من يتذكر اليوم تفجير الحلة، جنوب بغداد، الذي راح ضحيته مائة وخمسين قتيلا ومائتي جريح ممن كانوا متجمعين امام مركز طبي طلبا للعلاج او العمل، والذي قام به الانتحاري الاردني رائد منصور البنا من مواليد 1973 في 28 شباط 2005، من يتذكر اليوم ماذا فعلت عائلة الانتحاري المجرم في مدينة سلط الاردنية، انهم اقاموا له عرس شهيد حيث وقف والد الانتحاري المجرم يتقبل التهاني بكل فخر واعتزاز. من يتذكر اليوم تفجير فندق راديسون ساس والذي كانت ساجدة الريشاوي احدى المرشحات للتفجير نفسها فيه؟ لا احد، لماذا لان ذاكرة بعض الشعوب قصيرة ومبتلية بمرض التبرير. ومن يتذكر اليوم خروج اهل معان في 14 حزيران 2014 لدعم ومساندة ما يسمى الدولة الاسلامية؟

يا ترى هل ان كل الناس اصابها داء النسيان، ام انها تعيش الدعم والمساندة والاستنكار والرفض ولنفس الجهة في ان واحد. اننا احترنا فيكم ايها الاخوة من ابناء الاردن وغيره ممن يدعم الارهاب ولكنه يستنكره حينما يقترب منه؟ اين كان استنكاركم اذا ايام الذبح، وهل قامت اليابان بغزو بلادكم او استعمرتكم لكي تسكتوا وتصمتوا عن ذبحهم كما قلت في المذبوحين الامريكان والاوربيين؟ ولو كان الرد على الاستعمار الذي تدعون به او الاحتلال الذي تكذبون انفسكم به، بهذه الصورة، ماهو العدد الذي كان على الصين وكوريا وفليبين ان تذبحه من اليابانيين؟ لقد هللتم لتفجيرات الحلة لانها اصابت الشيعة، وبررتم ذلك بمحاربة الاحتلال! اي عمى بصر وبصيرة هذه التي تبررون بها افعالكم الدنيئة، وقد سكتم عن الذبح وبررتموه بانهم من الاجانب المحتلين او العاملين لمصالحه، ما رايكم لو قام العالم واعلن الحرب عليكم ولم يستثنى صغيرا ولا كبيرا، ماذا ستكون ردة فعلكم، هل ستقولون اين المجتمع الدولي؟ بالامس قال نبيل العربي الامين العام لجامعة الدول العربية، انه يستنكر موقف المجتمع الدولي الساكت عن الارهاب وقتل الطيار الاردني، ولكنه لم يقل هذا حينما ذبح قبله يابانيين وقبله غيرهم فرنسيين وبريطانيين وامريكيين، لماذا، ولم يقله حينما قتل وشرد الازيدية والمسيحيين في العراق؟ هل لان الطيار انسان والاخرين لا؟ ام ان المسألة الواضحة هي انه مسلم والاخرين لا، فاي استنجاد تستنجدوه بالمجتمع الدولي؟ نبيل العربي قائد وامين عام لمنظمة من منظمات المجتمع الدولي وتكون حوالي من 22 دولة اي ما يقارب 11 بالمائة من المجتمع الدولي، يستنجد بالمجتمع الدولي، حينما يحرق طيار اردني ويصمت ويسكت حينما يقول الازهر لا تكفير لمسلم مهما فعل، ولكن الازهر او بعضه يطالب بعد احراق الطيار الاردني بقطع ايادي الارهابيين اي تناقض هذا؟ انها رائحة كريه فاحت ولن يمكنكم ازالتها بعطور مزيفة مثل انه لا يمثل الاسلام. وهناك لمن يريد المشاهدة افلام وبصوت وصورة ائمة لهم باع طويل في الدعوة الى الدين، يبررون ما يفعله داعش ويؤكدون انها من الاسلام. نعم يستنجدون بالمجتمع الدولي وهم لا يقرون باغلب ما اقره المجتمع الدولي من القيم الانسانية المشتركة بحجة الخصوصية الاسلامية، وكان الصين واليابان وافريقيا وروسيا واميركا الجنوبية لا تمتلك خصوصيات حضارية.

لقد تغلغل الاخوان المسلمون الى كل مكان، ومن حطب الاخوان يتم اشعال نيران القاعدة وداعش وبوكوحرام، انها استمرارية واحدة، فالاخوان تمكنوا بفعل اموال اغدقت عليهم بغفلة من زمن، ان يرشوا الكثير من المثقفين ودسوا سمومهم في الحياة الثقافية والفنية وبعد ذلك استولوا على المجتمع لان قادة الدول القائمة كانوا مشغولين بالاحتفاظ بكراسيهم، فسلموهم المجتمع وسمحوا لهم بان يديروه حسب رغباتهم وتطلعاتهم، فشاهدنا الفتاوي تنهال في كل جانب، في زمن كان الناس كلهم يمارسون كل اعمالهم بصورة طبيعية ولا يحتاجون لاي فتوى الا في حالات قصوى، شاهدنا وفجاءة تغيير في عقارب الساعة وهي تتراجع ليس الساعة بل التقاويم السنوية ايضا، لنرى اناس جدد تحتاج الى فتاوي في كيفية دخول حمام او المراحيض كما يقال عراقيا. مجتمع انقلب على ذاته بمشاركة سلطة لم تتطلب الا ان تكون قائمة وليذهب الوطن والمجتمع الى الجحيم. وهكذا وبسهولة تامة تم تكفير المجتمع والكثير من اعمدة المجتمع، وصار كل من لا يقر بما تقره الاسلاموية الحديثة المدعومة من الاخوان، متهما.

&اولى خطوات الاصلاح يجب ان تبدا بحضر جماعات الاخوان المسلمين حذرا تاما، او تحييد نشاطها وجعله نشاطا خيريا دعويا حصرا، ولا علاقة له بالحرام والحلال ولا بالسياسية والاحزاب. انها خطوة واجبة التنفيذ ان رغب في العودة الى الاستقرار والقضاء على كل هذه الجماعات العابثة بمستقبل الشعوب و الاوطان، ان الغاية ليس الحجز على الحريات، ولكن قتح الافق امام الناس لكي تعيش ولكي تجتهد ولكي تحدد اولياتها ولو على نطاقهم الشخصي، لان هذه الجماعات ادخلت كل القرارات في خانة الحلال و الحرام.

الذي استنكر مقتل الطيار الاردني لانه مسلم، لم يرتق الى مستوى الحدث، لا بل هو بؤرة ارهابية يجب الحذر منها، انه يفصل بين الناس حسب اديانهم، انه يقول ان الكل يستحقون القتل ذبحا وحرقا وباي شكل مادموا غير مسلمين، اليست هذه الرسالة، وهل في هذه الرسالة الا ارهاب كامل؟ وهل يمكن المطالبة بتدخل المجتمع الدولي والناس تحمل مثل هذه المفاهيم الخاطئة عن قيمة الحياة الانسانية؟ ومع ذلك المجتمع الدولي يحاول التغاضي عن كل الامور، ليس خوفا من تمدد داعش والقاعدة، لا بل خوفا من وصول الدماء القتلى في التصفيات الدينية بين المختلفين من نفس الدين الى درجة تنذر بحرب دينية تشمل كل ما يسمى العالم الاسلامي.

ان مجتمعاتنا باتت بحاجة ماسة الى ثورة فكرية تعيد المسار الى بداية الخمسينيات، الى ما قبل انقلاب جمال عبد الناصر، الى زمن وحقبة كانت تؤسس لمجتمع مدني، لمجمتمع تتم ادارته من قبل النخب التي تحسب حساب لكل شئ وتضع الاحتمالات المختلفة في الميزان،وليس الى ثوار يسلقون حلول، قد ترضى الناس انيا ولكنها تأتي بكوارث مستقبلية. نخب ليس همها التهييج وصنع العداوات والحروب من خلف المحيطات من قبل دولة تستورد من الابر للطيارة، بل البناء الاجتماعي السليم والعلمي المنتج والتربوي التنويري. ان مجتمعاتنا لن يتم انقاذها، الا حينما يكون دور الدين الدعوة الى القييم الصالحة وليس القتال، القيم التي تزرع المحبة والسلام والالتزام بالقانون، واحترام الانسان لانسانيته.

ان القيادات التي لا تزال تتمسك بان الاسلام برئ من كل ذنب او انه لا ضرورة لاعادة النظر فيه، او ان داعش والقاعدة وبوكو حرام وحماس والذين يقتلون الشيعة والمسيحيين في باكستان لا يمثلون تيارات في الاسلام، هم قيادات جبانة، يجب ان ترتقي الى مستوى اقوال الرئيس المصري السيسي على الاقل حينما طالب بتنظيف الاسلام من الموروث العجيب والغريب من الفتاوي التي لا تعقل، بل تخلق العدوات بين افراد المجتمع.&

&