حكم طالبان "الطلاب" أفغانستان في الدورة الأولى لعشرين عاماً "عداًّ ونقداً"، كما يقال، وأثبتوا خلال هذه السنوات الطويلة أنهم لا يصلحوا للحكم إطلاقاً وأن الشيوعيين على سوئهم أفضل منهم بألف مرة والدليل هو أنّ صور محمد نجيب الله وبابراك كارمال وحفيظ الله أمين لا تزال معلقة في بعض مقاهي كابول العاصمة حسب ما بقي ينقله الطلبة العرب الذين كانوا قد تخرجوا من الجامعات الأفغانية وعملوا هناك قبل أن يصبح الحكم في أيدي الـ "طالبان" في جولتهم الأولى.. وحقيقة إنه كان بالإمكان أن ينتقل هذا البلد إنتقالة فعلية ونوعية لو أنه لم تكن هناك تلك الإنتكاسة التي أعادت الأمور إلى ما كانت عليه من تخلف وظلامية.
لقد برز في تلك المرحلة، أي مرحلة الإحتلال الشيوعي السوفياتي التي كانت بدأت في عام 1978، ما يسمى الحزب الديموقراطي الشعبي الأفغاني الذي كان قد حقق إصلاحات فعلية كثيرة فالتعليم أصبح مجانياًّ وإلزاميا للشعب الأفغاني كله وتم تحرير المرأة من عبودية المرحلة الجاهلية وتوفير فرص العمل للعديد من الأفغانيين وبناء العديد من المصانع وبالطبع المدارس والجامعات.. وحقيقة أنه كان بالإمكان أن يصل تطور بعض الدول الأوروبية (الشرقية) إلى هذا البلد لو أن الأمور بقيت تسير في الإتجاه التي كانت تسير فيه ولو أنه لم يحدث هذا الذي حدث للإتحاد السوفياتي وهذا "الإنقلاب الكوني" الذي قلب الأمور رأساً على عقب في العالم بأسره!!.
وحقيقة هنا أنني لم أكن معجباً لا "بالماركسية – اللينينية" ولا بتجربة الأحزاب الشيوعية والإشتراكية لا في دول العالم الثالث ولا في أوروبا الشرقية ولا في بعض الدول العربية لكنني عندما أقارن بين التوجه الأفغاني في عهد بابراك كارمال وعهد الحزب الديموقراطي الشعبي، الذي هو: "ماركسيا – لينينيا"، وبين ما أصبحت الأمور عليه في الوصلة الأولى من حكم "طالبان" في هذه الوصلة الأخيرة فإنني أتمنى لو أن الأمور قد تواصلت وعلى ما كانت عليه في الأعوام التسعة التي بقي "الروس" يحتلون خلالها هذا البلد الذي إنتهى إلى ما أصبح عليه من تمزق وأوضاع مأساوية.
إنه معروف إن إستعادة حركة التاريخ إلى ما كان عليه ليست ممكنة وإنه ليس بالإمكان إستعادة تلك الوصلة العابرة من تاريخ هذا البلد.. أفغانستان وإنه عندما لم يبق هناك لا الإتحاد السوفياتي ولا دول أوروبا الشرقية وعندما تختفي دولاً عظمى كانت في مرحلة من المراحل "تصنع" المسيرة التاريخية فإن هذا يعني أنه من غير الممكن إلاّ أن تكون أفغانستان على ما هي عليه الآن وأن يعود إليها هؤلاء "الطالبان" وبتخلُّفِهمْ بعد عشرين عاماً ليغمروها بالبؤس والرجعية مرة أخرى!!.
إنّ هذا هو واقع الحال وإنه غير مستغرب أنْ يعود الـ "طالبان" إلى أفغانستان مرة أخرى فهذه هي حركة التاريخ وإلاّ ما معنى أن يصبح عنوان هذه المرحلة التاريخية هو هؤلاء الـ "طالبان" وهو هذا الذي بتنا نراه في بعض دولنا العربية!!.
التعليقات