&
في رسالته الجوابية الحاسمة، رداً على كتلة الإتحاد الوطني الكردستاني، بخصوص ما يتعلق بقضية قائد "قوة حماية شنكال" يبدو السيد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني واضحاً من لهجته التهديدية، أنه شخصياً من أمر بإعتقال ششو، وأن هو من يتابع هذه القضية ويقرر ويحكم ويفصل فيها دون أي أحد آخر. فالقضية بحسب بارزاني ليست "حزبية تخص حزب بعينه" (حزبه الديمقراطي الكردستاني بحسب مصادر شريكه الإتحاد الوطني الكردستاني"، وإنما هي مسألة تخص "الأمن القومي الكردستاني".
بارزاني يسوق في رسالته سلسلة من الإتهامات إلى ششو و"قوة حماية شنكال"، منها "تشكيل قوة غير شرعية ضد القانون"، و"تلقي أموال من جهات أخرى"، و"الدعوة إلى بناء إدارة أخرى بعلَم آخر"، و"تنفيذ أجندات مؤامرة قديمة"، كلّ ذلك "دون أخذ أي اعتبار لسلطات الإقليم" ما يعني "تهديداً أكيداً" ل"الأمن القومي الكردستاني" بحسب بارزاني.
يتحدث بارزاني عن ششو وقوته الإيزيدية، وكأنّه "دخيل" على العراق وكردستان(ه) و"قوة الإيزيديين" هي "قوة أجنبية دخيلة عميلة"، الهدف منها "النيل من إرادة كردستان وسلطاتها، الأمر الذي يقتضي ضربها بأيدٍ من حديد، و"تصفيتها" و"إعدامها" عن بكرة أبيها، كما يُفهم من رسالته، التي يريد أن يبعث بها إشارات واضحة إلى جميع الإيزيديين:&
إخضاع الإيزيديين "الكرد الأصلاء" ب"العصا" لسلطة حزبه ك"سلطة أمر واقع" في شنكال منذ سقوط الصنم في نيسان 2003 حتى سقوط شنكال في الثالث من أغسطس الماضي، أو "المواجهة".
ولكن السؤال ههنا، هو: لماذا يخاف بارزاني الإيزيديين ويحسب حساب شنكالهم الآن أكثر من أي وقتٍ مضى؟
لماذا تحوّل ششو إلى رقم صعب في معادلة "الأمن القومي الكردستاني"؟
لماذا يريد بارزاني "تصفية" قوة الإيزيديين، التي من المفترض بها أن تكون قوتهم قوةً لكردستان، ونصرهم نصراَ لكردستان؟
كل ما ساقه بارزاني من مبررات لا تقنع أمياً يكاد يفك الحرف في السياسة. أنها اتهامات باطلة لا أساس لها. البيان لم يأتِ ركيكاً في مبرراته وحجه واتهاماته فحسب، وإنما أيضاً "ركيكاً" في لغته، كما هو واضح من أخطائها التي لا تليق ب"رئيس" لكردستان.&
يوجه بارزاني التهم إلى "قوة حماية شنكال" وقائدها وكأن الأخير هو "بعبع" كردستان وأن الإيزيديين تحوّلوا بين ليلة وضحايا من "أكراد أصلاء" إلى "أعداء أو عملاء أصلاء".&
إذا كان السيد ششو "خطراً على الأمن القومي الكردستاني"، فما هو محلّ قادته الميدانيين الذي انسحبوا "انسحاباً تكتيكياً" من شنكال خلال ساعة، بصفر مقاومة وصفر شهيد وصفر جريح، ما أدى إلى قيام الفرمان ال74، في هذا "الأمن القومي"؟
ايهما أخطر على أمن كردستان، حيدر ششو الذي تصدّى لعشرات الهجمات الإرهابية من قبل داعش واختار خيار المقاومة دفاعاً عن "كردستان شنكال" و"أكرادها الأصلاء" وعمّا تبقى من وجودهم المهدد بالمحو عن بكرة أبيهم، أم قادته "المنسحبون التكتيكيون"، الذين سلّموا شنكال إلى داعش على طبق من ذهب، و"شيوخ القتل" المبايعين لداعش، والذين يقيمون في نعيم هولير؟
رئاسة إقليم كردستان تتوعد بمحاسبة ششو طبقاً ل"القانون". لا أدري عن أي قانون يتحدث سيادة الرئيس الذي أدخل كردستان في "أزمة قانونية ودستورية" للمرة الثالثة لى التوالي، لتمديد رئاسته، غصباً عن رأس القانون ومن خلق القانون؟&
كيف ستحاكم هولير شنكال و"قوة حمايتها" بقانون كردستان، والجميع يعلم أنّ شنكال لا تزال تتبع إدارياً لسلطة الحكومة المركزية بحسب المادة 140 من الدستور العراقي؟
أيّ قانون هو هذا، الذي يُسمى "قانوناً"، يحاكم الضحية بدلاً من الجلاّد؟
&
إشراف بارزاني شخصياً على ملف ششو و"قوة حماية شنكال" يعني أنّ القضية "كبرت" وأنّ بارزاني أصبح أمام خيارين أحلاهما مرّ:
الأول، تصفية قوة حماية شنكال ب"التي هي أحسن" ومقايضتها بإطلاق سراح قائدها حيدر ششو.
الثاني، الدخول في مواجهة مفتوحة مع الإيزيديين.
الأول مستعبد، لعدة أسباب، منها أنّ هذه القوة أثبتت نفسها في الوجدان الإيزيدي بأنها قوة إيزيدية، ولن تتنازل بسهولة عن أهدافها كقوة لحماية الإيزيديين، هذا من جهة، أما من الجهة الأخرى فإنّ بارزاني لن يكررّ خطأ حزبه الذي ارتكبه في سبعينيات القرن الماضي مع أحد ابرز الكوادر الإيزيدية في الأتحاد الوطني حسين بابا شيخ، خصوصاً وأن ششو هو مواطن ألماني، تدخلت الحكومة الألمانية ومستشارتها أنجيلا ميركل، ووسائل إعلامها على خط الأزمة بقوة، مطالبةً رئاسة الإقليم توضيح أسباب اعتقال مواطنها.&
وجود ششو المطلوب الإيزيدي الأول لدى داعش، في معتقلات رئاسة إقليم كردستان بات يهدد سمعة الإقليم ممثلةً في حزب بارزاني نفسه في الشارع الألماني بخاصة والأوروبي بعامة.
أما الثاني وهو الأكثر احتمالاً، أي إشعال "فتنة إيزيدية إيزيدية"، عبر ضرب الإيزيديين بالإيزيديين، وضرب "بيشمركته" الإيزيديين بمقاتلي "قوة حماية شنكال". وما نقرأه ونسمعه ونشاهده عبر وسائل إعلام كردستان التابعة لحزب بارزاني، من لدن "بيشمركة بارزاني" الإيزيديين، ما هو إلا مقدمة لهذا السيناريو.
التفاف الإيزيديين ليس في العراق فحسب وإنما في جميع أنحاء العالم حول "قوة حماية شنكال" وقائدها ششو، هو بمثابة "استفتاء" واختبار للوجدان الإيزيدي الذي مات فيه حزب بارزاني من دون رجعة.&
الإيزيدويون فقدوا الثقة بحزبك يا سيادة الرئيس، الحزب الذي حوّل المناطق الإيزيديين إلى "مزرعةخلفية" لكردستان، وحوّل الإيزيديين فيها إلى "دجاج كردي أصيل"، أما للبيض أو للذبح!
الإيزيدون فقدوا الثقة ب"بيشمركة"كم يا سيادة الرئيس. ومن يردد من الإيزيديين في كل مناسبة أو بدونها، أنهم "بيشمركة تحت الطلب بإمرتكم"، يكذبون عليكم يا سيادة الرئيس.. يكذبون.. يكذبون.. يكذبون.
الإيزيدويون انتظروا وعدكم الكبير لهم بمحاسبة "المقصرّين" (كما سميتهم) في كارثة شنكال وجينواسيدها، أكثر من ثمانية أشهر، لكنكّم بدلاً من تحاكموا هؤلاء الذين ينظر الشارع إليهم ك"مجرمي حرب"، بقانون كردستان، أمرتم بإعتقال أحد ابرز رموز المقاومة الإيزيدية. ما أدى إلى خيبة أمل كبيرة وفقدان ثقة "أكرادكم الأصلاء"، ليس بقانون كردستان فحسب وإنما بكلّ شيء فيها.
أمر بارزاني باعتقال ششو، هو فرمان ب"تصفية قوة حماية شنكال"، كما جاء في رسالته.&
بارزاني وحزبه يعلمان تماماً أنّ الإيزيديين خرجوا من "عنق زجاجة" كردستان التي فشلت سياساتها فشلاً ذريعاً في إعادة الإيزيديين إلى كردستان(هم) وإعادة كردستان(هم) إليهم.
بارزاني وحزبه أخطأا خطأً كبيراً بإعتقال ششو، الذي يعتبره الإيزيدية "هدية على طبق من ذهب" لداعش وأخواتها وأخوانها في كردستان وخارجها.
اعتقال ششو هو إعتقال لإرادة كلّ إيزيدي وكل إنسان حرّ، الهدف منه هو تصفية كل تحرك إيزيدي خارج عباءة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي تعامل مع الإيزيديين على مدى عقدين ونيف من فترة حكمه ك"رهائن أصلاء" في وطنهم النهائي كردستان.
بارزاني سيقف بالمرصاد ضد أي تحرك إيزيدي خارج سياسات حزبه، وسيقف بالضد من "قوة حماية شنكال" وأية قوة إيزيدية أخرى خارج فلك حزبه، ليس لأنها "خطر على الأمن القومي الكردستاني"، كما يقول، وإنما لأنها ستشكل خطراً على "الأمن العائلي لحزبه"، الذي بفقدانه لثقة الشارع الإيزيدي، سيخسر أحد أهم الأوراق التي استطاع اللعب بها ما بين بغداد وهولير.
تسويق بارزاني لقضية ششو و"قوة حماية شنكال" على أنها "خطر على الأمن القومي الكردستاني"، هو حق يُراد به باطل.
القضية بإختصار هي كالتالي:&
الإيزيديون ما بعد الفرمان ال74 ما عادوا "عصافير" في ايدي حزب بارزاني، الأمر الذي دفعه إلى تدخل مباشر منه شخصياً في القضية، واللعب بكافة الأوراق لإعادة الإيزيديين إلى "بيت الطاعة"!
فهل سينجح بارزاني في "تدجين" الإيزيديين ك"دجاج كردي أصيل" وإعادتهم إلى مزرعة حزبه الديمقراطي الكردستاني، مرّة أخرى.
&
هوشنك بروكا
&
التعليقات