في أسبوع واحد عادت القضية الفلسطينية إلي الواجهة بشكل ملفت&مرة علي يد حماس، واخري علي يد وزير خارجية فرنسا.

إستقطبت حماس المشهد عندما أُعلن فجأة عن سفر موسي أبو مرزوق نائب رئيس مكتبها السياسي يوم 13 إلي الدوحة ليعرض علي قياداتها في قطر ما وصف بأنه مشروع إتفاق علي هدنة بينها وبين إسرائيل لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، ومن ثم فتحت أبواب التحليل والتعليق علي مصراعيها حول اللقاء السري القصير مجهول التفاصيل الذي عقده معه نيوكلاي ملادينوف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في غزة قبل ذلك بثلاثة أيام..

وجذبت زيارة لروان فابيوس العلنية التى بدأ من القاهرة يوم 20 دوائر الإعلام العالمي لأنها سعت تحت شعار " لم يَعد ممكناً عزل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن السياق الإقليمي " إلي إستصدار قرار من مجلس الأمن يضع محددات واضحة لكلا الطرفين – الفلسطيني والإسرائيلي - تلزمهما بإجراء مفاوضات وفق جدول زمني لا يتعدي الـ 18 شهر تفضي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة كخطوة ضرورة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي..&

حماس

سارعت إلي نفي أنها اتفقت مع المبعوث الدولي علي هدنة بشكل أو بآخر " لأن مثل هذه الأمور تُمثل شأناً وطنياً لابد أن تشارك فيه كافة التيارات الفلسطينية " وقالت أن المبعوث الدولي لم يتطرق ضمن إجماعاته إلي التهدئة بصورة أو بأخري ولكنه عرض خطة لدمج موظفي حماس مع موظفي السلطة لترتيب مستحقاتهم المالية المتأخرة من ناحية، وناقش ملف توزيع الإختصاصات بينهما فيما يتعلق بالمعابر كبداية لحلحلة الإنسداد القائم بين الطرفين – السلطة الوطنية وحماس - من ناحية أخري..&

إسرائيل

كشفت مصادرها هشاشة هذا النفي، وعملت علي تسريب ما وصفته بـ " مسودة اتفاق التهدئة " الذي توصلت إليه مع حماس / غزة عن طريق طرف ثالث، ويتضمن..&

أولاً - وقف كافة أشكال المواجهات العسكرية بين أسرائيل والفلسطينين افي القطاع لمدة تتراوح بين 5 و 10 سنوات تبدأ من تاريخ التوقيع علي الإتفاق بصورة نهائية، وأن تكون منظمة حماس مسئولة عن تنفيذ هذه الهدنة والإشراف عليها..&

ثانياً - تقوم إسرائيل برفع الحصار الذي تفرضه علي القطاع بإتخاذ الخطوات التالية :

أ – فتح جميع المعابر بين الجانبين سواء كانت للأفراد أو للبضائع&

ب – السماح بإدخال كافة البضائع والمواد التى يحتاج إليها أبناء القطاع دون حظر&

ج – منح القطاع حق الإستيراد والتصدير دون عوائق&

ثالثا – الترتيب لوضع الخطوات التي إتفق عليها سابقاً لإصلاح مطار غزة و مينائها البحري موضع التنفيذ الفوري تأكيداً لما جاء في البندين أولاً وثانياً&

يلزم التنويه

أن حماس كثيرا ما رفضت الحديث عن هدنة طويلة أو قصيرة مع إسرائيل بإعتبارها تتعارض جملة وتفصيلاً مع مطلب النضال العسكري من أجل الحرية الذي تتبناه، وتدين في نفس الوقت الخطاب السياسي الذي تمثله الرئاسة الفلسطينية كلما ذكر أو أشار إلي ضرورة البحث عن حلول سياسية و دبلوماسية للقضية الفللسطينية برمتها..&

وبينما قبلت حماس في أواخر أغسطس 2014 بإقامة هدنة مع إسرائيل بعد حرب شنتها دولة الإحتلال والعنصرية علي شعب فلسطين الأعزل بالقطاع لقرابة الشهرين المتواصلين، لا زالت تقف بالمرصاد لكافة المحاولات التى تبذلها السلطة الفلسطينية لكي تفرض علي إسرائيل العودة إلي مائدة المفاوضات التى كانت تدار برعاية الولايات المتحدة و توقفت بسبب التعنت والصلف الذي يمثله بنيامين نتنياهو رئيس وزارء إسرائيل..&

لهذا حرص موسي أبو مرزوق فور صوله إلي الدوحة إلي التأكيد علي أربع نقاط رئيسية، رداً علي التقارير الدولية التي اشارت إلي امكانية أن " تنفرد " حماس بعقد أتفاق الهدنة الجديد مع دولة الإحتلال وتوقعت ان تقام " دويلة فلسطينية مؤقته " في القطاع علي حساب القضية الفلسطينية ككل، جاءت كما يلي..

ب – أنه لا مساومة علي حقوق الشعب الفلسطيني..&

ج - حماس لن تنفرد بأي قرار يتعلق بالقضية الوطنية الفلسطينية بعيدا عن الكل الوطني، اصطحاباً او مشاركة..&

د - أنه لا مبرر لموقف السلطة الوطنية الغاضب لأن ما جاء علي لسان مسئوليها محض اختلاق لأن حماس لن تبرم اتفاق بعمل علي فصل غزة عن باقي الوطن..&

وأخيراً

لم يصدر عن لقاءات ابو مرزوق في الدوحة أي بيان حتى منتصف الأحد 21 الجاري..&

فرنسا

أكد وزير خارجيتها انها لن تتخلي عن جهودها من أجل العمل علي إستعادة السلام بسبب صداقتها مع الفلسطينيين والإسرائيليين، رغم إعتراضات حكومة نتنياهو تحفظات الإدارة الأمريكية لأنه بدون ذلك سينفجر الموقف إلي مستوي لا يتوقعه أي طرف..&

ولاحظ المراقبون أنه لم يطرح مبادرات وهمية ولم يطالب بإجراء مباحثات خفية، بل عرض علي الجميع مجموعة إيجابية من الأفكار التى ستصاغ بعد عودته إلي باريس في شكل مقترح ستقوم فرنسا بعرضه علي وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي بغرض ان تصدر عنه توصية لمجلس الامن فيما بعد..&

هذا المقترح

يقوم علي تشكيل ضغط دولي من أجل إنجاح المباردة الفرنسية / الأوربية، ويطالب بأنه يعمل المجتمع الدولي علي المساهمة في دفع المفاوضات بين الجانبين إلي الأمام دائماً، ويحرص علي ان تدور المفاوضات بين الطرفين في إطار جدول زمني لا يتجازو الثمانية عشر شهراً، حول النقاط التالية..&

- توفير كافة الضمانات لأمن إسرائيل..&

- الإعتراف بحق الشعب الفلسيني في إقامة دولته المستقلة..&

- التوافق علي تثبيت السلام وفق قواعد القانون الدولي، بضمان المجلس..&

علينا أن نعترف أن..&

سوابق مثل هذه المبادرات وما تضمنته من مقترحات لم تأت بنتيجة إيجابية علي أمتداد السنوات منذ اتفاق أوسلو وحتى الأمس القريب..

وأن جميع مبادرات الولايات المتحدة المشابهة لم تصل يوماً إلي بر الأمان..&

وأن كافة محاولات الإتحاد الاوربي لأقناع إسرائيل بضرورات دعم السلام في المنطقة باءت جميعها بالفشل..

فهل يرجي من وراء المبادرة الفرنسية خير؟

نقول..&

الإدارة الامريكية التى هي علي خلاف مع رئيس وزراء إسرائيل حول سبل استعادة المفاوضات التى كانت ترعاها وتوقفت منذ حوالي العام، وتبدو غير مهتمة في الفترة الراهنة بالقضية الفلسيطينية لأنها مشغولة بملفات أخري أكثر أهمية – من وجهة نظرها - علي مستوي الشرق الاوسط الكبير، ليست بعيدة لا عن الإتصالات السرية مع حماس ولا عن فحوي المبادرة الفرنسية..&

موقف رئيس حكومة إسرائيل يمثل إنتهازية تعتبر من أهم سماته..&

لأنه من ناحية يرفض مطلب إحياء مفاوضات السلام بينه وبين السلطة الفلسطينية ومن ثم يعلن إعتراض حكومته علي المساعي الفرنسية وينفي حق مجلس الأمن الدولي ان يفرض علي الشعب الإسرائيلي شروطه، لأن القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة عن طريق الإكراه لا تحقق سلام كما قال قبل ان يستقبل وزير خارجية فرنسا.. ويبدو من ناحية أخري مؤيدا لمشروع الهدنة الذي تم التوافق عليه مع حماس عبر وسطاء كان يعلم مسبقا ما حملوه إلي قياداتها في القطاع..&

لهذا السبب ولغيره إعترض الرئيس محمود عباس علي مشروع التهدئة الذي تصمت عنه تل ابيب ووصفه بأنه يقود لأعلام دولة فلسطينية ذات حدود مؤقته، الأمر الذي يتعارض مع ثوابت النضال الشعبي الفلسطينيى ويقضي علي أمله في قيام دولة مستقلة تشمل الضفة والقطاع معا تحت علم واحد ونظام حكم واحد..&

نتساءل مع أخرين..&

هل مشروع التهدئة الذي إقتنعت به حماس، يمثل خطة لإفشال المبادرة الفرنسية التى تبنتها القاهرة وعمان وثمنتها القيادة الفلسطينية المُعترف بها؟؟ أم أنها محاولة للضغط علي رام الله لكي لا تنجر مرة أخري إلي مفاوضات ستنتهي بالفشل الذريع كما انتهت عشرات المبادرات الأخري غيرها؟؟..&

* استشاري اعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]