الرحلات المكوكية للمبعوث الأميركي آموس هوكشتاين هدفها الأول شراء الوقت، ولا شيء غير الوقت، ويجب أن يتم ذلك قبل العشرين من كانون الثاني (يناير) 2025، موعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً في البيت الأبيض.
صحيح أن ترامب لديه قضايا أكثر أهمية، كحرب أوكرانيا، والتحدي الصيني التجاري، وقضايا داخلية كالتضخم، والحدود، والهجرة، إلا أن مقاربة ترامب للحرب والسلم في المنطقة تتماهى بشكل كبير مع رؤية بنيامين نتنياهو.
يريد نتنياهو المزيد من الضغط العسكري على حزب الله والدولة اللبنانية، وهو يدرك ضعف الإدارة الأميركية، "البطة العرجاء"، إذ لا قرارات محورية أو مصيرية قبل العشرين من كانون الثاني (يناير).
حزب الله، بدوره، يريد وقف القتال بأسرع وقت ممكن، وكل الحديث الذي يطرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري مع المبعوث الأميركي يصب في هذا الاتجاه، وهو ما أكده نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، بقوله: "وافقنا سابقاً على طرح بايدن - ماكرون للحل"، وأضاف: "سنعمل على انتخاب رئيس للجمهورية بعد وقف النار".
لعل صيغة "أكثر من مقاومة وأقل من جيش نظامي" هي ما أبقت الحزب قوياً وفعالاً وقادراً على المقاومة. إلا أنَّ ذلك كان سابقاً، أما الآن فقد تغيرت المعادلة، ودخلت معطيات جديدة في اللعبة، ويجب أخذها في الاعتبار. فإسرائيل، هذه المرة، تخوض أعنف حرب عرفتها منذ تأسيسها عام 1948، وأيضاً أكثرها تكلفة بشرية.
إقرأ أيضاً: قانون سكسونيا الإيراني!
مصير غزة اليوم وحدود الجولان على المحك، ونهر الليطاني يتم الحديث عنه وكأنه خط أزرق جديد!
لقد تحدث ترامب بكل صراحة عن إسرائيل الصغيرة جداً وعن الكتل الضخمة جداً المجاورة، ثم تساءل: "هل من وسيلة لفعل ذلك؟!".
إذا حدث ذلك، فسوف نكون أمام 67 جديدة، وستنشأ كيانات وتختفي أخرى قديمة دون أدنى شك.
فهل سيفعلها ترامب؟
على حزب الله أن يدرك أن قواعد اللعبة تغيرت كثيراً، وأنه كحزب سياسي أحد مكونات لبنان، وليس كل لبنان، وليس أيضاً كل الطائفة الشيعية. لبنان الحساس جداً، المليء دائماً بكل التناقضات، والمفتوح دائماً على كل الاحتمالات.
إقرأ أيضاً: حرب قتل القيادات
لا شكَّ أنَّ الحزب يمر بأسوأ مراحله التاريخية منذ تكوّن كيانه المستقل سنة 1982، وهو ما عبّر عنه نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله اللبناني، بقوله إن الحزب يمر بمرحلة "الإرباك الحقيقي".
بقي أن نشير إلى أنه لا حل حقيقياً في لبنان دون مشاركة إيران. فالنظام الإيراني لاعب إقليمي فاعل، وقد يزيد نتنياهو من تفعيل آلته العسكرية في لبنان استباقاً لأي تفاهمات متوقعة بين واشنطن وطهران، رغم نظرتي ترامب ونتنياهو المتماهيتين في إدارة الصراع في كل الشرق الأوسط، وليس في لبنان وحده.
التعليقات