عاد رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ليلا إلى بيروت قادما من باريس بعد زيارة استمرت يوما واحدا اجرى خلالها فحوصا طبية. ومع عودته ستبدأ الاقتراحات العملية لتشكيل الحكومة الجديدة التي بات من شبه المؤكد انها ستكون برئاسته، وتبدأ أيضا مرحلة المساوامات بينه وبين رئيس الجمهورية خاصة، لتوزير تكنوقراط في الحكومة ورفع نسب تمثيل كل طرف منهما في الوزراء المحسوبين عليه، كما في حل مسألة وزن التمثيل المسيحي، الذي يفترض الجميع انه سيلحظ المعارضة المسيحية بعين الاعتبار، بعد تمديد دمشق لرئيس الجمهورية اللبنانية لمدة ثلاثة أعوام وتوريط البلدين في مجابهة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وفي ظاهرة غريبة على الحياة اللبنانية، وهي على الأقل نادرة الحدوث في لبنان منعت السلطات المختصة في بيروت كتاب "شيفرة دافنتشي" للكاتب دان براون، بناء على طلب جهات مسيحية. بينما سعت الجهات التي طالبت بمنع الكتاب بإخراج الموضوع من إطار "محاكم التفتيش وحرق الكتب والسحرة"، وطرحت بيانا يتذمر من "التعرض والمس بالقيم الدينية" التي تقول ان الكتاب المذكور يشكلها. وبين مطاردة السحرة واحراق الكتب، كان رئيس الجمهورية الممدد له اميل لحود، يستقبل الزوار في قصره الجمهوري ويشيد بالـ"انجازات الاقتصادية" التي حققتها الحكومة، التي اعتاد ان يترأس جلساتها بشكل متواصل ملغيا دور رئيس وزرائها.
وتعتبر الأوساط السياسية في بيروت ان حجم التمثيل المسيحي ووزنه خاصة لناحية تمثيل المعارضة في الحكومة سيكون احدى اكبر المطبات امام اعلان التشكيلة الحكومية، وتردد ان موقف سورية الذي يقول "ان من عارض التمديد للحود ليس عدونا" يفتح الباب امام تمثيل قوي فعلا للمعارضة التي قالت "بيدي وليس بيد عمر" والتي لم تلتجئ للاميركي او الفرنسي لدعم وجودها السياسي المحلي، ولكن النعرات الداخلية، وخاصة حساسية رئيس الجمهورية امام اسماء كبيرة من المعارضة المسيحية هي من سيحكم في النهاية عملية التسوية في ترشيح الوزراء.
اما المطب الاخر الذي لا يقل جدية عن الاول فهو عقدة التمثيل الدرزي، حيث تعتبر كثير من اسماء المرشيح للمقاعد الدرزية في الحكومة بمثابة "تحدي" لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وهو من مثل الاتجاه الاكثر وطنية وعقلانية في معارضته لتمديد دمشق ولاية رئيس الجمهورية الحالي.
وكان جنبلاط الذي يمارس صمتا سياسيا اعتراضيا منذ بضعة ايام، رافقه سحب موجودات متحف كمال جنبلاط (رئيس الحركة الوطنية اللبنانية خلال بداية الحرب الاهلية) قد قام بالاعتراض على مجمل الحياة السياسية في لبنان اضافة إلى اعتراضه المبدئي على التمديد لرئيس الجمهورية، وقد القى القفاز بوجه كل الطبقة السياسية الحاكمة حين قال: "ان الحثالة هم الذين يستلمون العمل السياسي في لبنان"، مؤكدا مضيه في قرار عدم المشاركة في الحكومة المقبلة "لأنني في اللحظة التي اساوم فيها ينتهي طرحي السياسي وأكون تنازلت عنه".
ويتعرض جنبلاط إلى ضغط مباشر، رغم ان رئيس الجمهورية مد يده للجميع الا ان انصار جنبلاط يتعرضون إلى الملاحقة حيثما امكن ذلك للجناح الموالي للقصر الجمهوري، وقد تم توقيف رئيس بلدية الشويفات "الاشتراكي" هيثم الجردي وموظفين في البلدية بناء لإشارة النيابة العامة التمييزية وذلك بجرمي التزوير واستعمال المزور ليكون الجردي اول رئيس بلدية يتم توقيفه بعد الانتخابات البلدية الاخيرة.
الا ان جنبلاط صرح لصحيفة "الأنباء" ردا على سؤال عما اذا ما كان سيدفع الثمن لمواقفه بالقول "لم اشعر في حياتي بانني مرتاح كما في هذه الفترة وهذا الموقف أراح ضميري لانه ينسجم مع خطي السياسي ويذكر بأنني ابن كمال جنبلاط".
وفي مقابل كل ذلك مرت ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا بصمت في بيروت، وحدها الفصائل الفلسطينية وقلة من القوى اللبنانية احيت ذكرى المجزرة التي اودت بحياة اكثر من الفي فلسطيني ولبناني في مخيم شاتيلا وشارع صبرا في بيروت، عقب الاجتياح الاسرائيلي للعاصمة العام 1982.
منع الكتب
وفي ظاهرة غريبة على الحياة اللبنانية، وهي على الاقل نادرة الحدوث في لبنان منعت السلطات المختصة في بيروت كتاب "شيفرة دافنتشي" للكاتب دان براون، بناء على طلب جهات مسيحية.
وأصدر المركز الكاثوليكي للإعلام، احدى الجهات التي قامت بحملة لمنع الكتاب، وفي معرض التبرير لعملية المنع، بيانا جاء فيه:"سبق للأمن العام اللبناني ان أوقف عن التداول في الأعوام الأخيرة، مشكورا، عددا من الكتب العقائدية والفنية والسياسية التي تنطوي على مساس بالمعتقدات والأخلاق وأمن الدولة. قياسا على ذلك، رأى المركز الكاثوليكي للاعلام، التابع للجنة الأسقفية لوسائل الاعلام ان كتاب "شيفرة دافنتشي" للكاتب دان براون والمترجم للغة العربية عن إحدى دور النشر اللبنانية، ينطوي في مضمونه على ما يطعن ظلما بصلب العقيدة المسيحية ويمس شخص السيد المسيح له المجد، ويشكل إهانة واضحة للاهوته وناسوته إذ يقول على سبيل المثال "أن نسل المسيح في رحم مريم المجدلية..."
وأضاف البيان:" إن الكلام الذي صدر في بعض الصحف حول منع هذا الكتاب من التداول، والذي رأى في هذا المنع قمعا للحريات وضربا للثقافة في مهدها، ويسجل على المركز الكاثوليكي للإعلام هذا الموقف. أمام هذا الواقع يهم المركز الكاثوليكي للاعلام ان يؤكد ان الثقافة الحقيقية والحرية في التعبير تقف عند حدود عدم المس بالمعتقدات وكرامة الشخص البشري، ولا يجوز بالتالي إثارة النعرات والتعرض للكرامات تحت ستار العلم والثقافة. لذلك، وبناء عليه، يعتبر المركز الكاثوليكي للاعلام ان الكتاب المذكور يخرج عن إطار الروايات البوليسية الخيالية كما يدعي البعض، ليمس كرامة المسيحيين من خلال تشويه صورة السيد المسيح".
لحود
واستقبل رئيس الجمهورية الممدد له اميل لحود المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركية السفير الأميركي السابق في لبنان جون كيلي، وتم خلال اللقاء، عرض الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، والموقف اللبناني من المستجدات الإقليمية والدولية.
واعتبر لحود، بحسب ما نقلت عنه الوكالة الوطنية للاعلام الرمسية، أن النمو الذي حققه القطاع المصرفي في لبنان خلال السنوات الست الماضية، هو نتيجة الثقة الداخلية والخارجية به وبنظامه الاقتصادي التي تعتبر المصارف أحدى دعائمه. واشار الرئيس لحود خلال استقباله رئيس لجنة الرقابة على المصارف، أن تنامي هذه الثقة وليد معادلة تقوم على ركائز ثلاث: إستقرار أمني، واستقرار في التشريع، ورقابة فاعلة ومجردة.
السفير الاميركي
وزار السفير الاميركي جيفري فيلتمان وزير الاعلام الاستاذ ميشال سماحة في اطار جولته على المسؤولين الرسميين والدينيين لتلمس الاوضاع العامة في البلاد مع تسلمه لمهامه، وقال بعد اللقاء: "تباحثنا ليس فقط في عمل الوزارة، بل ايضا في امور اشمل وفي علاقاتنا الثنائية. كما تباحثنا في التطورات السياسية في لبنان. وكما تعلمون، انني في لبنان منذ اسابيع، وما زلت استفيد من التحدث عن التطورات المحلية مع شخصيات مثل الوزير سماحة".
صفير
وعرض البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير مع زواره في بكركي ومنهم الوزير السابق فؤاد بطرس ، والاوضاع على الساحتين المحلية والاقليمية.
وتحدث بطرس بعد اللقاء حول الحكومة الجديدة وعما يتردد من انها ستكون حكومة وفاق فقال" عندما تشكل حكومة من أشخاص على خلاف في ما بينهم، عندها كيف يمكن ان نطلق على هذه الحكومة حكومة وفاق؟ فهم سيختلفون داخليا. علينا اولا ايجاد توافق في ما بينهم خارج الحكومة، وعندما يتوافقون ينضمون إلى الحكومة، ندعوها حكومة وفاق.
المعشر
وعلى خط لملمة العلاقات العربية العربية بعد احراجات اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب نصف السنوي مؤخر، حيث وقفت الدول العربية موقفا شبه محايد من قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559، اكد وزير الخارجية الاردني مروان المعشر "ان اي خلافات لم تحدث بين الاردن وسوريا خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب" في القاهرة بعد قرار الاردن دعم مجلس الامن وقراره بوجه سوريا ولبنان، مشيرا الى ان موقف الاردن "مبدئي" في عدم معارضة قرارات مجلس الأمن الدولي.
واوضح المعشر بحسب ما نقلت صحف عمان عنه، ان "هناك اغلبية عربية ضد معارضة قرارات مجلس الامن بدليل عدم تعرض الوزراء في قراراتهم الختامية لهذه المسألة".
وكان وزراء الخارجية العرب اعتمدوا قرارا يؤكد مساندة "لبنان في حقه السيادي في ممارسة خياراته الداخلية ضمن الاصول والممارسات " ويدعم "قرار (لبنان) الحر في اقامة وتعزيز علاقات الاخوة والتنسيق والتعاون خاصة مع سوريا وسائر الدول العربية الشقيقة".
وتجنب قرار وزراء الخارجية العرب اي اشارة الى قرار مجلس الامن 1559، الذي يطالب بانسحاب الجيوش الاجنبية من لبنان (الجيش السوري) وبسحب سلاح الميليشيات اللبنانية (حزب الله) وغير اللبنانية (الفصائل الفلسطينية في مخيمات اللجؤ)، كما تجنب الوزراء العرب الاشارة إلى تعديل الدستور اللبناني الذي تقرر في الثالث من الشهر الجاري واتاح التمديد ثلاث سنوات (نصف ولاية دستورية) للرئيس اللبناني اميل لحود بطلب وضغط من سورية.
وقالت مصادر دبلوماسية في القاهرة لوكالة الصحافة الفرنسية ان خلو القرار العربي من اي إشارة الى قرار مجلس الامن سهل تمريره خاصة ان الاردن ودول مجلس التعاون الخليجي اعلنوا بوضوح اعتراضهم على رفض اي قرار صادر عن مجلس الامن كما تبنت مصر موقفا مشابها.
وقالت مصادر عربية ان الاجتماعات التحضيرية لمجلس وزراء الخارجية شهدت خلافات حول مشروع القرار بشأن لبنان خصوصا بين سوريا والاردن.
التعليقات