بغداد ارتكبت خطأ إعلامياً والقناة القطرية خطيئة مهنية
الجزيرة تنعى نفسها عراقيا على الهواء مباشرة

حدثان إعلاميان فجرا جدالا كبيرا على ساحة الفضاء العربي، ما بين الدوحة وواشنطن مرورا ببغداد وعمان، ففي الوقت الذي لبست فيه فضائية (الجزيرة) ثوب الحداد على قرار حكومة رئيس الوزراء العراقي الصارم الدكتور إياد علاوي إغلاق مكتبها في بغداد لمدة شهر قابل للتجديد، فإن فضائية (الحرة) الأميركية دخلت بيوت الأردنيين وصناع القرار هناك بسبب مقاطعة ما يسمى "لجنة التطبيع" لبرلماني أردني ليبرالي ظهر على هذه الفضائية الأميركية في برنامج حواري.
وفي التفاصيل، فإن فضائية (الجزيرة) الممولة من جيب وزير خارجية قطر حمد بن جاسم، شهدت مناحة غير معهودة اليوم(السبت) لفتت انتباه كثيرين في العالم العربي الذي يتابعها دائما، حين نقلت على الهواء مباشرة خبر قرار حكومة الرئيس إياد علاوي إغلاق مكتبها في العاصمة العراقية بغداد، وحظر نشاط مراسليها المنتشرين في غالبية مدن العراق اعتبارا من اليوم "لتجاوزها الخطوط الحمر في أدب الخطاب الإعلامي".
وفي تغطية مباشرة من قلب الحدث، فإن (الجزيرة) أعطت الحق لنفسها، في بث مباشر لم يكن يعادله إلا البث المباشر الذي دأبت عليه منذ الحرب التي أطاحت حليفها السابق صدام حسين وحولت المناسبة الإعلامية، كما قال إعلامي "إلى مناحة غير مهنية، مثل تلك المناحة التي فجرتها الجزيرة حين أزيل تمثال صدام من حديقة الفردوس في التاسع من نيسان( إبريل) من العام الماضين أو حين اعتقل في ثقب العنكبوت في كانون أول( ديسمبر) من العام الماضي أيضا".
وتعرضت فضائية (الجزيرة) لحملة من الانتقادات الغربية وخصوصا من لندن وواشنطن على تغطياتها في للشأن العراقي، وهي كانت أيضا عرضة لانتقادات من دول عربية في الجوار القريب أو البعيد، في تناولها عبر برامجها الحوارية لقضايا تمس الشان الداخلي لتلك الدول، وخصوصا أنها تختار مشاركين في هذه البرامج لهم أجندات خاصة ضد هذا الطرف أو ذاك، حيث يبتدأ "الصراخ والضجيج، بين المتحاورين أنفسهم ومقدمي تلك البرامج"، وظل المسؤولون القطريون يدافعوا عن تلك البرامج والتغطيات الإخبارية، على أنها تأتي "في إطار النهج الإصلاحي وحرية التعبير".
واستهجن مراقب غربي متخصص في شؤون المنطقة الخليجية خلال متابعته للتغطية المباشرة من جانب فضائية الجزيرة لغلق مكتبها في بغداد بالقول "ما شاهدته، أدهشني حيث أن هذه الفضائية المثيرة للجدل، نقلت الحدث وكأنها تنقل مجريات نهائيات كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم في بكين؟" ، وقال "خبر مزعج أن تلجم أية وسيلة إعلامية، من جانب أية حكومة مهما كانت على وجه الأرض، لكن الأسوأ هو أن نرى المشهد الجنائزي الذي قدمته الجزيرة في البث المباشر بعد إصدار حكومة بغداد قرار غلق مكتبها".
يشار إلى أن رئيس الحكومة العراقية الدكتور إياد علاوي استثنى قطر من جولته العربية والخليجية التي هي الأولى لزعيم عراقي في العهد العراقي الجديد من بعد سقوط حكم صدام حسين، حيث زار جيران الدوحة التي تستقبل قاعدة العديد الأميركية، وكذلك زوجة صدام السيدة ساجدة خير الله وعدد كبير من رجالات العهد البائد.
وعلق مراقب عربي إعلامي من جانبه لايلاف" على أداء فضائية "الجزيرة" ، في بث معلومات غلق مكتبها في العاصمة بغداد بالقول "لا اعرف ... كم من الوقت قد يستغرق هذه الفضائية في بث حي ومباشر لو أعلن فجأة عن اعتقال حليف جهازها القومي والإخواني أسامة بن لادن زعيم شبكة (القاعدة) الذي تعود إصدار كل قراراته وبياناته عبر أشرطة الفيديو إياها من خلال فضائية (الجزيرة) التي يتعهدها ماليا من جيبه الخاص وزير خارجية قطر.
وقال الإعلامي العربي الذي طلب عدم ذكر اسمه "في الحقيقة، لا بد من القول انه إذا كانت حكومة الرئيس علاوى مارست خطأ بمنعها منبرا إعلاميا، مثل الجزيرة، فإن جهاز تحرير هذه الفضائية ارتكب من جانبه خطيئة مهنية، في المناحة وذرف الدموع، في إغلاق مكتبها في بغداد، وهو بذلك يستغبى حكومة قطر، وأموال شعبها، وحتى خزنة وزير الخارجية ذاته، في بث مادة "سمجة" وبشكل مباشر لحدث لا يرقى على العمل الإعلامي الرصين والمتميز، ثم أن الفضائية قدمت ذاتها عبر بيان اغلاقها الصادر عن وزارة الداخلية العراقية، بشكل "منرفز وعصبي، ومنفعل" على الطريقة الصدامية المعروفة إياها".
وإذ ذاك، فإن الإعلامي العربي المقيم في لندن، كشف أمام "إيلاف" حسب تسريبات وصلت إليه من عواصم خليجية مهمة في القرار، أن رئيس الوزراء العراقي علاوي ابلغ حكومة الرياض التي زارها في الأسبوع الماضي عن امتعاض بغداد من موقف بعض الوسائل الإعلامية السعودية، أو المملوكة لسعوديين تجاه مجمل الحال في العراق والتطورات الجارية هناك،
وكشف الإعلامي الكبير أن هناك اجتماعات تمت بين علاوى في كل من الرياض وأبو ظبي والكويت لمعالجة الموقف الإعلامي من العراق في المرحلة المقبلة.
وفي الوقت الذي تفجرت فيه قضية اغلاق مكتب فضائية الجزيرة في عاصمة العراق، فإن الفضائية الأميركية التي بدأت البث منذ ستة اشهر وهي فضائية (الحرة) الأميركية التي تبث باللغة العربية من العاصمة واشنطن دي سي بيوت الأردنيين من بوابة نقابة المهندسين التي شنت حملة ضد نائب في البرلمان الأردني هو الدكتور الليبرالي الدكتور رائد قاقيش وطالبت بمقاطعته عبر ما يسمى (لجنة مقاومة التطبيع) في نقابة المهندسين كونه شارك في برنامج حواري سياسي على شاشة تلك الفضائية. ودخل مجلس النواب الأردني المنتخب على خط المواجهة مع النقابة المذكورة مدافعا عن النائب قاقيش ومعبرا عن شديد استنكاره واستغرابه لقرارما يسمى لجنة مقاومة التطبيع في نقابة المهندسين. وأعتبر المجلس تصرف اللجنة في بيان اليوم تعديا على صلاحيات واختصاصات مجلس النواب التي كفلها الدستور مطالبا الجهات الرسمية باتخاذ كل ما من شانه حماية حرية الاخرين وحقوقهم التي كفلها الدستور .
و طالب المجلس النقابات باحترام الحريات والابتعاد عن ممارسة الارهاب الفكري ضد الاخرين مثلما دعاها الى الالتفات الى مصالح اعضائها التي انشئت من اجلها بدلا من البحث عن " تسجيل مواقف لا تخدمهم بل لا تعدو كونها مزايدات كلامية ومناكفات لا طائل منها ومضى عهدها الى غير رجعة وهي غير مقبولة من المواطنين الذين يرون فيها مضيعة للوقت وخروجا عن الطريق السوي الذي يخدم الوطن والمواطن".