نبيل شـرف الدين من القاهرة: استبقت اليوم أحزاب المعارضة المصرية المؤتمر السنوي الثاني للحزب الوطني (الحاكم) من خلال حشد وإعلان موقف جماعي حيال قضايا التحول الديمقراطي الشامل، حيث اتفقت ثمانية أحزاب على بدء تحرك مشترك يستهدف الدعوة للاصلاح وإنهاء احتكار الحزب الحاكم الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك للأغلبية في المجالس النيابية، وكان مقرراً أن يحضر هذا الاجتماع رؤساء 11 حزبا لكن ثلاثة تغيبوا دون أن يقدموا اعتذاراً أو تفسيراً لغيابهم رغم دعوتهم وقبولهم الدعوة.
وعقب الاجتماع الذي ضم رؤساء أحزاب كل من حزب الوفد (اليميني) والتجمع (اليساري) والناصري (القومي) والعمل (الإسلامي)، والأمة والوفاق القومي ومصر 2000 والجيل الديمقراطي، صدر بيان مشترك جاء فيه أنهم بحثوا "إمكانيات العمل المشترك بينهم من أجل دفع عجلة الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومن أجل تحقيق مسار صحيح يتجه بمصر قدما نحو طريق تحقيق وطن حر ومواطنين أحرار".ومضى البيان قائلا "اتفق المجتمعون على تشكيل أمانة عامة للوفاق الوطني من رؤساء الاحزاب المشاركة في هذا اللقاء، ستعقد اجتماعات دورية منتظمة، مضيفاً أن المجتمعين يأملون تواصل جهودهم وجهود الشعب المصري وكل قواه الحية والفاعلة من أجل مصر ومن أجل شعبها"، بحسب ما ورد في البيان الذي تلقت (إيلاف) نسخة منه.
كما تقرر أيضاً تشكيل لجنة دائمة تتكون من رؤساء ألاحزاب بهدف وضع قواعد العمل المشترك ودعوة القوى التي تسهم في هذا الوفاق الوطني وتحديد الخطوات التالية واعداد مشروع وثيقة للاصلاح السياسي وبرنامج عمل وطني لتعرضها على الامانة العامة.
وناقش نعمان جمعة رئيس الوفد، ورفعت السعيد رئيس حزب التجمع، وضياء الدين داود رئيس الحزب الناصري، الدعوة لحضور الاجتماع إلى كل من: المهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل، وأحمد الصباحي رئيس حزب الأمة، وابراهيم ترك رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، وعبدالمنعم الأعسر رئيس حزب الخضر، وأسامة شلتوت رئيس حزب التكافل، وأحمد شهيب رئيس حزب الوفاق الوطني، وفوزي خليل غزال رئيس حزب مصر 2000، وناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الديمقراطي، ناقشوا تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما يواصلون تدارس التداعيات المترتبة على اصرار الحزب الحاكم على الاستمرار في سياساته الخاطئة التي أدت الي ما تمر به البلاد من أزمة خانقة في مختلف المجالات.
كما بحث المجتمعون الترتيبات الخاصة بالدعوة لعقد اجتماع موسع يضم مختلف احزاب المعارضة وممثلي القوى السياسية الشخصيات العامة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية. ويهدف هذا الاجتماع إلى تشكيل أمانة دائمة لقوى المعارضة، يمكنها أن تحدد مسار القوى الوطنية المصرية لتحقيق نهوض وطني يحقق طموحات الشعب المصري في وطن حر ومواطنين أحرار".
وكان رؤساء أحزاب الوفد والتجمع والناصري قد عقدوا اجتماعا يوم 25 من شهر آب (أغسطس) في مقر الوفد، أعلنوا في ختامه بيانا صحافياً دعوا فيه إلى هذا التحرك الجاد لأحزاب وقوى المعارضة. وأكدوا أن التحرك الذي تدعو إليه الأحزاب الثلاثة، ينطلق من واجب وطني مضادة ان مصر في حاجة لتحديث واصلاح لجميع هياكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لمواجهة المشاكل الداخلية والإقليمية والعالمية. كما وصفوا اجتماعهم بأنه دعوة لاشتراك كل جماهير الشعب المصري في رسم خريطة المستقبل ومواجهة تحديات الحاضر بخطوات تهدف لمشاركة جميع القوى السياسية الفاعلة في تحديد مسار العمل الوطني.
وقال نعمان جمعة رئيس حزب (الوفد) إنه "لا يمكن مواجة المستقبل وحزب أوحد يسيطر على الحياة السياسية ويحتكر المقاعد النيابية ويندمج في الدولة، والحوار الوطني تحول إلى وعد كاذب فمن بين 17 حزبا سياسيا يسيطر الحزب الوطني بانتخابات مطعون بصحتها وأمانتها على 95% من مقاعد مجلس الشعب والشورى والمحليات وتجري المنافسة على النسبة الباقية بين الأحزاب".
وكتب رفعت السعيد رئيس حزب التجمع البيان الصحافي بنفسه، وأذاعه ورأي البيان أن المجتمعين يهدفون إلى تحديد مسار حقيقي وجاد للخروج بالبلاد من المأزق الخطير الذي تواجهه، وأشار إلى قرار رؤساء الأحزاب الدعوة إلى عقد اجتماع موسع يضم مختلف أحزاب المعارضة، وممثلي القوى السياسية والشخصيات العامة ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية، بهدف تشكيل أمانة دائمة لقوى المعارضة.
وحول موقف الاحزاب الثمانية من احتمال ترشيح مبارك لفترة رئاسة خامسة قال السعيد "هذا الامر لم يبحث بعد. نحن قررنا تشكيل هيئة مكتب سوف تعد مشروعات لمواقف وتقارير وستعرض على الامانة العامة لأحزاب المعارضة التي تضم رؤساء كافة الاحزاب وعندما نتفق على موقف محدد سنعلنه"، وأضاف "لا أحد يستعجلنا. نحن أحزاب مختلفة ولنا رؤى ليس شرطا أن تكون متوافقة.
ويوجد في مصر 17 حزبا أغلبها هامشي وبعضها مجمد لخلافات بين قادتها، ونشأت هذه الاحزاب بقرار للرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1976 وسميت منابر وكانت ثلاثة أحدها لليمين والثاني لليسار والثالث منبر الوسط واختاره السادات لنفسه، وفي العام التالي تحولت هذه المنابر إلى أحزاب سياسية، ثم ارتفع عددها بمرور الوقت، ليصل إلى 17 حزباً كان تأسيس معظمها بموجب أحكام قضائية، وهو الأمر الذي يراه مراقبون سياسيون في القاهرة أمراً لا يعني الكثير بالمشهد السياسي الداخلي في البلاد، ذلك لأن حصول هذه الأحزاب على الشرعية لا يعكس امتلاكها لمؤهلات وقدرات التأثير الجماهيري الحقيقي، لاستقطاب الجماهير ودفعهم للاهتمام بالشأن العام، بقدر ما يعبر عن البراعة القانونية لمحامييهم في إقناع القضاة بأن برامج هذه الأحزاب تتسق مع مقتضيات الدستور والقانون، وتختلف عن برامج الأحزب الأخرى القائمة بالفعل، ولم يصل أي حزب معارض إلى الحكم، أو يشارك فيه، ولا يبدو أن ذلك أمر وارد في المستقبل المنظور.
التعليقات