سعى النظام الديني الراديکالي المتشدد في طهران و طوال السنوات الماضية الى التقليل من شأن منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة من حيث الدور الذي تلعبه على الساحة الايرانية، وأکد وفي العديد من المناسبات عى أن هذه المنظمة قد أنتهت و انتهى تأثيرها على الشارع الايراني. وهنا لابد من الاشارة و التوقف مليا عند السعي الحثيث الذي أبداه هذا النظام سيما وبعد التصادم و التقاطع الحاد بينه و بين هذه المنظمة من أجل إظهارها بصور و مظاهر غير لائقة تتفاوت بين الارهاب و الدموية و العنف المنظم، في الوقت الذي حاول وبنفس المسعى الى إظهار نفسه بمظهر الحمل الوديع الذي تنال منه بين الفينة و الاخرى ذئاب منظمة مجاهدي خلق(کما کان يصور الامر)، هذه الصورة القاتمة التي صورها النظام الحاکم في طهران عن منظمة مجاهدي خلق التي خاضت معارضة ضروس ضد نظام الشاه السابق، والتي دأب مختلف رجال الدين المتنفذين في طهران على التأکيد عليها، يبدو أن النظام الايراني و بنفسه قد عاد ليثبت العکس تماما، إذ و من خلال احداث العنف الاخيرة التي تمخضت عقب إنتخابات الرئاسة المثيرة للجدل في إيران، طفقت السلطة الدينية ترکز على دور منظمة مجاهدي خلق في تسيير و تجيير الاحداث لصالحها مما أعطى للعالم برمته إنطباعا عن دور کبير و استثنائي لهذه المنظمة المعارضة للنظام الايراني برمته.

الدور المؤثر لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية على الساحة الداخلية في إيران، قد بدأ بالتصاعد و أخذ شکل الذروة منذ بدأت السيدة مريم رجوي، زعيمة المنظمة و الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية تؤکد حضورها في مختلف المحافل الدولية و تلعب دورا بارزا و لافتا للنظر في تغيير وجهة النظر السلبية بشأن منظمة مجاهدي خلق الايرانية لدى دول الاتحاد الاوربي والتي قام بزرع نواتها النظام الايراني نفسه، وتابعت وسائل الاعلام العالمية و عن کثب جولات و نشاطات هذه المرأة الصعبة المراس وهي تنتقل من هذا البرلمان الاوربي الى ذلك البرلمان الاروربي حيث تميط اللثام خلال ذلك عن المحتوى الانساني و الحضاري للمقاومة الايرانية بشکل عام، ومنظمة مجاهدي خلق بشکل خاص، وقد أکدت العديد من الاوساط الاعلامية و السياسية الاوربية على القدرة و الإمکانية الخلاقة و الاستثنائية لدى السيدة رجوي في إقناع الاوربيين بعدالة قضية المقاومة الايرانية للنظام الديني المتشدد في طهران وان بدء العد التنازلي لشطب اسم المنظمة من لائحة المنظمات الارهابية(والتي کانت بالاساس مؤامرة ملالية ـ دولية ضدها)، قد إتخذ سياقا خاصا و نوعيا منذ تم رفع اسم المنظمة من اللائحة في بريطانيا وهو يتجه الان لکي يأخذ شکله و محتواه الحقيقيين من في إبراز عدالة القضية التي تناضل في سبيلها هذه المنظمة.

وقد سعت طهران و بکل مالديها من إمکانيات تحرك سياسي ـ إقتصادي للتأثير على دول الاتحاد الاوربي بشکل خاص، والدول الغربية بشکل عام، من أجل التأثير على هذه الدول کي تبقى على مواقفها السابقة من منظمة مجاهدي خلق مثلما بذلت کافة إمکانياتها من أجل تحجيم و تأطير معسکر أشرف في داخل العراق بخلاف الاعراف و المعايير الدولية المتبعة بهذا الخصوص، وقد ظهر جليا وخلال العامين الماضيين على وجه التحديد، أن النظام و بکل قواه و وسائله المتاحة سعى و لازال يسعى للحد من التحرکات النشطة والفعالة للسيدة مريم رجوي و لاحظت العديد من الاوساط السياسية و الاعلامية الدولية ان المعرکة(الصامتة)بين رجال الدين من جانب، و زعيمة المقاومة الايرانية السيدة رجوي قد صار في اقوى مراحله وليس هنالك شئ في الافق يدل على أن عزم هذه المرأة الحديدية ينال منها شئ وان نجاحاتها مازالت تتوالى في کسب المزيد من الاصدقاء الاوربيين المؤثرين و فتح المزيد من المحافل الدولية أمامها لکي تنقل صوت الشعب الايراني المظلوم الى العالم و تسعى بکل جهدها الى فرض الخيار الافضل من أجل التسريع في تغيير هذا النظام المتشدد.

مريم رجوي، تلك المرأة التي تمتلك عزما فولاذيا أثار إعجاب الکثير من الساسة و البرلمانيين و الاعلاميين الاوربيين بها، تسنى لي العديد من المرات التعرف و التحدث عن قرب إليها، کانت و في أحلك الظروف تؤکد و بعزم راسخ على أن الامور في طهران ستؤول في النهاية الى فوضى سياسية وان النظام سيضيع فيها، واليوم، وبعد الاحداث التي أعقبت إنتخابات الرئاسة في إيران، والتي أعطت صورة حقيقية للوضع الداخلي في إيران و تماما کما صورتها المقاومة الايرانية في ادبياتها و بياناتها المختلفة، يطل النظام الديني الشمولي في طهران على العالم بقضية أخرى قد تکون واحدة من أهم و أخطر تلك القضايا التي تعرض لها هذا النظام منذ مجيئه في 11 شباط 1979، حيث أن عرض کفائة المرشد الايراني علي الخامنئي على مجلس الخبراء(المختص بنصب و إقالة المرشد)، کان بحد ذاته إيذانا للعالم کله بأن النظام قد زلزل من أعلى مراکزه زلزالا عظيما وان الامور لم تعد تسير کما کان النظام يخطط لها سابقا، ومما لاشك فيه أبدا، أن الذي دفع بمجلس الخبراء لدراسة کفائة المرشد الايراني الحالي، هي تلك الاحداث الاخيرة التي أعترف النظام بذاته بدور منظمة مجاهدي خلق الفعال فيها و أعتقل العشرات و المئات من المتظاهرين على خلفية إنتمائهم لتلك المنظمة ويکفي أن حربه الخفية التي يخوضها ضد هذه المنظمة في مدينة أشرف مسألة ذات إتصال وثيق بهذا الخصوص، وهذا بحد ذاته أکثر من دليل ناصع على أن منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة و زعيمتها الفذة السيدة مريم رجوي قد تمکنت من أن تصل الى قلب النظام الحاکم و تهزه بعنف ممهدة بذك الطريق لمستقبل آت باتت العديد من الاوساط ترسم بشکل او بآخر ملامحه من دون بقاء رجال الدين في السلطة بإيران.