سنة مرت على تولي الرئيس محمد مرسي مقاليد الحكم، في بداية عهده كان الحماس واضحا عليه بانه يريد تغيير الوضع الذي استمر اكثر من ثلاثين عاما من الدكتاتورية والفساد، هكذا كان امل الشعب المصري بكل فئاته المعارضة والمؤيدة له، واعطائه فرصة من اجل خلق واقع جديد.

الانتقادات كثيرة لحكم الاخوان المسلمين برئاسة مرسي، البعض يأخذ على هذا الحكم عدم تحقيق اي تقدم في تغيير الوضع الاقتصادي المتردي، وهذا ما عبر عنه عمر موسى الذي قال ان الصراع في مصر ليس على السلطة، وما يحدث في مصر هو نتيجة الوضع المتردي.

البعض الاخر ينتقد توغل الاخوان في الحكم ومحاولة السيطرة على كل السلطات وفرض ايدولوجيتهم على جميع مناحي الحياة في مصر وممارسة القمع الفكري، وتهميش القوى الحقيقية التي قامت بثورة الخامس والعشرين من يناير، التي هدفت الى تغيير ملموس في المجتمع ولم تأخذ دورها في عملية التغيير الديمقراطي، وتشعر بأن ما حصل ليس ما حلمت به وطمحت اليه، وهذه المتغيرات التي حدثت في مصر لم ترقَ الى تأسيس وخلق مجتمع ومؤسسات مدنية حرة قادرة على ممارسة حريتها بالشكل الصحيح، ولذلك بدأت هذه القوى التي هُمشت بالتحرك.

واخرون يرون بأن لا شيء تغير بالنسبة للعلاقات مع اسرائيل على الرغم من ان الكثيرين كانوا يأملون بالغاء او تعديل معاهدة السلام المذلة، الا ان شيئا من هذا كله لم يتحقق.

القوى المعارضة على ما يبدو اعطت الرئيس مرسي مدة سنة حتى ترى ما حققه ولم يحققه من حكمه، ولكن حسب المعارضة لم يحقق مرسي اي انجازات فعلية تذكر، لذلك قررت المعارضة النزول الى الشوارع والميادين بالملايين وباعداد غير مسبوقة في الذكرى السنوية الاولى من اجل الاحتجاج على سياسته، واجراء انتخابات رئاسية مبكرة وذهبت المعارضة ابعد من ذلك وتطالب باسقاطه ورحيله، لكن سيكون من الصعب تحقيق هذا الهدف لسبب بسيط وهو ان مرسي سيتمسك بكرسي الحكم مهما كان زخم التظاهرات، بحجة انه أتى من خلال انتخابات شرعية وديمقراطية، وطبعا سيكون الخارج داعما له في هذه المسألة.

ان القوى الخارجية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية لم تعد تعبر عن خوفها من الاخوان المسلمين كما كان الوضع عليه قبل الربيع العربي، لأن امريكا اختبرت سياسة الاخوان التي تمثلت بالتقرب والتعامل مع امريكا واتباع نفس السياسة المهادنة لإسرائيل.

من مصلحة الولايات المتحدة التي دعت على لسان رئيسها باراك اوباما الى الحوار بين الاطراف وعدم استعمال العنف، لان ذلك سيؤثر على دول الجوار، وهذا الجوار بالتأكيد اسرائيل، فامريكا ستدعم مرسي الذي اصبح معروفا بتقربه من امريكا كما كان حسني مبارك، ولكن الخوف هو من القوى الجديدة التي من الممكن ان تسيطر على الحكم في مصر، ولكن في حال لاحظت امريكا ان الشعب مصمم على التغيير وان الامور ستتجه نحو الصدام العنيف ففي هذه الحالة من الممكن ان تتخلى عن مرسي كما تخلت عن الرئيس السابق حسني مبارك وذلك حفاظاً على مصالحها.

من المعروف ان مصر اثناء ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 كادت تنزلق الى حرب طويلة لولا تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا سيحصل في حال اصرار مرسي بعدم تقديم اي تنازل في مسألة الانتخابات المبكرة أو التنحي، من غير شك ان المعارضة التي تعتمد على دعم الشارع لن تنهي هذه التظاهرات بشكل سريع دون تحقيق اهدافها لان ذلك يعتبر هزيمة لها.

لكن الخوف هو من انزلاق هذه التظاهرات المؤيدة والمعارضة الى العنف الذي قد يؤدي الى حرب اهلية، وان الجيش المصري الذي يراقب الوضع عن كثب وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه لانه غير معنى بالتدخل لصالح أي طرف من الاطراف، لان تدخله قد يؤدي الى دخوله في أتون الصراع بين المعارضة والنظام، ولكن تدخله ضروري من أجل حماية الامن والمؤسسات وعدم السماح بالتخريب.

المعارضة تدعو الى مليونيات اخرى، واستمرارها بالتظاهر حتى اسقاط مرسي، ومن غير المعروف كيف ستنتهي هذه الاحتجاجات في ظل تعنت مرسي في عدم تقديم اي تنازلات، واصرار المعارضة على عدم انهاء الاحتجاجات الا بتحقيق اهدافها.