فالح الحُمراني من موسكو: صعدت موسكو وواشنطن والعواصم الاوربية من حرب التصريحات والتصريحات المضادة، بشان برنامج الاصلاحات السياسية والادارية التي اعلن عنها الرئيس فلاديمير بوتين الاثنين الماضي واسلوب تسوية النزاع في الشيشان. وبعد وزير الخارجية كولن باول اعرب جورج بوش عن خشيته من ان يفضي ذلك البرنامج الى تقليص الحريات الديمقراطية في روسيا، الامر الذي رفضته موسكو في تصريحات على مختلف الاصعدة. واتسعت في موسكوالاتهامات القائلة ان واشنطن تنتهك المبادئ الديمقراطية، وتحاول فرض وصفة معينة من الديمقراطية على الدول الاخرى بما فيها روسيا دون ان تاخذ بالاعتبار خصوصية كل بلد.

ووصف صحيفة نيزافيسيما الصادرة في موسكو، حرب التصريحات بين موسكو والعواصم الغربية بانها " رائحة الحرب الباردة". واعادت الى الاذهان ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ادلى بتصريح جديد وجه فيه للمرة الرابعة خلال أسبوعين نقده إلى الغرب. وقالت "يمكن القول ان وزير الخارجية الروسي الحالي اختار مؤخرا ان يركز على تسوية حسابات مع "الشركاء الاستراتيجيين"".

فقد قال وزير الخارجية الروسي في إشارة إلى ما قاله وزير الخارجية الأمريكي كولن باول من أن خطط الكرملين لإعادة تشكيل النظام السياسي تعني ارتدادا عن بعض الإصلاحات الديمقراطية ان الولايات المتحدة عرفت من خلال خبرتها ان المحافظة على التوازن بين إجراءات قاسية تتعلق بمكافحة الإرهاب

والحرص على القيم الديمقراطية أمر صعب وقد اتخذت إجراءات خطيرة بعد 11 سبتمبر 2001.

ووجه لافروف نقده إلى الرؤية الأمريكية للديمقراطية مشيرا إلى انه سجل باستغراب ما جاء على لسان باول من ان الديمقراطية واحدة. وأوضح ان هيئة الناخبين هي التي يعتمد عليها النظام الأمريكي لانتخابات رئيس الولايات المتحدة بدلا من الاقتراع المباشر، ومع ذلك فإننا لا نعتب على هذا النظام وإنما نعتبره شأنا داخليا يخص الولايات المتحدة.

ولاحظ المراقبون ان لافروف سارع إلى توجيه رده إلى انتقادات وجهتها واشنطن. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" ان باول بدا حذرا حينما علق على تصريحات الرئيس الروسي ولكن من الواضح ان الوزير الأمريكي وجه انتقادات إلى الرئيس الروسي. وأكد مصدر من الإدارة الأمريكية لـ"نيويورك تايمز" ان الحكومة الأمريكية ترى ان ما اقترحه بوتين من خطوات يتنافى مع مبادئ الديمقراطية. وأضاف ان ما تريده الإدارة الأمريكية هو معرفة نوايا الروس الحقيقية.

وظهر مزيد من التوتر في علاقات روسيا مع الاتحاد الأوروبي أيضا بعدما طالب وزير الخارجية الهولندي السلطات الروسية بموافاة الأوروبيين بمزيد من المعلومات عن حادث بيسلان. ثم أعرب كريس باتن، وهو أحد المفوضين الأوروبيين، عن أمله في ان لا تعتقد الحكومة الروسية بأن تقوية سلطة الكرملين هو الرد الوحيد على الإرهاب.

وكان لافروف قد تحدث عن ما وصفه بالازدواجية التي تمارسها الولايات المتحدة وبريطانيا من حيث أنهما وفرتا المأوى لمبعوثين لقائد الحركة الانفصالية الشيشانية (اصلان مسخادوف) - إيلياس احمدوف واحمد زكايف. ثم وجه لافروف رده إلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ريتشارد باوتشر الذي أعلن أن الولايات المتحدة سوف تستقبل من "يناضل من أجل استقلال الشيشان" وأنها ترى ضرورة البحث عن تسوية سياسية في جمهورية الشيشان. وقال لافروف ان روسيا ستعالج مشكلاتها الداخلية بنفسها ولا ينبغي ان يبحث الأمريكيون عن سبل للتسوية السياسية في الشيشان.