في الأول من حزيران تمر الذكرى الأربعين لتأسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يشغل حاليا المركز الثالث في تسلسل القوى البرلمانية لإقليم كوردستان العراق بعد ان كان في فترات سابقة يشكل اكبر قوة منظمة في كوردستان العراق لا سيما بعد انهيار الثورة الكوردية عام 1975 اذ كان الفصيل الرئيس في الكفاح المسلح ضد النظام الدكتاتوري المقبور واللاعب الأساسي في الانتفاضة الشعبية العارمة في كوردستان ربيع 1991 والتي أدت فيما بعد الى صدور القرار الاممي بالحظر الجوي شمال خط العرض 34 وبالتالي خلق المقدمات الضرورية والظروف الملائمة لتأسيس الإدارة الكوردية بالتعاون الوثيق مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني والذي اصبح اليوم إقليم كوردستان.
الاتحاد الوطني الكوردستاني اليوم في عيد ميلاده وبوزنه المعروف وعلاقاته الوطنية والإقليمية المتشعبة يعاني من تراخي كبير وانحسار ملحوظ في دوره على الساحة الوطنية الكوردستانية والعراقية خاصة مع غياب الدور المؤثر والاستثنائي لزعيم الحزب ومؤسسه السيد جلال الطالباني الذي اقعده المرض عن القيام بدوره الحاسم في رسم سياسات الاتحاد وعلاقاته ومواقفه التي بمجموعها كرست الاتحاد كقوة رئيسة ليس في إقليم كوردستان فحسب وانما على مستوى العراق ككل.
لقد أدى غياب الطالباني الى ان يفقد الاتحاد البوصلة التي كان يتبعها والى بروز الصراعات والخلافات المدمرة التي شلت من قدراته ومن فعالية الدور الذي يمكن ان يلعبه على الساحة الوطنية رغم الشعبية التي لا يزال يتمتع بها في الشارع الكوردي ورغم كل السلبيات التي طبعت مرحلة ما بعد الطالباني وحتى اليوم.
الوضع الحالي الذي يعيشه الاتحاد والخلافات بين مراكز القوى لا يمنع عودة قوية للاتحاد فيما اذا تجاوز مرحلة ما بعد الطالباني بالعودة الى الجذور ان صح التعبير اذ عليه أساسا ان يعيد تعريف ورسم الحدود الفكرية والعقائدية الفاصلة بينه وبين بقية الأحزاب باعتباره ممثلا للطبقات المسحوقة وفقراء الريف وشغيلة الفكر والعمال والحرفيين والكسبة والمحرومين من حقوقهم الإنسانية الطبقية والقومية والإنسانية فلم يعد هناك أي فارق يذكر بينه وبين بقية الأحزاب الموجودة على الساحة الكوردية حتى في مسائل الفساد وهدر المال العام والتقصير في محاسبة المسؤولين عن ذلك.
الاتحاد الوطني في ذكرى ميلاده الأربعين يجب ان يفكر جديا في طريقة صناعة القرار بعد ان كان هذا القرار يتخذ من قبل السيد الطالباني كمؤسس للحزب وقائد يتمتع بتأييد الجميع كمرجعية وطنية واليوم وفي غياب هذه المرجعية على الاتحاد اعتماد النظام المؤسساتي لكل جوانب نشاطه السياسي والاجتماعي والاقتصادي وان تتم صناعة وصياغة القرار من خلال المؤسسات التي تمنع بروز الصراعات الى حد كبير وأيضا تتمتع قراراتها بالقوة الشعبية والتنظيمية والقبول العام والاحساس الحقيقي من قبل المنتسبين.
والمؤيدين بدورهم الفعال في صنعها وأيضا في تعزيز التزامهم الإيجابي بتنفيذها وانجراف بعض قيادات الاتحاد الوطني في الصراع الدائر حول مركز القائد الأوحد والزعيم الضرورة سيكلف الاتحاد ثمنا غاليا وقد يتراجع دوره الى دور ثانوي لا يذكر اذ ان زمن مثل هذه الزعامات الخالدة الخيالية قد ولى الى غير رجعة واي تنظيم يروم النجاح وتحقيق برنامجه لابد أولا وأخيرا ان يعتمد في صناعة القرار على المؤسسات المختصة.
ان خسارة الاتحاد الوطني الكوردستاني لدوره وثقله سيكون خسارة كبيرة للحركة الوطنية الكوردستانية وعموم الحركة الوطنية العراقية وعلى قياداته الحالية ان تعي هذه الحقيقة في ذكرى ميلاده الأربعين مع خالص التهاني.
&
التعليقات