محمد الخامري من صنعاء : هددت مجموعة من البرلمانيين في المعارضة اليمنية تبني قراراً بسحب الثقة عن الحكومة بحجة عدم تنفيذ التزامات تعهدت بها أمام البرلمان في حزيران ( يونيو) الماضي بشأن إلغاء اتفاقية بيع 60 بالمائة من حصة الشركة اليمنية في القطاع النفطي ( 53 ) بمحافظة حضرموت. في حين تفجرت فضيحة عمولات حول القضية تهدد الاطاحة بعدة رؤوس .

وقال احد نواب المعارضة اليمنية لـ" إيلاف " ان المهلة التي حددها البرلمان للحكومة بشأن إلغاء الاتفاقية المذكورة والتي حددها بـ60 يوما بدأت في السادس من حزيران وانتهت في السادس من آب دون أن تعلن الحكومة أي إجراءات تشير إلى عملية الإلغاء أو مناقشته مع الجهات المعنية ، مشيرا إلى أن انتهاء المدة جاء متزامنا مع توقيت الإجازة الدورية لمجلس النواب ولا نعلم ما الذي آلت إليه الأمور بشأن تلك الاتفاقية ، مشيرا إلى انه سيعمل في إطار كتلته البرلمانية وبالتنسيق مع الكتل المعارضة الأخرى في البرلمان للمطالبة بسحب الثقة من الحكومة إذا لم تلتزم بإلغاء الاتفاقية النفطية حسب الوعود التي قطعتها أمام المجلس في وقت سابق ، مؤكدا ان يوم السبت المقبل سيكون يوما استثنائيا من أيام مجلس النواب. وأشار البرلماني مفضّل اسماعيل إلى انه جاد في تقديم استفساراته على تلك الاتفاقية.

من جانبه وافق النائب سلطان حزام العتواني، على ما طرح بشان الاتفاقية معتبرا أن من أولويات المجلس معرفة ما الذي اتخذته الحكومة بشأن توصيات المجلس التي التزمت بها في حزيران الماضي بشأن إلغاء اتفاقية بيع النفط وأعطيت المهلة التي طلبتها للتنفيذ والتي حددتها بـ 60 يوماً ، واتهم وزير النفط اللجنة بعدم مصداقية معلوماتها الواردة في التقرير وبعدم صدق نواياها في أثارة هذا الموضوع، معتبرا أنه "يضر بالاستثمار في البلد".

وكانت هذه الاتفاقية فجرت أواخر آيار( مايو) خلافات حادة داخل الحكومة، وفي مراكز عليا من إدارة الدولة في اليمن ، حيث عقد وزير النفط رشيد صالح بارباع أطول لقاء في تاريخ وزارة يمنية استمر اكثر من 10 ساعات مع أركان وزارته في محاولة لترتيب أوضاع الوزارة قبل بدء البرلمان نقاشه للتقرير الذي قدمته لجنة التنمية والنفط الى مجلس النواب بشأن اتفاقية بيع 60 بالمائة من حصة الشركة اليمنية في القطاع النفطي ( 53 ) بمحافظة حضرموت ، كما التقى نواب محافظة حضرموت التي ينتمي إليها وتتعلق بها معلومات الاتفاقية ، وشكى لهم من " مخاوف تحويله إلى كبش فداء للتغطية على أخطاء اشتركت فيها أطراف عدة لإتمام الصفقة التي حصلت بموجبها جهات عليا وشخصيات في مستويات مختلفة منها على عمولات من 15 مليون إلى 400 ألف دولار".

ونشرت وسائل الإعلام آنذاك بعض التقارير التي تحدثت عن معارضة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة إلغاء الاتفاقية، وبمساندة رئاسة مجلس النواب، فيما شدد النواب على إلغائها في ذلك الوقت ، وعمت الفوضى جلسات مجلس النواب لفترة ليست بالقصيرة بسبب تلك الاتفاقية التي أثارتها لجنة التنمية والنفط في تقريرها الذي رفضه آنذاك وزير النفط والمعادن متهما اللجنة بأنها أوردت في تقريرها معلومات غير سليمة وأقوال محكومة بنوايا غير صادقه ، الأمر الذي جعل بعض النواب يتهمون وزارة النفط " باللصوصية والفساد " ويدخلون مع وزيرها في تلاسنات حادة أدت إلى انسحاب رئيس الجلسة قبل رفعها.

من ناحية أخرى نشر الموقع الاليكتروني لحزب الإصلاح وثيقة رسمية تكشف تورط الحكومة في فضيحة نفطية جديدة حيث وافق وزير النفط على تنازل شركة أوكسيدنتال لشركة إنسان ويكفس ليمتد الشريك في الإنتاج بنسبة 23% في تموز (يوليو)بكامل حصتها البالغة 70% في القطاع النفطي 44 شمال حواريم بمحافظة حضرموت ، وبعدها بخمسة أيام وافق الوزير على تنازل شركة إنسان ويكفس ليمتد (المتنازل لها) بنسبة 65.1% إلى شركة ( دي.إن.أو ) وتعيينها مشغل للقطاع خلفاً لشركة أوكسيدنتال.

وكانت هيئة استكشاف وإنتاج النفط طالبت الوزير في 6 من تموز أي قبل موافقته بيوم واحد فقط ، بعدم الموافقة على الطلب الذي تقدمت به شركة أوكسيدنتال المشغل في القطاع 44 بالتنازل على نسبة 70% من حصتها إلى شريكها في الإنتاج إنسان ويكفس ليمتد الغير مؤهلة فنياً وليس لديها الخبرة في عمليات التشغيل حسب ما تم الاتفاق عليه في عملية التقييم الفني للشركات المتنافسة على القطاعات الستة المعمدة من قبل الوزير في 30 آذار (مارس).

وأكدت الوثيقة أن شركة إنسان ويكفس ليمتد التي تم التنازل لها بموافقة الوزير استبعدت من الدخول في عملية المنافسة على القطاعات النفطية الستة باعتبارها غير مؤهلة فنياً بالإضافة إلى عدم قدرتها على الارتقاء بالتزاماتها من القطاع.

واعتبر رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط المهندس نبيل القوسي تنازل شركة أوكسيدنتال بكامل حصتها البالغة 70 بالمائة لشركة إنسان ويكفس ليمتد غير قانوني، وقال في رسالة وجهها إلى وزير النفط والمعادن أن شركة إنسان ويكفس ليمتد استخدمت كجسر عبور لانتقال حق الامتياز في تشغيل القطاع 44 من شركة أوكسيدنتال إلى شركة (دي.إن.أو).

وجاء في رسالة المهندس نبيل القوسي رئيس الهيئة العامة للاستكشافات النفطية الموجهة إلى وزير النفط بأن عدم موافقة الهيئة على التنازل مستمد من مواد ونصوص اتفاقية المشاركة في الإنتاج الموقعة بين وزارة النفط والمعادن والشركة ومن ضمنها عدم قيام شركة أوكسيدنتال بتسديد 160 ألف دولار للوزارة، كما أن شركة إنسان ويكفس غير مؤهلة فنياً وليس لديها الخبرة في عمليات التشغيل.

وعبر القوسي عن استغرابه لقيام الشؤون القانونية بالإفتاء بجواز هذه العملية المخالفة للاتفاقية إذ أنه كان يجب على الشركة المشغلة للقطاع الانسحاب منه عند عدم قدرتها على الاستمرار في تشغيله أو التنازل عنه للشركة اليمنية، تحت التأسيس، أو الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية كونها شريكاً في القطاع 20 وكلتا الشركتين مملوكتين للدولة، حيث ستتمكن الوزارة من خلال أي من هاتين الشركتين البحث عن مشغل ذو كفاءة وقدرة فنية واقتصادية وفرض الشروط الملائمة لمصلحة الوزارة على المشغل الجديد. وطالب القوسي وزير النفط بالتراجع عن التنازل مراعاة للمصلحة العامة وتفادياً للنتائج السلبية المترتبة على ذلك حيث أكد أنه في حال عدم قدرة شركة أوكسيدنتال على عملية تشغيل القطاع وقيامها بالانسحاب منه فإن الوزارة ممثلة بالهيئة ستقوم بإدراج هذا القطاع ضمن القطاعات الترويجية باعتباره من القطاعات المشجعة، وبالتالي توقيع اتفاقية مشاركة في الإنتاج جديدة بشروط اقتصادية وفنية أفضل.

وفي ما يلي الرسالة التي وجهها المهندس نبيل صالح القوسي رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط لوزير النفط والمعادن.

الأخ وزير النفط والمعادن
الموضوع تنازل شركة اوكسيدنتال إلى شركة إنسان ويكفس (حضرموت) ليمتد بكامل حصتها في قطاع شمال حواريم (44) محافظة حضرموت

بالإشارة إلى الموضوع أعلاه .. نود الإفادة بأننا تلقينا بتاريخ 7/7/2004م ومرجع (و.ن.م/62/465) نسخة من موافقتكم على تنازل شركة أوكسيدنتال بكامل حصتها البالغة (70%) في القطاع (44) شمال حواريم – محافظة حضرموت إلى شركة إنسان ويكفس (حضرموت) ليمتد، الشريك في الإنتاج لتصبح حصتها (93%) ونسبة (7%) حصة الوزارة المحمولة، كما تلقينا بتاريخ 12/7/2004م ومرجع (و.ن.م/62/484) نسخة من موافقتكم على تنازل شركة إنسان ويكفس (حضرموت) ليمتد بنسبة (65.1%) على شركة " دي إن أو " وتعيينها مشغل للقطاع خلفاً لشركة أوكسيدنتال.

وهنا نود الإشارة إلى الطلب المقدم من شركة أوكسيدنتال بتاريخ 1/6/2004م (المشغل) للقطاع (44) بموجب اتفاقية المشاركة في الإنتاج المصادق عليها بتاريخ (8/7/2001م) والمحال إلينا من قبلكم بتاريخ 14/6/2004م بشأن الإطلاع والرأي حول طلب الشركة وكذا توجيهاتكم إلينا بتاريخ 5/7/2004م ومرجع (و.ن.م/6/458) بالإضافة إلى تعقيب الأخ وكيل الوزارة بتاريخ 5/7/2004م تنفيذاً لتوجيهاتكم بتدارس طلب التنازل المقدم من شركة إنسان ويكفس مع الهيئة والرفع برأي قانوني موحد.

وعليه .. فقد تم الرفع إليكم برأي الهيئة في تاريخ 6/7/2004م بشأن طلب شركة أوكسيدنتال المشغل للقطاع (44) بالتنازل بنسبة 70% من حصتها إلى شريكها في الإنتاج إنسان ويكفس (حضرموت) ليمتد وقد كان رأي الهيئة عدم الموافقة على التنازل للأسباب التالية المستمدة من مواد ونصوص اتفاقية المشاركة في الإنتاج الموقعة بين وزارة النفط والمعادن والشركة بتاريخ 14/1/2001م :
1- عدم قيام شركة أوكسيدنتال (المشغل) بتسديد المبلغ (160.204$) وهو المبلغ المتبقي عليها من قيمة المعلومات التي قامت بالإطلاع عليها وتصويرها حسب الفواتير المرفقة علماً بأنه تم مطالبة الشركة مرات عديدة كان أخرها رسالتنا إلى الشركة بتاريخ 29/6/2004م مرجع (و،هـ،ش/14/2004م) أو إرفاق ما يؤكد الإيفاء بتسديد هذا الإلتزام المنصوص عليه في المادة (20-2-1،3) مما يعني عدم قانونية التنازل.
2- بالإستناد إلى البند (20-2) للمادة (20) التي تنص على " يجب على المتنازل له المقترح أو المتنازل إبراز إثبات مناسب للوزارة عن القدرة المالية والكفاءة الفنية للمتنازل له" وحيث أن شركة إنسان ويكفس غير مؤهلة فنياً وليس لديها الخبرة في عمليات التشغيل حسب ما تم الإتفاق عليه في عملية التقييم الفني للشركات المتنافسة على القطاعات الستة المعمد من قبلكم بتاريخ 20/3/2004م، حيث أستبعدت من الدخول في عملية المنافسة باعتبارها غير مؤهلة فنياً بالإضافة إلى عدم قدرتها بالإيفاء بالتزاماتها في القطاع (B10).

وعليه .. فإننا نستغرب كيف تمت عملية الموافقة على التنازل من شركة أوكسيدنتال بتروليم المشغل للقطاع بنسبة (70%) لصالح شركة إنسان ويكفس الشريك بالإنتاج بنسبة (23%) وكيف تم فهم رأي الهيئة المستند على فقرات وبنود المادة (20).

كما أننا فوجئنا بعملية البيع لنسبة (65.1%) من حصة شركة إنسان ويكفس إلى شركة (دي إن إو) ليصبح مشغلاً للقطاع بمعنى أن شركة إنسان ويكفس عملت كجسر عبور لانتقال حق الامتياز في تشغيل القطاع (44) من شركة أوكسيدنتال إلى شركة (دي إن أو) ، وهذا يستدعي التساؤل كيف حدى بالشؤون القانونية الإفتاء بجواز هذه العملية المخالفة للاتفاقية إذ أنه كان يجب على الشركة المشغلة للقطاع الإنسحاب منه عند عدم قدرتها على الإستمرار في تشغيله أو التنازل للشركة اليمنية تحت التأسيس، أو الشركة اليمنية للإستثمارات النفطية والمعدنية كونها شريك في القطاع (20) وكلتا الشركتين مملوكة للدولة، حيث ستتمكن الوزارة من خلال أي من هاتين الشركتين البحث عن مشغل ذو كفاءة وقدرة فنية واقتصادية وفرض الشروط الملائمة لمصلحة الوزارة على المشغل الجديد.

وفي حالة عدم قدرة شركة أوكسيدنتال على عملية تشغيل القطاع وقيامها بالانسحاب منه فإن الوزارة ممثلة بالهيئة ستقوم بإدراج هذا القطاع ضمن القطاعات الترويجية باعتباره من القطاعات المشجعة وبالتالي توقيع اتفاقية مشاركة في الإنتاج جديدة بشروط اقتصادية وفنية أفضل، مما يعني جلب فائدة اقتصادية تسهم في رفد خزينة الدولة بملايين الدولارات الناجمة عن المنح بالإضافة إلى الأعمال الفنية التي سيتم تنفيذها من قبل المشغل الجديد.

وعليه ..
فإن الهيئة باعتبارها المسئول المباشر في عملية الإشراف والرقابة الفنية على العمليات النفطية في الجمهورية اليمنية ترجوا منكم مراجعة هذا التنازل مراعاةً للمصلحة العامة وتفادياً للنتائج السلبية المترتبة على تنفيذه.

مهندس / نبيل صالح القوسي
رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط

و قالت مصادر نفطية في وزارة النفط والمعادن أن عملية التنازل بين الشركات الثلاث تمت عقب حصول أطراف مختلفة داخل الوزارة وخارجها على عمولات تقدر بملايين الدولارات. يذكر أن المهندس نبيل القوسي رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط كان قد تعرض لحادث صدام في الحي السياسي بالعاصمة صنعاء أدى إلى رضوض متفرقة في جسمه، وبعد أسبوعين تعرض لنزيف في الدماغ نقل على إثره إلى المستشفى، واستبعدت مصادر الوزارة أن يكون للحادث علاقة بالخلاف الذي نشب بين القوسي ووزير النفط حول التنازل الذي وافق عليه الوزير واعتبره رئيس هيئة إنتاج واستكشاف النفط غير قانوني.