واصلت دمشق دفاعها عن تمديدها لولاية رئيس الجمهورية اللبنانية لمدة ثلاثة اعوام اضافية، حاملة على الامم المتحدة والولايات المتحدة في هذا المضمار، خاصة بعد ان تيقنت ان المطلب الاميركي الرئيسي ليس في الملف اللبناني، وانما، وبحسب ما توافرت المعلومات، هو في الملف العراقي بشكل شبه حصري، في حين تم استخدام الملف اللبناني لمزيد من الضغط على سورية.
وفي غضون ذلك يستمر لبنان الرسمي في السعي إلى تطويق قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559 الذي يطالب بانسحاب القوات الاجنبية (الجيش السوري) من لبنان، وبسحب سلاح الميليشيات اللبنانية (حزب الله) وغير اللبنانية (الفصائل الفلسطينية في المخيمات) وقد قرر لبنان الرسمي التوجه إلى الامم المتحدة بورقة موحدة تشرح موقف لبنان من موضوع الانسحاب السوري ومجمل مطالب مجلس الامن الدولي.
في الملف الداخلي واصل رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط الذي يمثل احد اقطاب المعارضة اللبنانية للتمديد لولاية رئيس الجمهورية صمته، واكدت مصادر مقربة من رئيس الحزب الاشتراكي ما ذهبت اليه "إيلاف" (امس الثلاثاء) من ان هذا الصمت مقصود وهو جزء من الحركة السياسية للزعيم الدرزي، وفي حين التزم الرجل بصمته جال السفير الأميركي الجديد في لبنان جيفري فيلتمان على المراجع الدينية ليسمع منها مواقفها حلو الامور الداخلية خاصة، حيث زار البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، مراعيا التوازن الطائفي.
واكد رئيس مجلس النواب استقالة الحكومة الحالية قبل نهاية هذا الشهر، قبل ان يعود ويطالب ان تواصل الحكومة الحالية تصريف الاعمال حتى الثالث من (تشرين الاول )اكتوبر المقبل، لاسباب بروتوكولية، وبذلك يمتد عمر الحكومة الحالية اسبوع اضافي، في الوقت الذي يعود فيه رئيسها رفيق الحريري (في السابع عشر من الشهر الحالي) إلى البلاد ليتم استقباله بمعركة جديدة اختار لها رئيس الجمهورية بـ"الاصلاح الداخلي ومحاربة الفساد" قد تشكل مدخلا إلى حملة مواجهة الحريري في الانتخابات النيابية في الربيع المقبل.
الحريري
وزار رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري رئيس الجمهورية العراقي غازي الياور في مقر إقامته في العاصمة البلجيكية بروكسل. وتناول البحث "آخر مستجدات الأوضاع على الساحة العراقية والتطورات في منطقة الشرق الاوسط اضافة الى العلاقات الثنائية بين البلدين".بحسب الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية
واعلن نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس، وقبل مغادرته الى نيويورك حيث سيلقي كلمة لبنان في الامم المتحدة، "ان موضوع القرار 1559 سيكون حاضرا في كلمة لبنان امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، فضلا عن المشاكل التي تعانيها المنطقة ولبنان".
واضاف: "لا شك في ان الاهتمام سيكون منصبا على القرار 1559، وسيطرح لبنان الأمر، بطريقة ايجابية جدا وباحترام لقرارات مجلس الأمن التي كنا نحترمها دائما، ولا نزال. وبالطبع، فان هذا الموضوع سيطرح في الاجتماعات الجانبية، ولكنه ليس هو الاساس".
وقال"اما بالنسبة الى القرار 1559 فهناك ورقة موحدة رسمية للحكومة ستقدم إلى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، ونحن نعتبر بعض البنود (في القرار 1559) تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للبنان. اما وقد حصل ما حصل، فنحن نريد ان نعالج وعدم الاكتفاء بالاحتجاج. نريد معالجة وتحركا لاحتواء هذا الموضوع".
وردا على سؤال اذا كان سيثير هذه المواضيع في لقاءاته الجانبية أجاب فارس: "سأجتمع مع جميع اعضاء مجلس الأمن لشرح وجهة نظر لبنان، والاتفاقات المعقودة بين الحكومة اللبنانية وجميع الأطراف. كل هذه المواضيع تحتاج الى توضيح. واعتقد ان هذا ما حصل في الماضي، ولكن سنشدد على انه كان من الممكن تفادي هذا الامر كليا".
وآمل بان محادثات نيويورك نجاحا او تغييرا في نظرة الرأي العام الدولي إلى لبنان بعد كل ما حصل، "ولكن مهمتنا ليست محصورة بالقرار 1559، ونحن ننتظر جولة تيري رود لارسن إلى المنطقة وإعداده تقريرا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ومن خلال هذه التحركات وتقرير مساعد الأمين العام نتمنى ان تهدأ الأمور".
وزيرالخارجية
وعاد وزير الخارجية والمغتربين جان عبيد، إلى بيروت، آتيا من القاهرة بعد مشاركته في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب. وسيتوجه وزير الخارجية والمغتربين عبيد، صباح الأحد المقبل إلى نيويورك، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها العادية الـ 59.
لحود
وعرض رئيس الجمهورية الممدد له اميل لحود، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الأوضاع العامة في البلاد في ضوء التطورات والمواقف الاخيرة على الساحتين الداخلية والإقليمية.
وتمنى بري على رئيس الجمهورية تأجيل استقالة الحكومة الحالية ، قبل عودته من المؤتمر الدولي للبرلمانيين الذي سيعقد في جنيف، في 2 تشرين الأول المقبل، مشيرا إلى انه سينقل طلبه إلى رئيس الحكومة رفيق الحريري الموجود خارج البلاد حاليا.
ومن ناحيته اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري، ردا على سؤال ماذا كانت الحكومة الراهنة ستتأخر شهرا، أجاب:"لا. آخر الشهر ان شاء الله".
وكان نواب نقلوا عن رئيس المجلس النيابي بري انه "يتوقع استقالة الحكومة بعد عودته من جنيف في 2 تشرين الأول المقبل حيث سيشارك في اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي التي ستشكل فرصة لشرح موقف لبنان من التطورات الاخيرة والقرار 1559".
وابلغ بري إلى النواب انه تحدث مع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود خلال لقائه التشاوري الأسبوعي معه في هذا الشأن، واتصل برئيس الحكومة السيد رفيق الحريري للغاية نفسها. وردا على استفسارات النواب حول تصوره للحكومة المقبلة، دعا الرئيس بري "إلى عدم استباق الامور"، معلنا انه "من جهته سوف يدعو إلى حكومة وحدة وطنية تستطيع تأكيد وحدة اللبنانيين في مواجهة التحديات المصيرية".
واعتبر رئيس المجلس "ان الدبلوماسية البرلمانية التي يقودها المجلس النيابي تفصل بصورة كاملة بين شأن تعديل الدستور، والتمديد لرئيس الجمهورية من جهة وبين ما تعتبره دفاعا عن الطبيعة الوطنية للديمقراطيات في كل دول العالم، وعدم جواز انتهاكها من الخارج حتى لو استظل هذا الانتهاك بعنوان الشرعية الدولية".
ودعا الرئيس بري النواب وقوى الرأي العام الى "التمييز ايضا بين التمسك بالدفاع عن الطابع الوطني للديمقراطية في وجه اي محاولات للتدخل الأجنبي، وبين الحرص المستمر على تعزيز موقع لبنان في قلب الشرعية الدولية".
السفير الأميركي يجول على الطوائف
وجال سفير الولايات المتحدة الأميركية في لبنان جيفري فيلتمان، على البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير في الصرح البطريركي في بكركي، ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني في دار الفتوى ووزير الصناعة الياس سكاف.
وبحسب ما نقلت الوكالة الوطنية للاعلام فقد تم البحث خلال اللقاءات الثلاثة في التطورات على الساحتين المحلية والإقليمية. وقال السفير فيلتمان بعد لقائه البطريرك صفير "كان لي شرف لقاء البطريرك صفير حيث عرضنا الأوضاع في لبنان، وهذه الزيارة هي زيارة بروتوكولية تعارفية، ومن المهم لي ان استمع إلى وجهة نظر البطريرك في الوضع اللبناني القائم حاليا، ودور الكنيسة المارونية ووضع المجتمع المسيحي في لبنان".
واضاف فيلتمان "البطريرك عرض لآرائه، وهو يرى انه من المهم ان تركز السلطة خلال الأشهر المقبلة على الحاجات الملحة للشعب آخذة بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي والمالي الحالي، ومن الحاجات ايضا تأمين قانون انتخابي شفاف".
واستقبل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، رئيس حزب العمال الديمقراطي الياس ابو رزق، وبقي جنبلاط على صمته فلم يدل باي تصريح بعد اللقاء.
الاسد ومبارك
وكان جرى لقاء بين الرئيس المصري حسني مبارك ونظيره السوري بشار الاسد في دمشق حيث تم البحث في المشكلات الاقليمية ولا سيما الوضع في لبنان والعراق.
وخلال اللقاء اعرب الرئيسان عن "تضامنهما مع لبنان الشقيق مؤكدين على سيادته الكاملة وحقه فى تصريف اموره الداخلية بكامل ارادته ورفض التدخل في شؤونه الداخلية"، على ما ذكرت وكالة الانباء السورية (سانا).
وذكر مصدر دبلوماسي مصري لوكالة الصحافة الفرنسية ان مبارك قد يلعب دور الوسيط للتقريب بين سوريا والولايات المتحدة حول نقطتين اساسيتين: انتشار نحو 20 الف جندي سوري في لبنان ومراقبة الحدود السورية العراقية.
وتأتي المشاورات السورية المصرية بعد صدور قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559 في الثاني من ايلول/سبتمبر الذي عرضته واشنطن وباريس ويطالب سوريا باحترام سيادة لبنان وسحب قواتها منه.
الصحافة السورية تدافع عن الرئيس اللبناني
وفي موقف لافت، هو استمرار لدمشق في الدفاع عن تمديدها للرئيس اللبناني هاجمت الصحف الرسمية السورية الاربعاء الامم المتحدة وواشنطن اللتين نددتا بتدخل سوريا في الشؤون الداخلية اللبنانية، معتبرة ان شرعية الرئيس اللبناني اميل لحود "ليست اقل" من شرعية الرئيس الاميركي جورج بوش.
وكتبت صحيفة البعث الناطقة بلسان الحزب الحاكم في سوريا في افتتاحية ان "شرعية لحود في لبنان ليست اقل من شرعية بوش في واشنطن وشرعية مجلس النواب في لبنان ليست اقل من شرعية الكونغرس في واشنطن".
ويبدو ان هذا الموقف ناجم عن فهم سورية لمطلب الولايات المتحدة الرئيسي، وهو بالطبع ليس الشان اللبناني الداخلي وحده، وانما الملف العراقي، حيث اشادت الصحيفة نفسها على صعيد الوضع في العراق، بوجود "توافق ما بين دمشق وواشنطن حول استقرار العراق" خلال المحادثات التي اجراها مساعد وزير الخارجية الاميركي المكلف شؤون الشرق الاوسط وليام بيرنز السبت في دمشق.
التعليقات