البحث عن الندرة. من التعاريف المختصرة للإقتصاد و التي تحمل الکثير من المعاني و التأويلات، هذا التعريف، تذکرته وأنا أتابع منذ أشهر طويلة حرب الاتهامات المتبادلة بين دول المنطقة بشأن التعامل مع تنظيم الدولة الاسلامية"داعش"، وشراء النفط منه، والحقيقة إنه ومن کثرة تبادل الاتهامات و الادوار، صارت قضية شراء نفط داعش مثل"مابين حانە و مانە ضاعت لحانا" فصار من النادر أن تجد إتهاما يمکن تفنيده و تکذيبه فالکل لديه أدلته و مستمسکاته و من الصعب في هکذا وضع"البحث عن الکذبة"!

إنطلاق و ظهور هذا التنظيم المتطرف من أساسه، قصة في حد ذاتها، قصة تٶکد مدى وضاعة و حقارة و دناءة السياسة الدولية و الاقليمية على حد سواء من حيث إسترخاصها لکل شئ في سبيل تحقيق أهدافها و مراميها المختلفة، ذلك إن هذا التنظيم الذي هولوا من أمره کثيرا و جعلوه بعبعا و أسطورة لم تتمکن لا الولايات المتحدة الامريکية بتحالفها الدولي الطويل العريض و لا الجمهورية الاسلامية الايرانية بقاسم سليمانيها و الجماعات الشيعية التابعة لها و لا روسيا ببوتينها الذي يعود کل يوم للسلطة بصورة جديدة، من قهر هذا التنظيم و القضاء عليه.

مرة يقال بإن تجارh إيرانيين و بعلم طهران يشترون نفط داعش، وتارة أخرى يقال بأن تجارا من إقليم کردستان و بعلم الحکومة الاقليمية يشترون هذا النفط و حينا يقولون بأن ترکيا هي من تشتري هذا النفط و ترکيا تقول بإن روسيا متورطة في شراء نفط داعش، وهکذا دواليك فالکل يٶکد بإن لديه أدلة و وثائق و مستمسکات على مايقوله، فمن الکاذب من بينهم؟ ولاأقول من الصادق لإن في هذا الزمن لاوجود للصادقين وإنما هناك کذب فاحش الى أبعد حد ممکن!

الحرب على تنظيم داعش و الذي قادته واشنطن ببعدها الدولي و قادته طهران ببعدها"الشيعي"، تبدو وکأنها حرب تدور في حلقة مفرغة، ومع إن الحديث الشريف قد أکد بإن"الحرب خدعة"، لکن التصريحات و المزاعم التي تم إطلاقها بشأن تحقيق إنتصارات ضد هذا التنظيم و الفتك بقادته ولاسيما"أبو بکر البغدادي"، جرت کلها بنسق غير من مفهوم ذلك الحديث الى"الحرب کذبة"، فقد فاقت الکذبات التي أطلقت في الحرب ضد داعش ماقد أطلقه وزير الاعلام النازي غوبلز، والمثير للسخرية إنه وفي الوقت الذي کانت تجري فيه الاستعدادات لتحرير الموصل من داعش، فوجئ العالم کله بإستيلاء داعش على الرمادي أيضا، فهل إن داعش هو التنظيم الذي لايقهر؟

داعش ليست بنفطها"السکري" الذي جعل کل هذه الدول تتهافت کالذباب عليها، وإنما هو لأمر آخر حيث إن المهمة التي يقوم بها داعش هي مهمة إستثنائية ستتوضح خيوطها الحقيقية بعد أعوام و سيتوضح أن جميع من شارك أو ساهم في توفير الارضية و المناخ المناسب لهذا التنظيم کي يستمر و يتوسع، إنما کانوا کالعبد المأمور، رغم إننا نميل الى حقيقة القول وبالاستناد على العديد من الادلة و الوقائع بإن هنالك أربعة دول إستفادت کثيرا من إنطلاقة داعش و بروزه وهي على التوالي و بحسب درجة و مقدار الاستفادة: إيران، سوريا، ترکيا و الولايات المتحدة الامريکية.