&بعد أكثر من عقد من الزمن أثبتت التجربة العراقية بإنها إحدى أكثر التجارب فشلاً في التاريخ الحديث، كما أثبتت التجربة الأميريكية في العراق والتي استندت على نظرية معينة وهي (الفوضى الخلاقة) بأنها تجربة قذرة لم تأخذ بالحسبان حالة التوازنات القائمة ولم تأخذ أيضاً في الحسبان النتائج المترتبة على هكذا فوضى سخيفة، وأقصد بالنتائج (الدماء التي سالت وتسيل وكل هذا الخراب البشري والتقهقر الأخلاقي وانهيار الدولة بالكامل).
&لقد جعلت الولايات المتحدة مصلحتها فحسب نصب اعينها، والمعروف ان اية دولة لها الحق في مراعاة مصالحها من جراء عملية تغيير كبيرة كما حدث في العراق، لكن يفترض لإستدامة ضمان تلك المصالح التدشين لمشروع بناء من شأنه اعادة تأسيس الدولة المنهارة، لكن اميريكا لم تفعل ذلك بل ساهمت في اضافة خراب الى الخراب وهي المسؤولة عن جعل الدولة العراقية عبارة عن مركب فيه الاف الثقب وذلك بسبب من سياساتها الغامضة والطارحة من أخلاقياتها شيء اسمه (الإنسان) بخاصة في عهد ادارة باراك اوباما.
&المعروف ان عمليات البناء الكبرى تكون على حساب عمليات الهدم الكبرى، لكن – ويا للأسى- فان عملية الهدم الناتجة من الفوضى الخلاقة الاميريكية وكذلك بسبب السياسات الرعناء والطائشة لنظام صدام حسين الديكتاتوري ومن ثم فساد الحكومات والأحزاب والاقطاعيات السياسية التي حكمت العراق بعد سقوط نظام صدام لم تتمخض عن عملية بناء بل اضافت هدماً الى هدم وخراباً الى خراب وبؤساً الى بؤس.
&لندع الحديث عن سياسات وطيش النظام السابق ولندع الحديث عن اميريكا جانباً، ونوجه السؤال الى الاقطاعيات السياسية الحاكمة منذ 2003 والتي تحكم في بغداد،ونناقشها في استراتيجيتها... أية استراتيجية تؤمن بها هذا الإقطاعيات السياسية غير الفساد والخراب الشامل ؟
&أين هي عملية البناء التي تتحدث عنها هذه الاقطاعيات الحاكمة؟ وأين هي الجوانب المشرقة التي يطالبوننا ان نتحدث عنها ونشير اليها في طروحاتنا... هل الجانب المشرق قابع في دهاليز وظلمات مجاري المياه في بغداد الغارقة وفي خرائب مدننا وفي قطاعنا الزراعي المدمر، وفي مستوى التعليم ومستوى الخدمات الصحية وباقي الخدمات أم في أرصدة الطبقة الجديدة من المسؤولين ومقاطعاتهم من الأراضي والعقارات والشركات.
اننا نعيش خراباً بيئياً ضخماً... نعيش خراباً بشرياً مهولاً.
لا استراتيجية لهذه الحكومات التي تحكم بغداد سوى استراتيجية الخراب الشامل... وأي حديث عن أي إصلاح هو محض ضحك على الذقون أو خداع للنفس.
التعليقات