القدس: قال مصدر حكومي اسرائيلي ان اسرائيل ستهاجم قادة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الاراضي الفلسطينية وفي الخارج، بعد العملية الانتحارية المزدوجة في بئر السبع جنوب اسرائيل التي تبنتها حماس. وقال هذا المصدر طالبا عدم ذكر اسمه "ان عملياتنا المحددة الهدف ضد قادة حماس ستستمر". واضاف "ان اي حاجز جغرافي لن يوقف ملاحقة الارهابيين وقادتهم". واشار هذا المصدر الى ان العملية الانتحارية المزدوجة التي اوقعت 16 قتيلا فضلا عن منفذيها الاثنين تحمل بصمات قادة حماس التي يوجد مقر قيادتها السياسية في دمشق. وقال "ان الاوامر تأتي من دمشق".

اسراع في بناء الجدار واستنفار في كافة مناطق اسرائيل
كما افاد متحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء الاسرائيلي ان الدولة العبرية سوف تسرع اعمال البناء لـ"السياج الامني" (الجدار العازل) في الضفة الغربية بعد العملية بئر السبع. وقال رعنان غسين "سوف نسرع عملية البناء في هذا القطاع" مشيرا الى منطقة الخليل التي انطلق منها منفذا العمليتين.

ووضعت قوات الشرطة الاسرائيلية في حالة استنفار كبير اليوم الاربعاء على مجمل اراضي الدولة العبرية، كما اعلن متحدث من الشرطة. وقال جيل كلايمان لوكالة فرانس برس "لقد وضعت قواتنا في حالة الاستنفار الكبير بعد الاعتداء الانتحاري المزدوج امس الثلاثاء في بئر السبع وبسبب بدء العام الدراسي الجديد". واضاف ان "حوالى 1300 عنصر من الشرطة ومن حرس الحدود، يساندهم الاف المتطوعين، انتشروا في مجمل مدن البلاد وفي القطاعات المتاخمة للاراضي الفلسطينية". حوالى 1.7 مليون شاب اسرائيلي و143 الف مدرس معنيون بالعودة المدرسية اليوم الاربعاء بعد عطلة الصيف.

فرض إغلاق على الخليل
ونسف الجيش الاسرائيلي فجر اليوم في الخليل بالضفة الغربية منزل احد الناشطين اللذين نفذا العملية الانتحارية المزدوجة الامس في بئر السبع بجنوب اسرائيل، بعد ان فرض اغلاقا على تلك المدينة. ونسف الجنود الاسرائيليون بالديناميت المنزل المؤلف من طابقين الذي كان يؤوي احمد القواسمه (22 عاما) وكانوا يستعدون لنسف المنزل الذي كان يعيش فيه نسيب الجعبري (22 عاما ايضا) والمؤلف من طابق واحد.

واسفرت العملية الانتحارية المزدوجة التي نفذها هذان الناشطان العضوان في حركة المقاومة الاسلامية (حماس) بتفجير نفسيهما في وقت متزامن تقريبا وسط ركاب باصين، عن مقتل 16 اسرائيليا بينهم طفل في الرابعة اضافة الى حوالى مئة جريح.

كذلك اقام الجيش الاسرائيلي حواجز وسواتر من الرمل والحجارة لسد معظم المنافد المؤدية الى الخليل. وافاد مصدر عسكري ان اثني عشر فلسطينيا ملاحقا اعتقلوا خلال الليل الفائت في المدينة كما اعتقل اخرون في بيت لحم بالضفة الغربية ايضا.

وتم التعرف الى هوية تسعة من ضحايا العملية الانتحارية المزدوجة في بئر السبع في معهد الطب الشرعي في ابو كبير قرب تل ابيب كما ذكرت الاذاعة الاسرائيلية العامة. وقال متحدث باسم مستشفى سوروكا في بئر السبع ان 18 جريحا، اصابات ثلاثة منهم خطيرة، ما زالوا اليوم في المستشفى. وصرح رئيس بلدية بئر السبع ياكوف ترنر "اليوم سيكون هناك بدء العام الدراسي الجديد وسنقوم في الوقت نفسه بدفن ضحايا الاعتداء الارهابي الذي وقع الثلاثاء".

وقالت مصادر عسكرية إن الجيش الإسرائيلي سيواصل نشاطاته العسكرية الموجهة ضد أفراد حركة حماس في الخليل والتي تشمل اعتقالات وهدم منازل منفذي العملية.واعتقل الجيش الإسرائيلي، الليلة الماضية، 19 ناشطًا فلسطينيًا في أنحاء الضفة الغربية، 12 منهم في الخليل. واعتقل خمسة مطلوبين فلسطينيين في بيت لحم، كما اعتقل مطلوبان فلسطينيان جنوبي نابلس للتحقيق معهما.

واقترحت جهات أمنية إسرائيلية في أعقاب وقوع عملية بئر السبع دفع مشروع بناء الجزء الجنوبي من الجدار الفاصل قدمًا، وذلك حسب المسار الجديد. بالإضافة إلى ذلك، تقرر إغلاق معبر "إيريز" في قطاع غزة بعد محاولة لتنفيذ عملية هناك.

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون قد دعا الى عقد جلسة طارئة للحكومة لبحث الرد على الهجومين اللذين تبنتهما حركة حماس وذلك في نشرة مطبوعة تم توزيعها في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية. ونقلت الاذاعة عن مصدر عسكري ان الجيش الاسرائيلي "سيستأنف غاراته المحددة الاهداف على قادة الحركات الاسلامية الفلسطينية المتطرفة". وكانت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس اعلنت في بيان مسؤوليتها عن العملية الانتحارية المزدوجة. وقال البيان "ان كتائب عز الدين القسام تزف نبأ العمليتين الاستشهاديتين البطلتين اللتين ما هما الا رد من سلسلة الردود التي وعدت بها كتائب القسام على استشهاد قادة حركتها الشيخ احمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي". وتابع البيان ان العملية ايضا "هدية لابنائنا الاسرى في السجون والمعتقلات ومناصرة لهم في معركة الامعاء الخاوية، وهدية لابناء شعبنا في مخيم رفح وحي الزيتون في قطاع غزة".

وتوجه البيان الى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ووزير دفاعه شاوول موفاز قائلا "ان ظننتم ان استشهاد قادتنا سيضعف من هممنا فانتم واهمون فان استشهاد قادتنا لن يزيدنا الا اصرارا على مواصلة الجهاد حتى تحرير اخر ذرة من تراب ارضنا ومقدساتنا". وتوعد البيان بان يكون هذا الرد "شرارة من شرارات البركان الذي لن يخمد".

يذكر ان اسرائيل اغتالت الشيخ ياسين مؤسس حركة حماس ومرشدها الروحي في 22 اذار/مارس في غزة والرنتيسي قائد الحركة في غزة ايضا في 17 نيسان/ابريل.

احتفالات فلسطينية بهجومي حماس
وفي غزة احتفل نحو عشرين ألفا من أنصار حركة القاومة الإسلامية (حماس) بنجاح العمليتين اللتين قالت حماس انهما ردا على اغتيال اثنين من قادتها هما الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي.

ووزعت حماس شريط فيديو لمنفدي التفجيرين وهما نسيم الجعبري (22 عاما) وأحمد القواسمي (26 عاما) بجوار أسلحة وملصقات تحمل صور زعيمي حماس الراحلين. وقال أحد النشطاء وهو يحمل ملصقا كبيرا لعبد العزيز الرنتيسي قائد حماس في غزة الذي اغتالته اسرائيل قبل أربعة أشهر ان "الثأر حلو كثيرا". وكانت حماس توعدت "برد مزلزل" على اغتيال الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي للحركة. وقالت الحركة في منشور وزعته بمدينة الخليل بالضفة الغربية ان الهجومين كانا انتقاما من قيام اسرائيل باغتيال اثنين من كبار قادة الجماعة في هجومين صاروخيين بطائرة هليكوبتر في شهري مارس اذار وابريل نيسان. وقال مسلحون انهم يشعرون الآن بالرضا بعدما تمكن فلسطينيان من مدينة الخليل بالضفة الغربية من الوصول الى مدينة بئر السبع القريبة داخل اسرائيل حيث استقلا حافلتين وفجرا نفسيهما في وقت واحد تقريبا.

وخرج نحو 20 ألفا من أنصار حماس الى الشوارع في غزة فور شيوع أنباء الانفجارين وأخذوا يرددون الاغاني وقد غمرتهم الفرحة. وقال نشط من حماس عبر مكبر للصوت "هذه مجرد البداية" بينما كان نشطون آخرون يلوحون بملصقات تحمل صور الشيخ ياسين والرنتيسي ويرددون أغاني تمدحهما. وقال متحدث باسم حماس عبر مكبر للصوت "يمكن الان لياسين والرنتيسي ان يرقدا في سلام." وقال أنصار حماس انهم سعداء لان الحركة كررت محاولاتها لشن هجمات ضد الدولة اليهودية ونجحت أخيرا في قتل اسرائيليين. وقال فلسطيني "لم يخذلنا قط رجال حماس."

ادانات
وفي غضون ذلك تظاهر بعض الاسرائيليين المعارضين لخطة رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون للانسحاب من غزة في موقع الانفجارات. كما ادان مجلس الأمن الدولي وكوفي عنان الأمين العام للأم المتحدة الهجوم. وقال اندري دينيسوف سفير روسيا في مجلس الأمن، والذي ترأس بلاده المجلس حاليا، إن اعضاء المجلس يدينون الهجومين اللذين اسفرا عن مقتل ابرياء، كما أنهم يدينون كافة اشكال الارهاب الأخرى. واضاف دينيسوف إن المجلس يدين ايضا تصاعد اعمال العنف ويطالب كافة الاطراف باستئناف عملية السلام في الشرق الاوسط.
وأدانت الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية التفجيرات. اما مكتب عنان فأصدر بيانا ادان فيه بشدة الهجومين وقدم تعازيه لأسر الضحايا مطالبا السلطة الفلسطينية بفعل كل ما بوسعها لتقديم مرتكبي الهجومين للعدالة.

صدمة
وقد فصلت مسافة 100 متر الحافلتين عن بعضهما أثناء وقوع الانفجارات، وقد اشتعلت النيران في أحدهما. وقال يعقوب كوهين، سائق الحافلة الثانية التي انفجرت، والذي نجا من الحادث بإصابات بسيطة: "كنت عند المفترق وفجأة سمعت انفجارا هائلا وشاهدت الدخان في كل مكان. وتابع قائلا "أدركت أنه انفجار في حافلة بالقرب مني، فأوقفت حافلتي وفتحت كافة الأبواب، إذ دار بخلدي أنه لا بد من الهروع بالخروج. وفجأة وقع انفجار آخر داخل حافلتي". وأضاف "حينما فتحت الباب، تمكن الكثيرون من الخروج.. صعب أن أصف ما شاهدته بالداخل".

وقال عامل بإحدى سيارات الإسعاف يدعى آفي زوهار لبي بي سي إن الحافلتين كانتا تعجان بالآباء والأطفال الذين كانوا يتسوقون لشراء الحاجات المدرسية في اليوم الأخير قبل فتح المدارس أبوابها. ووصف نير حسون من صحيفة هاآرتس مشهدا مرعبا، قائلا لتلفزيون بي بي سي وورلد "هذا أول هجوم إرهابي على حافلات في بئر السبع"، وأضاف قائلا "الناس هنا في صدمة".

وبعد وقت قصير من الانفجارين، قالت الإذاعة والتلفزيون الإسرائيليان إن انفجارا ثالثا وقع في بئر السبع، غير أنه اتضح بعد هذا أنه كان إنذارا كاذبا.

الانسحاب من غزة
وعلق رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون على الهجمات بقوله "سيتم تتبع المعركة ضد الإرهاب إلى أقصى مدى".
ومن جانبه قال الوزير الفلسطيني صائب عريقات "إن السلطة الفلسطينية تدين أي هجمات تستهدف مدنيين، سواء إسرائيليين أو فلسطينيين". كما ناشد الجهات الدولية الداعمة لخطة خارطة الطريق المتعثرة بـ"التدخل فورا" لإحلال السلام في المنطقة.

يذكر أن الانفجارات الانتحارية أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص في إسرائيل منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية قبل قرابة أربع سنوات. وتقول السلطات الإسرائيلية إن الجدار الذي تبنيه في الضفة الغربية، والمداهمات المتكررة ضد من تشتبه في أنهم من المتشددين، قد ساعدت في الحيلولة دون وقوع هجمات في الأشهر الأخيرة.

وقبل الانفجارات، كان الجيش الإسرائيلي قد أورد أن قواته اعتقلت انتحاريا على أحد نقاط التفتيش بقطاع غزة قبل تمكنه من تفجير حزاما ناسفا كان يخفيه تحت ملابسه. وحدد شارون الثلاثاء جدولا زمنيا لخطوات لإجلاء سبعة آلاف مستوطن يهودي من غزة، رغم المعارضة داخل حزبه الليكود ومن جانب القوميين الدينيين الذين يقولون إن هذا يعد مكافأة لما يصفونه بـ"الإرهاب الفلسطيني".


زيارة ملغاة
وفي تطور آخر، ألغى وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ومدير الاستخبارات المصرية عمر سليمان زيارة كان من المقرر أن يقوما بها الى الضفة الغربية اليوم في اعقاب العملية الانتحارية. وكان وزير الخارجية المصري قد اعلن بنفسه انه سيزور رام الله لاجراء مباحثات مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات.

الى ذلك ذكر مصدر امني فلسطيني ان الجنود الاسرائيليين جاءوا خلال ليل الثلاثاء الاربعاء على متن دبابتين بمواكبة جرافة ونسفوا ثلاثة منازل في رفح بالقرب من الحدود مع مصر بجنوب قطاع غزة.