اختارت يوم مؤتمره العام لعقد اجتماعها
المعارضة المصرية تتحدى الحزب الحاكم


نبيل شرف الدين من القاهرة: لا شك أنها لم تكن مصادفة أن يتفق رؤساء أحزاب المعارضة الرئيسية في مصر على اختيار يوم الحادي والعشرين من شهر أيلول (سبتمبر) الحالي موعداً لاجتماعها لمناقشة آليات التحرك نحو تحقيق الاصلاح في مصر، إذ أن هذا اليوم سيكون موعد بدء المؤتمر العام للحزب الوطني الحاكم، الذي عقد اليوم من أجل دراسة ترتيباته النهائية الرئيس حسني مبارك اجتماعا مع المجموعة السياسية صباح اليوم الأربعاء، حضره رئيس الوزراء وعدد من الوزراء إضافة إلى جمال مبارك، الذي بدا واضحاً أن دوره يتنامى بشدة مؤخراً.

وقرر رؤساء أحزاب المعارضة في اجتماعهم اعداد وثيقة شاملة للإصلاح السياسي في مصر، تتضمن "برنامجا للعمل الوطني يهدف إلى تحقيق مسار صحيح يتجه بمصر قدما نحو وطن حر ومواطنين أحرار"، كما ورد في بيان صدر عقب الاجتماع، وكذا تشكيل أمانة عامة للمعارضة ولجنة دائمة من رؤساء الأحزاب المجتمعة لوضع قواعد العمل المشترك.

واجتمع ممثلو أحزاب المعارضة وهي "الوفد، والتجمع، الناصري، العمل، الأمة، الوفاق القومي، مصر 2000 الجيل الديمقراطي"، وناقشوا الأوضاع السياسية الراهنة وبحثوا امكانيات العمل المشترك بينهم لدفع عجلة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما تقرر تشكيل لجنة دائمة تتكون من رؤساء الأحزاب بهدف وضع قواعد العمل المشترك ودعوة القوى السياسية التي ستسهم في هذا النشاط وتحديد الخطوات التالية لتعرضها على الأمانة العامة، وإعداد مشروع وثيقة للاصلاح السياسي وبرنامج عمل وطني، كما قرروا تحقيق تحرك شعبي سلمي ومنضبط للضغط من أجل إصلاح سياسي شامل يحقق للوطن وللمواطنين ديمقراطية حقيقية، وتم اختيار الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع متحدثا رسميا لتوافق القوى الوطنية للإصلاح، كما تحدد الأمانة العامة عددا من الشخصيات العامة التي تلعب دورا بارزا في مجال الإصلاح لدعوتهم للانضمام إلى صفوف التوافق.


استبعاد الإخوان
وعلى الرغم من المساعي الحثيثة التي قام بها قادة جماعة الاخوان المسلمين المحظورة مؤخراً، غير أن هناك اتفاقاً بين أحزاب المعارضة المشاركة في هذا التحرك على استبعاد مشاركتها، حيث تستشعر أحزاب المعارضة ان الغرض الأساسي من محاولات الاخوان منذ فترة لإجراء حوار ما هي إلا إثبات القدرة علي قيادة الحركة السياسية في البلاد، وظهرت مؤشرات استبعاد الاخوان من المشاركة في وثيقة الإصلاح منذ فترة حيث أرجأ مسئولون في حزب الوفد عقد لقاءات مع الجماعة، وأبلغوهم ان ذلك يرجع لانتهاء مرحلة تبادل وجهات النظر التي تمت، ولانتظارهم ما ستسفر عنه لقاءات الاخوان مع باقي أحزاب المعارضة، وممثلي الشيوعية، كما كان ذلك واضحا أيضا خلال اللقاء الذي جرى مع قيادات حزب التجمع حيث سارع ممثلوه إلى اصدار بيان عقب اللقاء مباشرة يتضمن ما جرى كما تضمن اللقاء رفضا من جانب رئيس الحزب رفعت السعيد لأية أشكال للتعاون سواء في جبهة أو من خلال لجنة الخمسين التي طرح الاخوان تشكيلها من القوى السياسية، كما عرض حسين عبدالرازق أمين عام الحزب في نفس الإطار التجارب السابقة ما بين الحزب والاخوان، والتي حملت في طياتها عدم التزام جماعة الاخوان بأي اتفاق يتم إبرامه بينهما، كما هاجم أيضاً موقف الاخوان ومبادرتهم الداعية للتميز ضد المرأة والاقباط.

أزمة المعارضة
ورداً على سؤال عن خلفية وأسباب تأخر اصدار الوثيقة بشكل نهائي، قال رفعت السعيد رئيس حزب التجمع (اليساري) إننا كرؤساء أحزاب كنا نعمل لاعداد وثيقة واتفقنا فيما بيننا على انه من غير اللائق ان ننفرد بإعدادها ثم نطلب من باقي أحزاب المعارضة ان تلتزم بها، وأنه ليس شرطا ان تكون الوثيقة التي اتفقنا عليها هي التي تصدر، وربما يقتضي الموقف تغييرها بعد انضمام قوي جديدة وطرح رؤى جديدة وخلق مواقف جديدة.

وحول وجود مشاكل داخلية في بعض الاحزاب، وأنه كان من الاولى إنهاؤها قبل الحديث عن اصلاح شامل خارج الاحزاب، أكد الدكتور نعمان جمعة ان جميع الاحزاب المشاركة ليس لديها مشاكل أو انقسامات كما يشيعون وأنها جميعاً لها أيديولوجيات، بينما هناك اختلافات طبيعية في تاريخ كل الاحزاب العالمية وحزب الوفد بالذات يعرف الاختلاف في الرأي، فالناس تختلف مع القيادة وتختلف بطريقة أو بأخري وهي علامة صحة وعلامة قوة فعندما نطالب رئيس الدولة بفترتين رئاسيتين فقط فهذا حق لأن رئيس الدولة أو المسئول التنفيذي يختلف عن رئيس الحزب، ففي رئاسة الاحزاب في العالم كله ـ رئيس الحزب لا يملك سلطات تنفيذية وليس في يده، قوة القرار السياسي علي الاعضاء. ويأخذ مكانه الادبي بعد فترة من الزمن تطول أو تقصر ومن الصعب أن نقول إن رئيس الحزب بعد انتخابه يحاول أن يحصل علي رضا الاعضاء وإلا سيكون هناك شللية في داخل الاحزاب، انما نحن كأحزاب نلتزم بنظمنا الداخلية داخل أحزابنا وهي شأن داخلي ليس لأحد أن يتدخل فيه، لأن الحزب كيان خاص داخلي والدولة تمسنا جميعاً.

وفي معرض تعليقه على سؤال حول طرح أكثر من فكرة للوفاق الوطني خلال أكثر من ربع قرن وجمع توقيعات، وكان آخر مشروع قدمه الدكتور سعيد النجار وتضمن نفس المطالب، لكنه لم يخرج للواقع بشكل عملي، قال رفعت السعيد ان أحزاب المعارضة وصحفها تخوض معركة سياسية طويلة الامد وتحقق جزء منها ونواصل من أجل تحقيق بقية الاهداف، فليست المشكلة في أن أحزاب المعارضة طالبت بالاصلاح، ولم يتحقق ولكن العيب علي من يرفضون تحقيق الاصلاح ويكفي اننا نجحنا في أن نحرك الساكن وأن ندفع الحزب الحاكم الي أن يعترف بأن مصر بحاجة إلى إصلاح سياسي، وقبل ذلك كان الشعار المرفوع هو أن مصر تعيش أزهي عصور الديمقراطية، غير أن اعتراف الطرف الآخر (الحزب الحاكم) بأننا في حاجة إلى إصلاح سياسي يعد انتصاراً حققته المعارضة المصرية خلال السنوات الماضية.