذهل ومثقف وواعي أثبت جهل الأمريكان به وأختزل المدة في فترة سنة واحدة و48 ساعة، ليحطم كل الآمال والأهداف الأمريكية الإسرائيلية، ولا عزاء لأوباما، مع تمنياتنا له بالنجاح في إيجاد طريقة يحقق بها أمن أمريكا القومي بعيدا عن مصر والمصريين، وحتي لا يكون خراب مصر وتقسيمها وقتل شبابها هو ثمن تحقيق هذه الأهداف الأمريكية.