نعم، رسالة الإنسان العراقي لم تصل آذان وأسماع من في السلطة. ومع الوجود الفعلي للسلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية حسب الدستور، فلا تجد أي من السراق واللصوص والمزورين من الأسماء والأسماك الكبيرة في قفص الإتهام أمام قاضي تحقيق فدرالي للمحاسبة بأدلة ووثائق ومستندات تحويل مصرفية وشهادات شهود شخصية. وسيظل العراق " ومجموعة دول عربية أخرى" تنعي حظها وتقيس بندم،الفارق الزمني لحضاراتها القديمة وسباق التحضر لدول خليجية تتألق ببنيانها وسرعة شموخ حضارتها الجديدة. وسيظل صراع المذاهب في أوج فوارنه وأزمته وبنسب مختلفة لتغليب ثقافة الكراهية والفتنة الزمنية وزرعها في عقول الناس بغباء مسؤول حكومي وفطنة مخابرات دول ساهمت في صناعة صراع المذاهب لكونه الطريق الأسهل للدمار والتخريب.
أعود وأقول لمن يريد أن يفتح أذنيه ويرى بعينيه بوضوح وأمانة رسالة الإنسان في العراق وحاجاته الماسة للضروريات وتحسين الخدمات، ويرى بعينيه رسالته في نقل المجتمع الى أسس الأستقرار بدل الحديث الساذج عن قاسم سليماني ونظام ولي الفقيه وتهديدات ايرانية وتركية للمنطقة غرضها تشديد الكراهية والمساهمة فيها ضد دول إسلامية. هؤلاء المغفلون المتاجرون الملوحون بكلمات الصِدام والصراع وكلمات الجدل والتناحر الزمني بكل شأن له قيمة وثوابت أقليمية ودولية لايحيد عنها انسان اليوم، يتصادمون ويتناحرون على تفسير تصريح شخص تافه عن "عاصمة بلاد فارس بغداد" أو ماتمثله تركيا أوردغان العثمانية وتطلعاتها لحقوق في شمال العراق أو مايصرح به نائب الرئيس الأمريكي جوزف بايدن من أفكار لتقسيم العراق، أو ماينقله الإعلام الخليجي ونعته بصفات العميل والموجه للمنطقة إعلامياً ومالياً.&
ماذا يهمنا من تصريح أجنبي عن صراع المذاهب ونحن نقتل بعضنا بعضاً. لقد قتلت الأحزاب السياسية والدينية وذيولها الصورة الناصعة لرسالة الإنسان العراقي وطموحاته في الحياة الحرة الكريمة. ولم يستطع مسؤول عراقي واحد في أعلى السلطة فهم مصادر الطاقة مثلاً، لتحسين كهربة البلاد وزيادة طاقته. فالعراق أضاع الطاقات البشرية بالأضافة الى الموارد المالية، وأضاعت حركاته وأحزابه السياسية رسالة الإنسان العراقي بإشراكه قسراً في صراع المذاهب بدلاً من صراع التطوروالتقدم، وأضاع قادة أحزابه، في سلوكيات التعنت والعنجهية والهبوط إلى أدنى مستويات العلوم بإتجاهات معاكسة للإتجاهات الدولية المعتمدة لفهم الطاقة النووية وفهم أهمية فتح البلاد لبناء مفاعلات نووية أصبحت عماد الدول الشرق أوسطية في توفير الجزء الحيوي للأحتياجات الكهربائية في العالم، والطلب في تزايدعلى هذه المفاعلات نتيجة الزيادة السكانية حول العالم، وليس مولادات ومحطات أسلاك كهربائية قديمة.&
رسالة الإنسان العراقي لم تتضح أبعادها بعد، ومع أنه حدّد لممثليه قيمة الحوار وحددته تظاهراته السلمية. رسالة الإنسان المواطن بوضوح تشوههها فضائيات الكذب والتدليس اليومي وينقل عنها ما يصرح به سياسي مخضرم نائب بائس رجل دين أو شيخ عشيرة هارب من الدولة وسلطاتها القضائية. رسالة الإنسان العراقي هي الحاجات لقمع الفقر والتلوث والأمراض والبطالة وتتطلب جهود جبارة ومشاركة مجتمعية، وتحقيق مطاليبه يكتنفها صعوبات نستقرأُها بتصرفات من يزرع ويُغذي ويقود شعلة العداء والكراهية للمساعي العراقية الخيّرة لتخفيف حدة صراع المذاهب؟ ماذا حدث لهذا البلد العظيم بحضارته ونظارته وإبتسامة شبابه وشيوخه؟ بلد القوانين ونبوخذ نصر ومسلة حمورابي والسومريين والأكديين ومهد الحضارات الإنسانية القديمة و"موسيبوتوميا" كما أسمته الكتب والخرائط التاريخية ومولد أبو الأنبياء إبراهيم في مدارس ومعاهد الشرق والغرب. متى يتصدر مكانه الريادي من جديد؟
&ففي العراق اليوم رسالة تمييزية صنعها إنسان لإولائك الذين يعيشون الكذبة ويصدقونها ويختمون عليها طقوسهم المذهبية رسمياً وتلفزيونياً بوقاحة،ويرفقونها إعلامياً بالصيغ الكلامية ويلوحون بأحذيتهم بوقاحة سياسية أخرجتهم عن دائرة الأداب الدينية واللياقة الإجتماعية.&
والدولة العراقية خلفت لنفسها أربع جيوش منقسمة على نفسها: جيش من المشدودين الى المساجد وجيش من المشيعين للأراجيف والأشاعات الفضائية، وجيش من اللصوص يتظاهرون مع شباب الأصلاح والمحاسبة، وجيش الأحزاب الدينية ومليشياتها المتسلقة للصراع المذهبي. وشريان هذه الجيوش من المُضَلَلين وأتباعهم ساهموا بأشكال مختلفة في هذا الصدام والتناحر العلني والسري ونقلوه الى شوارع المحافظات بهمجية وتسلط أشخاص على لجان تحقيق منتقصة التفويض والارادة، تطالب محاسبة ومعاقبة من سلّم محافظة نينوى والأنبار وعمن سيحرّرها. والى جانبه، ذلك الصدام والتناحر والخلاف القومي بين بغداد وأربيل وإشتداده رغم رسالة الأنسان "أبن العراق" الداعية الى التوحد والتماسك الأخوي للقوميات وإالتحامها.
&
باحث وكاتب سياسي&
&
التعليقات