القدس: يعرض رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون غدا الثلاثاء جدولا زمنيا محددا حول الانسحاب من قطاع غزة واجلاء ثمانية الاف مستوطن قبل نهاية العام 2005.

واوضح مسؤول في رئاسة الحكومة طلب عدم الكشف عن هويته ان "رئيس الوزراء سيعرض الثلاثاء على المجموعة البرلمانية جدولا زمنيا محددا حول مراحل الانسحاب بغية اثبات جدية نواياه". واعلن شارون ذلك خلال اجتماع مجلس الوزراء الذي سبق اجتماع الحكومة الامنية المصغرة المخصص للانسحاب من قطاع غزة.

واضاف المسؤول نفسه ان "رئيس الوزراء تحدث بعدما اكد مدير الاستخبارات العسكرية الجنرا اهارون زئيفي ان ياسر عرفات (الرئيس الفلسطيني) لا يؤمن بانسحاب اسرائيلي من قطاع غزة". وتابع المسؤول نفسه ان "عرفات يريد حسبما يقول الجنرال زئيفي، كسب الوقت وعدم القيام باي تعديل داخل السلطة الفلسطينية بينما يؤمن الاصلاحيون الفلسطينيون بحصول اعادة انتشار ويرغبون بالاستعداد لها ويدفعون باتجاه اصلاحات لتجنب حلول الفوضى عندما سنرحل".

وقالت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان الحكومة يفترض ان تعتمد بحلول نهاية ايلول/سبتمبر مشروع قانون يتعلق بالسلف على التعويضات التي يجب ان تدفع لمستوطني قطاع غزة واربع مستوطنات معزولة في شمال الضفة الغربية الذين يوافقون طوعا على الرحيل. اما الحكومة الامنية المصغرة، فسوف تناقش توزيع الادوار بين الشرطة والجيش لتحديد من سيقوم باجلاء المستوطنين الذين قد يرفضون مغادرة المستوطنات.

وافاد المسؤول "هنالك خلاف حول هذه النقطة وسوف يحسم رئيس الوزراء الامر". اما وزير الامن الداخلي تساحي هانغباي فقد اعلن معارضته ان يقوم الشرطيون باجلاء المستوطنين كما يريد وزير الدفاع شاوول موفاز. واضاف المسؤول ان اعضاء الحكومة الامنية المصغرة سوف يناقشون خطة تهدف الى حماية بعض المدن في جنوب اسرائيل كسديروت من صواريخ "قسام" التي تطلق عليها بشكل منتظم من قطاع غزة.

وافادت الاذاعة العسكرية الاسرائيلية من جهتها ان اسرائيل لا تستبعد تسليم واحدة من المستوطنات دون تفكيكها لكي تستعمل منشآتها كمستشفى. كما وتطرح اسرائيل امكانية تسليم ادارة منطقة ايريز الصناعية الى البنك الدولي، وهذه المنطقة تشكل المعبر الرئيسي بين قطاع غزة والاراضي الاسرائيلية. كما وطرحت الاذاعة امكانية لجوء السلطات الاسرائيلية الى بناء خط للسكة الحديد بين ايريز والمرافئ الاسرائيلية في اشدود وحيفا لتامين نقل البضائع.

اسرائيل ستلجأ الى الاحتياطي للتعويض على مستوطني غزة
وفي موضوع التعويضات على المستوطنين، يفترض ان تلجأ اسرائيل الى احتياطيها للحصول على مئات ملايين الدولارات الضرورية للانسحاب من قطاع غزة خلال العام 2005 ودفع تعويضات لثمانية الاف مستوطن في المنطقة. وكلفة هذه العملية التي هي موضع نقاش اجتماع للحكومة الامنية المصغرة اليوم غير مدرجة في ميزانية العام 2005 التي اقرتها حكومة ارييل شارون في 16 آب/اغسطس. واوضح مسؤول كبير في الخزانة "لا يمكننا ادراج الكلفة قبل ان يقر البرلمان خطة اعادة الانتشار".

وتتراوح الكلفة الاجمالية للانسحاب وفقا للتقديرات المختلفة بين 400 و800 مليون دولار نصفها نفقات الجيش واخلاء المنشآت العسكرية والبقية للتعويض على المستوطنين الذين سيفقدون مسكنهم او مزارعهم.

في المقابل فان الاستثمارات لبناء الجدار الفاصل الذي تبنيه اسرائيل في عمق الضفة الغربية ويمتد على مسافة اكثر من 700 كيلومتر وتقدر كلفته بمليون دولار لكل كيلومتر، فمدرجة في مشروع الميزانية على ما اضاف المسؤول ذاته. واضاف طالبا عدم الكشف عن هويته ان "ادراج كلفة الانسحاب من قطاع غزة في مشروع الميزانية كان ليعني ان الخطة معتمدة من الان في حين ان عدة وزراء يعارضونها". واوضح ان اسرائيل ستضطر الى اللجوء الى الاحتياطي اي 2 الى 4% من مجموع الميزانية لتمويل هذه النفقات.

واعتبرت صحيفة "هآرتس" في المقابل ان هذه العلمية قد تكون اكثر تعقيدا مما هو متوقع.
فالغموض الذي لا يزال يكتنف التمويل يعكس ليس فقط "الصعوبات السياسية" التي يواجهها شارون غير الاكيد من الحصول على الغالبية في البرلمان بل ايضا "ضيقا حقيقيا" على المستوى الاقتصادي.

وقالت الصحيفة ان الولايات المتحدة المعارضة رسميا لبناء مساكن في المستوطنات يصعب عليها المساهمة في التعويض على المستوطنين في حين ان المساعدة الاميركية لاسرائيل بلغت العام الماضي ثلاثة مليارات دولار.بيد ان اسرائيل تملك على جبهة الميزانية هامش مناورة محدودا جدا.

فقد تعهدت الدولة البعرية لواشنطن بالعمل على ان يكون العجز في الميزانية 3% من اجمالي الناتج المحلي في مقابل ضمانات مصرفية منحتها اياها ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش العام 2003 حتى تتمكن من الحصول على قروض مصرفية قيمتها الاجمالية تسعة مليارات دولار.

وخفضت الولايات المتحدة في وقت لاحق هذه الضمانات بمبلغ 289 مليون دولار وهي قيمة الاستثمارات في المستوطنات وفي بناء جدار الفاصل الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية رغم معارضة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

وعلى المدى الاطول فان خطة الانسحاب التي يطرحها شارون ستسمح باشاعة "اجواء ملائمة" للاعمال على ما تفيد الخزانة.ويقول المسؤول في المجال المالي ان "المستثمرين الاجانب حساسون جدا حيال كل ما يؤدي الى خفض التوتر والعوامل المؤدية الى حصول مخاطر سياسية في المنطقة".ويقول استاذ الاقتصاد رافي ملنيك من مركز هرتسيليا المتعدد الاختصاصات (شمال تل ابيب) ان الجدار "اثبت فعاليته لمنع تسلل الانتحاريين (الفلسطينيين) الى اسرائيل ويعززالشعور بالامن الامر الذي يشجع النشاط الاقتصادي".

اما بالنسبة للانسحاب من قطاع غزة فيعرب هذا الاستاذ الجامعي عن تشككه. ويقول "اسرائيل رفضت التفاوض بشأن انسحابها مع الفلسطينيين لذا ثمة خطر بحصول فوضى عارمة قد تستفيد منها المجموعات المسلحة لاطلاق صواريخ على مدن في جنوب البلاد الامر الذي قد تكون له انعكاسات اقتصادية خطرة".