سربست بامرني

&

تناقلت صفحات الويب المختلفة تصريحات للإعلامي المصري المعروف محمد حسنين هيكل يشن خلالها هجوما عدوانيا يفتقر للحد الادنى من الاتزان والشعور بالمسؤولية ضد الشعب الكوردي وقضيته العادلة وضد السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان العراق.

تصريحات هيكل غير المتزنة لا تمثل اعتداء سافرا على الكورد والسيد رئيس الاقليم الذي يقود حاليا القوات الكوردية ضد الارهاب الدولي فقط وانما هي اساءة بالغة للدولة العراقية التي يشكل الكورد فيها ثاني اكبر قومية رئيسة في البلاد و يمثل السيد البارزاني رئيس الاقليم احد قادة البلاد الاساسيين قانونا ومن المفروض ان تستدعي الخارجية العراقية السفير المصري على ذلك.

تصريحات هيكل لم تسيء الى الكورد والبارزاني بقدر ما اساءة الى التآخي العربي الكوردي والنضال المشترك ضد المستعمرين والى القومية العربية و رائد نهضتها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي ساند حركة التحرر الوطني الكوردي وافتتح اول إذاعة كوردية في القاهرة وكان اول زعيم عربي استقبل الزعيم الكوردي الراحل مصطفى البارزاني في طريق عودته من الاتحاد السوفيتي السابق الى العراق بعيد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 ومصر بالذات كانت الدولة المبادرة لعقد مؤتمر للعلاقات العربية الكوردية في القاهرة حيث تشرفت بالمشاركة فيه عام 1998.

تصريحات هيكل اساءة الى الجارة ايران والى العلاقات العربية الايرانية وكشفت عن جهل مطبق بالعلاقات التاريخية العراقية عموما والكوردية خصوصا بالجارة ايران وايضا بمجريات الامور والدور الايراني في تقديم المعونة الفورية لشعب وسلطات اقليم كوردستان العراق ومساهمة ايران الحاسمة في التصدي للإرهاب العالمي المتمثل بالدولة الاسلامية ومن المؤكد ان السيد هيكل لا يعرف حقيقة ان القوات الجوية الايرانية كانت اول من شارك في الدفاع عن الاقليم حتى قبل مشاركة التحالف الدولي في ذلك او ربما لا يريد ان يعرف.

هيكل اساء ايضا الى المملكة العربية السعودية التي يحلم كما ورد في تصريحاته باتفاقها مع ايران برعاية ومباركة امريكية ولتجتمع اكبر قوتين اقليميتين مع اكبر قوة دولية لتوقف ما يسميه تمدد مسعود البارزاني ! وأين ؟ في دهوك ونينوى وسنجار!

بغض النظر عن الحماقة في هذا التخريف الذي يصور تحرير المناطق العراقية من سطوة الدولة الاسلامية وارهابها بالامتداد العنصري فهو ينم عن جهل كبير بالتاريخ المعاصر وبالعلاقات السعودية مع الشعب الكوردي وقواه السياسية الرئيسة والتي كانت دائما وثيقة وجدية و ثابتة.

السعودية على سبيل المثال كانت على الحدود العراقية التركية خلال الهجرة المليونية لأبناء الشعب الكوردي عام 1991 وكان السفير السعودي آنذاك الدكتور عبد العزيز خوجه الذي تشرفت بمعرفته يشرف شخصيا على ايصال المساعدات الانسانية السعودية للمواطنين الكورد وكان الدكتور خوجه حلقة الوصل بين القيادة السعودية والزعامات الكوردية وفي مقدمتهم الرئيس جلال الطالباني

ابواب السعودية كانت مشرعة امام الكورد احزابا وتنظيمات وقيادات وحتى افراد وللتأريخ اذكر ان من بين اصدقاء الكورد الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي وزير الشؤون الاسلامية في التسعينات والذي كان يؤكد في كل لقاء معه حرص القيادة السعودية على تقديم العون للكورد وتأييدهم لنضاله المشروع ولعل من المفيد ان انهي سرد هذه التجربة الشخصية التي كنت شاهدا عليها بموقف المغفور له الشيخ عبد العزيز الباز مفتي الديار السعودية الذي اختار رؤيتي في موسم الحج لعام 1994 من بين العديد من كبار الساسة و قادة الدول الاسلامية الذين كانوا قد طلبوا مقابلته وفقط بسبب تعاطفه مع الشعب الكوردي كما قال لي نصا واضاف بان المرة الوحيدة التي حرر فيها المسلمون مدينة القدس كانت على يد القائد الكوردي المسلم صلاح الدين الايوبي.

الامتداد الذي يشكله البارزاني هو امتداد عراقي بامتياز امتداد لكل مكوناته الوطنية ضد الهمجية والتخلف والارهاب الذي يهدد العراق والمنطقة والعالم المتحضر وهو امتداد يدفع ثمنه ابناء كوردستان الى جانب بقية مواطني العراق من اجل عراق ديموقراطي مزدهر ينعم بالحرية والسلام والتقدم وليس من اجل ترسيخ مفاهيم الاستعلاء القومي والاستعمار الاستيطاني وثقافة الغاء الاخر التي يبشر بها هيكل وامثاله الذين يشكلون اليوم عقبة حقيقية في طريق تحرر ونهوض وتقدم الامة العربية.

[email protected]