بهية مارديني من دمشق: يوصف قانون المطبوعات السوري رقم 50 للعام 2001 بانه قانون امني حيث انه يخضع الى منظومة رقابية حادة ، اضافة الى النظر اليه باعتباره سيف مسلط على الصحافيين والاحزاب التي تصدر مطبوعات دون موافقات لعدم وجود قوننة لها.
وفي هذا الصدد قال المحامي والناشط الحقوقي انور البني ل "ايلاف" ان قانون المطبوعات هو قانون عقوبات اذ استمرت فيه سيطرة السلطة التنفيذية على وسائل الاعلام عن طريق المنح او المنع دون ضوابط قانونية او قضائية ، واشار البني الى موضوع الموافقة على دخول المراسلين الاجانب ومنحهم التراخيص للعمل ،ولكن من ناحية اخرى ،ازدادت العقوبات بطريقة كبيرة على الصحافيين وُوضعت تعابير مطاطة حسب ماتراها السلطة مثل المس بالمجتمع او الامن او الجيش ونشر اخبار تمس هيبة الدولة والدولة هي من تحدد كيف ولماذا واين تمس؟ .
ومن جانب اخر اوضح البني ان هناك موضوع تقييد حرية الصحافة من خلال رفض منح اية تراخيص لمطبوعات سياسية ضمن سلسلة قوانين الهيمنة على المطبوعات .
ولفت البني الى ان هذه السلسلة تبدأ بالمؤسسة العامة لتوزيع المطبوعات مرورا "بالمؤسسة العربية للاعلان التي توجه قنواتها المالية الى الجهات المرضي عليها فقط "انتهاء "بقانون نقابة الصحافيين الذي يجعل كل صحافي تحت لواء حزب البعث وهيمنة الايديولوجيا والسلطة ".
من جانبه قال الكاتب السوري مشعل التمو ل"ايلاف" ان أي صحافي سوري معرض للاعتقال والمساومة بموجب قانون المطبوعات وهو نص فضفاض يمكن تفسيره بعدة تفسيرات فاذا نشر الصحافي خبرا لا يلائم مزاج الرقيب او رجل الامن يمكن اعتباره بكل بساطة نشر معلومات كاذبة وخير دليل هو محاكمة ابراهيم حميدي مراسل جريدة الحياة .
وراى التمو ان هذه المادة تفرض قيودا اضافية على عمل الصحافي وتجعله قانونيا تحت مظلة قانون الطوارىء ، مشيرا الى ان القانون الذي سبقه كان افضل رغم قدمه لان القانون الحالي هو عبارة عن اقرار لقانونية قانون الطوارىء .
ولفت التمو الى نقطة اخرى وهي ان اية مطبوعة لايسمح لها بالظهور الا اذا حصلت على ترخيص واية مطبوعة معرض صاحبها للاعتقال فهناك احزاب تصدر مطبوعات لاترخيص لها اذ وجود لقانون احزاب حتى ترخص مطبوعاته التي تحتاج اصلا الى موافقات امنية عديدة.
وشدد التمو ان قانون المطبوعات سيف ذو حدين فقد يعتقل صاحب المطبوعة اذا كانت رؤيته مخالفة للرؤية السلطوية او يمكن غض النظرعن اصدارها وهي قاعدة اساسية في سورية فقد اعتقل ثلاثة اكراد لوجود مطبوعة كردية حزبية في حوزتهم بينما كان يغض عن هذا سابقا قبل احداث القامشلي الاخيرة .
واضاف التمو انه يخضع الى ذات المنظومة الامنية مسالة السماح باصدار الكتب والمطبوعات السياسية وحتى الثقافية ويمكن ان يخضع أي كتاب لعدة قراءات ويتوقف ترخيصه على جملة او كلمة واحدة تؤول حسب الرقيب ، لافتا الى قضية اخرى فقد تم مؤخرا سحب كتاب الشيخ محمد معشوق الخزنوي بعد ترخيصه وطرحه في الاسواق لانه تضمن كلمة لم ينتبه اليها الرقيب وهي كلمة كوردستان.
اما الكاتب ابراهيم اليوسف وهو عضو في اتحاد الصحافيين السوريين وعضو في اتحاد الكتاب العرب فقد قال ل"ايلاف" لقد جاء" قانون المطبوعات السوري " "الجديد في لحظة سورية استثنائية بلغت فيها التناقضات أوجها,حيث: عدم الرضا عن المنظومة القديمة لدى الشارع السوري برمته,ومن ثم التطلع في الوقت نفسه لتجاوز مما هو فيه, حيث جاء ما سمي بربيع دمشق-كي يحاول استيعاب هذه الحالة ،على مضض،وبأدق ّ تعبير هضم الحالة بيولوجياً،لارؤويّاً، وكان من نتاجه التفاف العقلية المتمترسة خلف القديم على الحالة الجديدة في البلاد ، وشنّ حملة التخوين ،بل والقمع بحقّه .
واوضح اليوسف انه في هذا المعمعان من الصراع ،ولد قانون المطبوعات الذي علّق عليه الشارع السوري آمالا كبيرة ،جديدة قبل صدوره لاسيّما أن قانون المطبوعات السابق لم يكن ليتماشى مع المرحلة، على اعتبار إنه كان نتاج مرحلة الواحدية :سلطة وحزباً ورأياً لدرجة تصادي الرأي الرسمي في ثلاثة صحف وحيدة آنذاك ، لدرجة استنساخية ، مقيتة ،وهو ما ينسحب طبعاً على الرائي، والمذياع ،بالشكل عينه .
واضاف "انه من البديهيّ، إن تكليف المجموعة التي استظهرت فقر القانون ألتأريخي السابق بصياغة آخر جديد دون سواهم من الإعلاميين ذوي النفس الوطني العقلاني جاء بوليد مسخ حقّا ً ، صار مدعاة استهجان المعنيّ بالإعلام، صانعاً ،مرسلاً، ومتلقياًَ في آن واحد ، وهوما سيكون علىعلاقة خطيرة لفهم العقلية المتحكمة التي لا تريد إفلات الأمور من يدها ودون أن تفهم بأنها تتعامل مع مرحلة جديدة ، خطيرة ، حسّاسة ،قطع فيها العالم أميالاً ضوئية في مجال التطور والثورة المعلوماتية ، وعصر الانترنيت ، كي نكون في التالي أمام وليد مشوّه ، مخيّب للآمال وفي مكنة أيّ شرطيّ أن يسجن أي مواطن ، مادام انه يحمل في يده صحيفة مطبوعة منقوصة الشروط التعجيزية ، ناهيك عن موزع الجريدة ,أو صاحبها,أو كتابها".
واشار اليوسف إلى أن هذه بعض عيوب ومساوىء قانون المطبوعات الذي آن الأوان لاستبداله بأخر عصري , يصوغ بنوده إعلاميون منفتحون على مستجدات الواقع .وشدد انه إزاء هذه التطورات الهائلة التي نشهدها عالمّياً وعربيّاً ومحليّاً ، باتت الحاجة إلى تهيئة الأجواء لإعلام حرّ وقانون مطبوعات عصريّ ،في غاية الضرورة ، لاسيّما إزاء الممارسات اليوميّة المستهجنة من : تضييق الخناق على أصحاب الآراء الخاصة في هذا المنبر الإعلامي ،أو ذاك ،و التلويح بقائمة ممنوعات ، لايمكن اختراقها ناهيك عن إمكان سجن الصحافي وصاحب الرأي ، لمجرّد تجاوزه الخطوط الحمراء على كثرتها وحجب بعض مواقع الانترنيت ،وسوى ذلك , مما يشكل حقاً علامة غير صحيحة , لابد من إزالتها,ضمن خلق حالة جديدة يسهم خلالها الصحافي السوري في التحرر من سلطة الخوف التي تبدأ من داخله وتكاد لا تنتهي ضمن الدائرة التي يشكّلها الرقيب وكاتب التقرير في الحي و المؤسسة, و الزميل عديم الموهبة,ضمن متوالية مديدة ومعروفة .