دحلان أبرز الذين يتحدثونها بطلاقة وتعلمها في السجن
كلمات وتعابير عبرية تنتشر وسط الفلسطينيين
رام الله: فيما يشق الفلسطينيون طريقهم بصعوبة عبر الاسلاك الشائكة على طريق يؤدي الى القدس من مدينة رام الله في الضفة الغربية يستقبلهم الباعة الجائلون وسائقو سيارات الاجرة بضجيج صاخب من الهتافات يستخدمون فيه مزيجا من اللغتين العربية والعبرية
وقد أخذ سائق فلسطيني يصرخ بالعبرية "الى الحاجز الى المحسوم" مناديا الزبائن الراغبين في التوجه من نقطة التفتيش الاسرائيلية الرئيسية قرب رام الله الى اخرى أكثر قربا من وسط القدس الشرقية
أخذ الفلسطينيون يستخدمون كلمات عبرية كثيرة في أحاديثهم ليس فقط مع الجنود الاسرائيليين بل في كلامهم مع بعضهم بعضا
واللغة هي الترمومتر لقياس مدى التداخل بين المجتمعين الفسلطيني والاسرائيلي حتى في الوقت الذي يسعى فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لتنفيذ خطة من أجل "فك الارتباط" على أرض الواقع مع الفلسطينيين
الا ان معظم الكلمات العبرية التي يستخدمها الفلسطينيون وثيقة الصلة بالنزاع مع الاسرائيليين
ومن أشد ما يخشاه الفلسطينيون ميشمار هاجفول أو شرطة الحدود. وقد توقف بعضهم هذه الوحدات في الشوارع لتطلب بطاقات الهوية أو للتأكد مما اذا كان معهم "ايشور" ساري المفعول أي تصريح
واذا ما كان هناك "سيجر" أي اغلاق أو أنه لم يكن مع الفلسطينيين الاوراق المطلوبة فقد يجدون أنفسهم في "بالاجان" كبيرة أي مشكلة خطيرة باللغة العبرية الحديثة
وقد يخاطب الجنود الاسرائيليون الفلسطينيين بلغة عربية مكسرة لكن رغم عجزهم عن التحدث بالعربية فان الفلسطينيين يفهمون تماما ما يقصده الجندي الاسرائيلي عندما يصرخ قائلا "تامود بوه" أي "قف هنا
واذا ما غضب الجنود الاسرائيليون من شكوى الفلسطينيين بسبب التأخر عند نقاط التفتيش فقد يصرخون في وجوههم قائلين "تيشتوك" وسيفهم الفلسطينيون ان ذلك يعني "اخرسوا"
وبعض الفلسطينيين الغاضبين من قتل اسرائيل لثلاثة الاف فلسطيني على الاقل منذ بدء الانتفاضة ضد الاحتلال الاسرائيلي قبل أربعة أعوام تقريبا والتي قتل فيها 900 اسرائيلي يقسمون انهم لم يلفظوا كلمة عبرية واحدة
واستخدام اللغة العبرية أمر يثير ضيق الرأي العام العربي الرافض لاي تطبيع مع اسرائيل
لكن بالنسبة للفلسطينيين بدءا من هؤلاء الذين يأكلون شطائر دجاج على الطريقة الاسرائيلية في مقاهي الشواطيء بمدينة غزة المحتلة الى اولئك الرجال الذين يتحدثون في "المخشير" أو الهاتف المحمول ذي الشعبية الكبيرة بين الشبان العرب لا مفر من استخدام العبرية
قال منذر دجاني المحاضر في جامعة القدس "أقول لطلابي الا يستخدموا هذه الكلمات. انها عبرية. اقول لهم انها كلمات أعجمية وليست من العربية الا أنه قال انه لا يتوقع أن يكون لهذه الكلمات حضور قوي في اللغة العربية لو انسحبت اسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتابع "لا تسمع أبدا أحدا يقول بالعبرية انا ذاهب لاشتري خبزا. سأشعر بالقلق لو أني سمعت مثل ذلك
وعرب اسرائيل الذين تمسكوا بالبقاء في ديارهم خلال حرب 1948 داخل ما يعرف الان باسرائيل كانوا ضمن أول من يستخدمون العبرية
وانتشر الامر في وقت لاحق بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة حيث شيدت اسرائيل مستوطنات وسعت الى تكامل اقتصادي مع الفلسطينيين هناك منذ احتلت تلك الاراضي في 1967
واستخدام اللغة العبرية ليس قاصرا على المصطلحات العسكرية. فالفلسطنيون وعرب اسرائيل يستخدمون العبرية أيضا للتعبير عن بعض الامور الحياتية العادية. أي كلمات مثل اشارات المرور أو جهاز الانذار في السيارات حتى لو كان البديل بالعربية موجودا وسهلا
ويمزج فلسطيني من عرب 1948 يعمل في مطعم بمدينة يافا الساحلية قرب تل أبيب حيث يتعايش الفلسطينيون والاسرائيليون بين اللغتين
ويسأل الشاب زبونا قائلا باللغة العربية "هل تود الجلوس في الهواء الطلق أم في الداخل مع المزجان" مشيرا الى جهاز تكييف الهواء
واسرائيل ليست الدولة المحتلة الاولى التي تفرض نفوذها اللغوي على الفلسطينيين. فكثير من الفلسطينيين الذين خضعوا من قبل للانتداب البريطاني يتحدثون الانجليزية كما أن بعض الكلمات التركية مازالت حية منذ عهد الدولة العثمانية
وتوجد بعض الكلمات العربية أيضا في العبرية حيث استعارها المهاجرون اليهود القادمون من الدول العربية فضلا عن استخدامها بين الفلسطينيين من عرب 1948
ورغم أنهم قد يأخذون على فلسطيني 1948 الذين يعيشون في اسرائيل أنهم أصبحوا "اسرائيليين أكثر مما ينبغي" في ملبسهم وكلامهم يفهم أغلب الفلسطينيين على الاقل كلمات اساسية باللغة العبرية التي هي بالاساس يسهل تعلمها بالنسبة للعرب باعتبارها احدى اللغات السامية
والبعض يتحدث العبرية بطلاقة تامة بفضل الوظائف أو مشاهدة التلفزيون او حتى من المدرسة او من الاعتقال في سجن اسرائيلي
ومحمد دحلان الوزير الفلسطيني السابق الذي ينظر اليه باعتباره الخليفة المحتمل للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات تعلم العبرية في السجون الاسرائيلية وتحدثها بطلاقة خلال العديد من اللقاءات مع وسائل الاعلام الاسرائيلية
وقال ديفيد جروسمان المؤلف الاسرائيلي "الشعب الخاضع للاحتلال دائما له مصلحة أقوى في دراسة لغة قوى الاحتلال. الامر يعكس حقا أثر الاحتلال في حياتهم. انها الاماكن التي يتم فيها ايقافهم واحتجازهم واستجوابهم وتهديدهم. ومن ثم فانهم يستخدمون هذه الكلمات
وحتى عندما يشكو الفلسطينيون من قبضة اسرائيل المحكمة على الضفة الغربية وقطاع غزة فان كثيرين يفعلون ذلك بالعبرية
ويشكو سائق سيارة أجرة فلسطيني في القدس من انه لم يعد يستطيع التوجه مباشرة الى رام الله حيث يتعين عليه انزال الركاب قبالة اثنتين من نقاط التفتيش في الطريق وقد استخدم خليطا من العبرية والعربية وهم يبدي غضبه في هذا الشان
ويقول "من محسوم لمحسوم" مشيرا الى الحاجزين الاسرائيليين. ويضيف بالعبرية "من المحسوم الى المحسوم.. ماذا نفعل
التعليقات