ليس غريبا حضور ممثلي البعثات الدبلوماسية اجتماعات برلمان أي بلد خاصة عندما تكون الجلسة مفتوحة وعلنية وتمارس مهامها الاعتيادية ولكن ان يحضر القنصل الإيراني الجلسة المنعقدة الثلاثاء الماضي لبرلمان إقليم كوردستان العراق مع مقاطعة ممثلي الحزب الديموقراطي الكوردستاني لهذه الجلسة بالذات تعني الكثير ليس اقلها حسم ايران لموقفها الحيادي عادة من الأحزاب الكوردستانية لصالح اطراف معينة منها سيما وان هناك اكثر من خلاف بين هذه الأطراف حول الدستور الاقليمي وتعديلاته وطريقة انتخاب رئيس الإقليم والصلاحيات الممنوحة له بالإضافة الى الخلاف حول العديد من القضايا كمثل البيشمه ركه وموارد الإقليم النفطية والعلاقات مع الحكومة الاتحادية والشفافية ومحاربة الفساد و......الخ
ما سبق كله لا يدعو لهذا الحضور الدبلوماسي الإيراني لهذه الجلسة ولكن ما يقلق ايران وهي التي لا تعترف بوجود مشكلة كوردية لديها ولا بأي حقوق قومية للشعب الكوردي في الجمهورية الإسلامية هو التطور الكبير الحاصل في الوضع الكوردي عموما وفي وضع إقليم كوردستان بشكل خاص من جهة و من جهة أخرى الانتصارات التي يحققها الكورد عموما ضد القوى الإرهابية و دولتهم المزعومة سواء في إقليم كوردستان او في كوردستان الغربية حيث يقف المدافعون الكورد في سوريا على بعد كيلومترات من عاصمة الدجل والشعوذة وبتأييد و مساعدة دولية واضحة.
التطور الحاصل في الوضع الكوردي إقليميا ودوليا وعربيا والثقة المتنامية التي ينالها الشعب الكوردي باعتباره القوة الأساسية في مواجهة الإرهاب والواحة الامنة لقرابة مليوني لاجئ سواء من داخل العراق او خارجه رغم الوضع الاقتصادي المتردي والمشاكل مع الحكومة الاتحادية يشكل بالنسبة لإيران هاجسا مثيرا للقلق حول المدى الذي يمكن ان تصله هذه التطورات وهذا القبول العام للكورد وتجربتهم الناجحة في إقليم كوردستان العراق خاصة في حالة ما اذا سارت الأمور باتجاه إعادة رسم خرائط المنطقة و تصاعدت حدة المواقف ضد النظام الإيراني المحاصر أصلا بالعقوبات الدولية ومسؤولية التدخل في العراق وسوريا ولبنان واليمن والاثار المترتبة على ذلك.
&
الحضور الإيراني في البرلمان الكوردستاني في وقت يقاطع فيه نواب الحزب الديموقراطي الكوردستاني جلسة البرلمان لا يمكن تفسيره الا بكونه رسالة تحذير لهذا الحزب ورسم خطوط حمراء من غير المسموح تجاوزها والا فان الهدوء والاستقرار النسبي الذي يعيشه الإقليم لن يطول كثيرا وان إمكانية تقسيمه الى اقليمين لن تكون ببعيدة مع وأد التجربة العراقية الاتحادية الفريدة في منطقة الشرق الأوسط.
التعليقات