رؤية مستعصية في واقع متناقض
الحالة العراقية 1/
3

ثمت أسئلة مخيفة تراود مخيلة المهتم للحالة العراقية ( ومنطقة الشرق الأوسط بالتبعية ) إبتداءاً من السياسي المهمش إلى أصحاب القرارات المصيرية، ومروراً بكافة الفعاليات الفردية و الجماعية، الفكرية وغير الفكرية، المؤدلجة وغير المؤدلجة، المؤسساتية الرسمية وغير الرسمية: لماذا لايتمكن المثقف والمفكر إيجاد مخرج للأزمة الحالية الخانقة المختنقة؟؟ لم لايملك دوراً إيجابياً؟؟ أم أنه ( وهذا ما أخشاه ) جزء من الأشكالية؟؟ ويلعب دوراً يكشف ( لانضجه ) و ( لاوعيه التاريخي )؟؟ وكأني به يجاهد باستماتة بالغة أستحواذ الدور السلبي التام حيال هذه الأزمة وتينك الأشكالية في تجذيرها وتحويلها من معضلة مدركة ( بفتح الراء ) قابلة للتشخيص ثم إمكانية التداوي النسبي إلى مصيبة وكارثة ضبابية غامضة ترتكز في فرضياتها ومعطياتها على أسس سرابية ذات متحركات رملية لا تخضع لأي ضابط وتجافي كل ناموس؟؟
ثم، وإلى السؤال الأكثر جرأة وجسارة وتشخيصاً، لماذا يساهم المثقف، المفكر ( مع الكثير من القنوات الأعلامية ) في توطيد وترسيخ ( الديكتاتوريات ) وأغتيال وإعدام ( الديمقراطية )، وهدم وحطم كافة ( السراديب ) التي لاتؤدي أصلاً إلى مداخل النجاة والفلاح إلا بصعوبة لاترحم وتضحيات جسام؟؟ أم إنه ما برح أسيراً لأطروحات الحرب الباردة تلك التي جسدت أشأم فترة في تاريخ البشرية زيغاً وزوراً وضلالاً وبهتاناً وتحريفاً ومقتاً وشجباً؟؟..


ثم، والتساؤل الأيغل في الحدس والرؤيا، لماذا لايكتشف المثقف والمفكر ذاته الموضوعي؟؟ لماذا يهرع إلى ( ذاته الدوني المستبطن بفتح الطاء ) الذي ينفر منه في المبدأ، وينفر رغم التجاذب اللاتماثلي من الثقافة الأفقية، ويهرع هو الآخر كصاحبه المطلق ( بفتح الطاء و اللام ) إلى السطحو ndash; أيديولوجي؟؟..


ثم، والتساؤل الذي أخشاه، والذي أتوجس فيه الخوف، لماذا لانرتقي ( بالديمقراطي ) إلى المستوى الأولي البسيط (للمدمقرط ) في الفكر والتطبيق، ونؤصل لأركان وشروط وأبعاد علمه الخاص به ( الدمقرط - لوجيا )؟؟..
ثم، والتساؤل الذي أهرب منه ذعراً، والذي أتفادى الإجابة عليه، لماذا لانتحدث مع ذواتنا، ولانحملق في أفكارنا (إشكالية المبادئ، معضلة الوعي، مشكل الأنا )؟؟..


وهكذا، وبدون مقدمات أستنسابية، أجد نفسي في لجج البحر، لا قارب ولا مجداف، أو كما يقول المغني الفرنسي ( جيرارد لونرمان ) ~ شيء ما وأنا ~ والمنعطف التاريخي العراقي ( والشرق أوسطي ) يتجاوز الحد الحرج، يتجاوز حد طلب ( النجدة )، ويرتقي سلبياً بكل مكنوناته إلى مستوى يقتضي بالضرورة معادلات أستثنائية، ومن هنا تحديداً سأسمح لنفسي أن أسرد ( منطوق ) القوة الإبستمولوجية الإدراكية العامودية الشاقولية الحدية ( كي لا أغرق )، نلك القوة التي لاتلوي لأحد ولاتكترث بحجم وجسامة المخاطر التي لامندوحة من ( وقوعها )، لذلك هي تلوذ إلى مفاهيم مستحدثة وحيثيات مستجدة، لتضفي عقلانية ما ~ عقلانية من الصعب تعريفها في البداية ~ لكنها عقلانية أكيدة وفعلية في بعدها الأولي ( كيلا أنقذف إلى الشاطئ ميتاً )، في بعدها الذي لايبحث عن ذاته، وإن بحث وقعنا فريسة للمفهوم الفلسفي ( المصادرة على المطلوب )، لذا يجدر به أن يبحث عن موضوعه، عن مسوغ ديمومته ( هيدجر )، لا عن ( هو ) لذاته أو عن ( هو ) للآخروي، إنما عن ( هو) في ذاته ( جان بول سارتر. الوجود والعدم )، لالكي يستنجد به، بل لأجل أن يسمو ويستعلي في موضوعه، في ذاته بشكل ترانسدنتالي كانطي أخاذ مذهل، ويقاوم العتيق الكفناري ( هربرت ماركيوز. فلسفة النفي ). ولكي يبيد ما تعشش وما تأصل لاسيما ذاك الذي زاغ وشط وأبى إلا أن يدمر ويقوض ( بكسر الميم والواو ) ورفض إلا أن يدمر ويقوض ( بفتح الميم والواو )، ويبقي عليّ حياً أكيداً وسليماً في تلك اللجج، لامناص إلا أن يتجاوز الخطوط البيانية لهؤلاء الفلاسفة الكبار ( سارتر، هيدجر، كانط، ماركيوز ) في المبادئ التي أشير إليها بصورة منفردة معزولة، وينول خطاً بيانياً بالدمج الجدلي الديناميكي فيما بينها على قاعدة ثالوثية ( الموضوعي يكبح الواقعي، الموضوعي يعقل الذاتي، الموضوعي يلجم الميتودولوجي ). والعلاقة ما بين الموضوعي والمقولات الثلاثة الأخرى ( الواقعي، الذاتي، الميتودولوجي ) تتشابه في التحاكي العلاقة مابين ( التسارع ) والمقولات التالية ( الزمن، السرعة، المسافة ) في مسألة تكوير وتمدد وتقلص مفهوم مبدأ الزمكان ( المكان والزمان، مع العلم إن لدي ملاحظات نقضية وراديكالية على هذا التصور، فلابد من معالجة هذه المسألة مرة قادمة )، حيث من خلال مفهوم التسارع لاندرك فقط جوهر تلك العلاقة إنما خاصية ( الكتلة ) أيضاً..


وبالتوازي والتعارض، ثمت ما أسميه بالقوة الأبستمولوجية الإدراكية الأفقية التي، سواء كانت جامعة أم خاصة، إما أن تكون سالبة نافية، وتجسد أقوى درجات الموت والعدم ( نيتشه ) كتصور أنطولوجي للمسألة الأنسانية، وإما أن تكون إيجاباً و إثباتاً يمثلان أوج وذروة البقاء والوجود ( سقراط ) كتصور أخلاقي للمسألة الأنسانية نفسها، وإما أن تكون أعتقاداً خالصاً ( أبن عربي ) كنفحة تسيطر على المرئي، وتقوده طواعية إلى اللامرئي في صميم العلاقة ما بين الحرية التي تسعى إلى الجبرية، والجبرية التي تقوم الحرية وتدركها..


وفي مطلق الأحوال فإن هذه القوة الإبستمولوجية الإدراكية الأفقية تشكو، من حبث المبدأ، ( تفضلوا وتذكروا مسألة التسارع )، من الأغتراب ( حيث الأعتماد على السرعة بدلاً من التسارع )، ومن الترهل ( حبث إقصاء العلاقة ما بين التسارع والكتلة )، ومن الذاتية المفرطة ( حيث أعتماد السرعة الثابتة للضوء 300000 كم/ثا في كافة الأوساط مع العلم إن بعضها يقلل من تلك السرعة كالزجاج مثلاً ). أي هي تقترب من المفهوم الميتولوجي للعلم ضمن ذلك المنظور، وتفتقر أصلاً وطبعاً إلى العناصر المركبة والأولية الضرورية لعتبة مفهوم ( العلاقة ) ومنطوق ( الفكرة ) ومحتوى ( التطور ) في مجال التاريخ السوسيولوجي ( برغسون ) كتمايز بين طورين في التطور، وكتمايز بين طورين في ( التسارع )، وكأن هذا التمايز ( العنصر الراجح في القوة الإبستمولوجية الإدراكية الحدية ) يشرأب بأستطالاته نحو كافة ميادين التي تهمه لتمنحها النبضة الأولى ( المحرك الأول، أرسطو ) أو الحركة الأولية ( تكوير المكان )، وتضفي عليه سمته السائدة (ماركس، أنجلس ) دون أن يسلب حقه الوضعي في تطوير السمة السائدة ( إعادة مفهوم التسارع ).


وبالتساوي، فإن القوة الإبستمولوجية الإدراكية لايمكن أن تمتلك ( كينونتها ) وتستكمل أبعادها في ( حديتها ) إلا إذا أرتقت حسب الرؤيا السابقة إلى مستوى ( مشروع الأمة، حالة المختبر الواحد، آينشتاين )، ليتسنى لها بذلك أن تحتضن المجتمع المدني السياسي وتقيه من التآكل وعوامل الحت السوسيولوجي الأخرى. وهذا ما أسميه بالركن القاتل. أما ما أسميه بالشرط القاتل فهو أن تستمد ( تلك القوة ) إيجابيتها من منطوق ( الدمقرطة ) وليس من محتوى الديمقراطية فقط لإن هذه الأخيرة قد تخدع في بعض الحالات وقد لاتفي بالغرض ( الكينونة ) في حالات أخرى.


وإذا ما أنتفى الركن أم الشرط أو أحد العناصر الجوهرية السابقة ستمسي تلك القوة غير حميدة أو ما أسميه استحساناً حالة الفوة الغوغائية ( عبد الباري عطوان ~ مصطفي بكري ~ فوزي الشعيبي ~ علي عقلة عرسان ~ ناصر قنديل )، أو قد تكون الحالة أقل ديماغوجية ( د. عبد الله النفيسي ~ توماس فريدمان ~ غالوب )، أو قد تستقر في السطح ( الحالة الناصرية )، أو قد تؤلف حالة عرجاء ( حالة حزب الله، حالة الحماس ).


إذن بإيجاز مقتضب إذا ما أنتفى مشروع الأمة ~ المختبر، أو غابت الدمقرطة وحجبت ( بضم الحاء ) الديمقراطية، غاب النسق الخطابي وعوض ( بضم العين ) عنه بخطاب متناسق مفقود المعنى والمعرفة والغاية، عندها سيطغى التفسير الحدثي على تاريخانية علم الأجتماع وسيغيب النهج الموضوعي للتحليل المعرفي ( الوجه السائد للأشكالية )..


والأن كي يتسنى لنا أدراك هذه المعطيات، لامناص من تجسيد الملاحظات الآتية ضمن الحالة العراقية ( ساحة الشرق الأوسط ).....( في الحلقة التالية )....

هيبت بافي حلبجة