يمكن القول بيقين ثابت أن بغداد هي العاصمة الوحيدة في الكون منذ الخمسينات وحتى السبعينات من القرن المنصرم سجلت اجمل صورها وبعدها دخلت مرحلة التراجع وممكن القول ودون تردد ان بغداد منذ اكثر من ثلاث عقود تعيش عصرهاالكئيب المتخلف بكل شيء. فمنذ أن وطئتها أقدام أبناء القرى النائية ليشكلوا عصابات حكم اقرب للمافيات منها لبناء الدول وبغداد تترنح بعصرها التخلفي في كل شيء.

بعد نيسان 2003 كان لدى (الجماعة ) الجدد حكما سلبيا مسبقا على هذه العاصمة التاريخية حيث تم استدعاء صور ونماذج وأحداث تاريخية معينة أكثرها جرت بعصر الدولة العباسية لتكون حافز لديهم لمحاربة بغداد واهمالها وحقيقة الامر كانت تلك طامة كبرى سمعتها بنفسي من بعض المستويات المتقدمة الرسمية في العراق.

اما على مستوى مجلس محافظة بغداد وأمانة بغداد فيكفي لأي مراقب مطلع ومتابع أن يشخص الكارثة التي حلت بالعاصمة من خلال الاسماء التي كانت تهيمن على مقاعد حزبية كأعضاء لهذه المجالس او من خلال منصب رئيس مجلس بغداد او منصب امين بغداد، لذلك تعمقت جروح بغداد وأصبحت مدينة هرمه تعاني من التناقضات العلنية والتخلف الذوقي وفقدان الهوية المعمارية وفقدان روحها الجميلة ناهيك عن غياب الخدمات الاساسية والفساد الاداري.&

اليوم أصدر مكتب رئيس الوزراء قراراً باعفاء أمين بغداد الجدلي الغريب عبعوب وتعين هذه المرة سيدة لهذا المنصب الخطير بالفعل، وليس انتقاصا من شهادة او موقع هذه السيدة لكن أتصور أن تعيينها في هذا المنصب يحمل في جوانبه عدة أمور ومن زوايا عدة. قد تكون أولها ان منصب الامين ليس منصبا مكتبيا بل في بغداد يجب ان يكون منصبا ميدانيا وبأدق التفاصيل بمعنى ان يسكن الامين الشارع وليس مكتبه. ثم ان امانة بغداد من اكبر وأكثر الدوائر التي يستوطنها الفساد الاداري وبتغير الامين لن تتغير معه طواقم ادارية وفنية كبيرة ومتشعبة قد تربت في كنف هذا الفساد مدعومة بطبقة من (المقاولين السياسين ) لذلك لن يمكن للسيدة ذكرى علوش ان تجتاز هذه العوائق حتى ولو دخلت معها الفرقة الذهبية نفسها الشهيرة بقوتها بالعراق. وهذا يقودنا الى ثالثآ قد يكون البعض اراد هذه السيدة لتمرير الامور حسب مصالحه دون اعتراض.

وجانب أخر ان الذي عين السيدة ذكرى علوش يبدو انه كثير المطالعة والاهتمام بقراءة الصحف الغربية بصورة عامة والانكليزية بصورة خاصة لذلك ينتظر بلهفة ان يكتب مثلا (تم تعين سيدة لأمانة بغداد في زمن الحكومة الجديدة وزمن أبو بكر الارهابي).

ان بغداد عاصمة تاريخية وفيها من العمق الإنساني والعربي والاسلامي مايجعلها ميزان المنطقة ومن خلالها للعالم لذلك بغداد تستحق ان تستعيد هويتها المعامرية وبصماتها التاريخية الكبيرة بعيدا عن التهجين والتخلف الذوقي في البناء والإعمار والخدمات هذه اذا تواجدت اصلآ !

لذلك توريط السيدة ذكرى بهذه المهمة العصيبة هي الفنطازيا والنرجسية بعينها التي تلامس المستحيل وهذا ليس انتقاصا من امكانيات هذه السيدة بل قراءة ومعرفة حقيقية من العمق لحجم الخطر التخريبي الذي يستوطن بغداد ويقف عائقآ امام اعمارها وتطويرها حتى اصبحت بغداد لقمة سائغة على مائدة اللئام الفاشلين المختلسين.

لذلك بغداد اليتيمة تنتظرها أشواط اخرى من التبني الذي يفتقد للمهنية والحزم والإدارة الناجحة.

&

[email protected]