أمام توالي سنوات الجفاف والتغير المناخي الذى أمسى أكثر بروزاً من ذي قبل، في عالم ضيق بحدود مفروضة على البشر، عالم يتبجح دوماً بالعلم والمعرفة والسبق للاكتشافات؛ ها هي بعض الدول الفقيرة تجد نفسها في مواجهة قوى الطبيعة الحية، فلا مطر ولا اقتصاد ولا فن... بل فقط الخوف من زحف الجوع على ملايين البطون الفارغة البريئة.

بطون بريئة من سياسات عالمية اتجهت صوب التفكير في قطرية الأفكار، والهيمنة على مقرات وخيرات شعوب لم تتخلص بعد من سرية اتفاقيات خروج الاستعمار... في حين تنعم غالبية دول الشمال بالخيرات ووسائل الترفيه، وبأنظمة اجتماعية صلبة، وحياة رغيدة مريحة، لدرجة الخروج عن الطبيعة المتأصلة في الخلق، ليبدأ الزواج التقليدي يُنافس من قبل الزواج المثلي، وأمسى الحيوان أرحم من الإنسان، لدرجة جعله أنيساً وزوجاً شامخاً مخلصاً في حالات توصف بالغريبة لدى البعض.

في المقابل، نجد شعوباً كثيرة تئن تحت وطأة هول الفقر والفاقة، حيث الشح في كل شي؛ شح في الاستقرار النفسي، وشح الحاجيات والضروريات العضوية الطبيعية. فها هو الجوع يهدد الملايين، وها هي أطمعة ترمى في قمامة بلدان تدافع دوماً عن حقوق الإنسان والحيوان، وها هي المليارات تخزن في صناديق حديدية وبنوك بارعة في الحساب وجذب الأموال؛ تلك مليارات بإمكانها وضع حد لمعاناة أوضاع الإنسان أينما كان، بيد أن أنانية الأفكار وطغيان هرمون التكبر وأنانية العيش الفردانية، دفعت بالجميع في هذا الكون الفسيح إلى تجاهل الآخر لمجرد أنه يختلف في الأفكار والثقافات والأديان والمعتقدات.

فيا رأسمال الطغيان، تراجع إلى الخلف قليلاً، وانظر إلى المقابر كم هي مليئة بجثث وهم دفن مع فكر اسمه أنانية الإنسان.