عبدالله زقوت من غزة :أنهى محمود عباس ( أبو مازن ) رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ، و رئيس السلطة الوطنية المنتخب ، معركة الانتخابات التي حسمها لمصلحته بفارق كبير أمام أقرب منافسيه ، ليتفرغ لجملة من القضايا في اجندنه التي سيواجهها الرئيس الجديد للفلسطينيين لعل أبرزها العودة إلى مفاوضات السلام مع إسرائيل ، و إنعاش الاقتصاد الفلسطيني ،إجراء الإصلاحات الداخلية في السلطة الفلسطينية .
و يرى محللون أن أولى الخطوات التي سيتخذها عباس هي البدء بمفاوضات جادة مع الإسرائيليين ، و هو ما بدا جلياً حين أعلن أمس عن ترحيبه بالدخول في مفاوضات مع إسرائيل ، و قال إنه يمد يديه لجيرانه الإسرائيليين ، و إنه مستعد للسلام القائم على العدل ، معرباً عن أمله في أن ترد إسرائيل بشكل إيجابي.
و أما إسرائيل فقد عبرت عن سعادتها بظهور قيادة جديدة برئاسة عباس ، لكنها اشترطت و كعادتها بوقف ما أسمته بالإرهاب الفلسطيني ، و طلبت من عباس العمل على وقف الجماعات المسلحة في الأراضي الفلسطينية .
و استبق رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون موعد ظهور النتائج الرسمية للانتخابات الفلسطينية ، و أعلن مقربوه أن شارون مستعد للقاء رئيس السلطة الفلسطينية المنتخب من أجل العودة إلى عملية التفاوض بين الجانبين .
و يجمع مقربون من الحلبة السياسية في الجانبين الفلسطيني و الإسرائيلي أن قمة إسرائيلية – فلسطينية ستعقد لاحقاً برعاية الولايات المتحدة الأميركية من أجل تحريك عملية السلام .
و التقى عباس مع شارون إبان تولي الأول رئاسة الحكومة الفلسطينية قبل نحو عامين ، لكن شارون جاد الآن بلقائه مرة أخرى من أجل التنسيق لتنفيذ خطته للانسحاب من غزة ، و هذا ما تردد في الآونة الأخيرة ، غير أن ثمة تخوفات لدى الفلسطينيين من أن تكون هذه الخطة مجرد خدعة كبيرة لإحكام إسرائيل قبضتها على الضفة الغربية .
و أعلن أبو مازن مراراً و تكراراً أنه مستعد للتنسيق مع الإسرائيليين بخصوص الانسحاب من قطاع غزة ، لكنه اشترط أن يتوقف ذلك على ما إذا كان ذلك خطوة واضحة لإجراء مفاوضات على أوسع نطاق نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة .
و سيستفيد عباس من الاهتمام الكبير الذي أولته له دول كثيرة من بينها الدول العربية ، و الولايات المتحدة الأميركية ، و إسرائيل أيضاً ، في المساهمة في حل إشكاليات شعبه ، و تقرير مصير القضايا الشائكة بين الإسرائيليين ، و الفلسطينيين ,و يحسب لعباس تصميمه على موقفه من أجل إحلال الأمن و السلام للفلسطينيين حسب وصفه ، و كما نادى به خلال جولاته الانتخابية .
و سيواجه أبو مازن تحدياً جديداً مع الفصائل الفلسطينية المسلحة ، و هو الذي أعلن أنه ضد عسكرة الانتفاضة ، لكنه غير معني في خوض صراع مع النشطاء الفلسطينيين بل سيسعى إلى استمالتهم ، مستفيداً من تجربته التي خاضها خلال فترة ترؤسه للحكومة عام 2003 ، حينما نجح في إجراء هدنة مع إسرائيل لكنها لم تصمد بسبب استقالة حكومته .
و تؤكد مصادر فلسطينية وثيقة الصلة أن عباس أقر مع مختلف الفصائل الفلسطينية و من ضمنها حركتي حماس و الجهاد الاسلامي سلسلة من البرامج التي ستساهم عملياً في تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات مع إسرائيل ، لكن ذلك سيبقى صعباً إذا واصلت إسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطيني من خلال استمرار سياسة الاجتياحات ، و التوغل ، و عمليات الاغتيال و القصف الصاروخي ، و ملاحقة قادة التنظيمات الفلسطينية لأن ذلك سيقوض عملياً جهود الرئيس الفلسطيني في مهمته لإخراج الشعب الفلسطيني من محنته .
و يتطلع الفلسطينيون إلى تحسين وضعهم المعيشي و الاقتصادي ، مستذكرين فترة الانتعاش التي عرفوها إبان تولي عباس بالذات رئاسة الحكومة الفلسطينية في العام 2003 ، و هو ما سيخوضه عباس في الفترة القريبة مستعيناً بالمبالغ الجديدة التي ستقدمها الدول المانحة للسلطة الفلسطينية التي من شأنها أن تساعد الفلسطينيين في الخروج من أزمتهم الاقتصادية ، بالإضافة إلى إجراء مفاوضات سريعة مع إسرائيل من أجل تخفيف قيودها على حركة الفلسطينيين و البضائع سواء داخل إسرائيل أو بين الضفة الغربية و قطاع غزة عن طريق فتح المعابر و الطرق بينهما من أجل تسهيل حركة مرور و دخول البضائع و المواد الأساسية من و إلى الأراضي الفلسطينية .
و اتخذت إسرائيل سلسلة من العقوبات الجماعية بحق الفلسطينيين سواء على الصعيد الاقتصادي أو غيره ، بدءاً من منع دخول العمال إلى أراضيها ، إضافة إلى تعطيل إدخال السلع و البضائع إلى الأراضي الفلسطينية ، و قصف و تدمير المنشآت الصناعية ، كل ذلك اندرج تحت سياسة محاربة الإرهاب الذي تتهم فيه الفلسطينيين ، و هو ما تنفيه الأوساط الفلسطينية التي تعتبر ذلك عقابا جماعيا لإخضاع الشعب الفلسطيني ليس إلا ..
و يرى عبدالله أبو حبل المحلل الاقتصادي الفلسطيني ، أن الخسائر الاقتصادية التي تكبدها الفلسطينيون جراء سياسة إسرائيل كبيرة جداً ، و هي شكلت مأزقا كبيرا للسلطة الفلسطينية التي باتت تعتمد على المساعدات و المنح الدولية .
و يضيف أبو حبل لـ " إيلاف " ، أن نجاح عباس لرئاسة السلطة الفلسطينية ، سيزيد من قدرته على تحقيق انتعاش اقتصادي يخرج الفلسطينيون من هذه الدوامة ، معتبراً أن قدرة أبو مازن على تحقيق الإصلاح الداخلي الحقيقي ، و إنهاء حالة الفوضى الأمنية سيكون معززاً لإنجاح جهوده الاقتصادية و رفع المعاناة عن الفلسطينيين .
و يبقى الإصلاح الداخلي في الأراضي الفلسطينية مطلباً داخلياً و خارجياً على حد سواء ، حيث سيعمل عباس على تكليف قريع بتشكيل حكومة جديدة ، و العمل على توحيد الأجهزة الأمنية الفلسطينية من أجل المساهمة في إعادة الأمور إلى نصابها بعد خمسة أعوام قضتها السلطة الفلسطينية تحت الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة و التي قوضتها بشكل كبير مما أدى إلى حدوث الكثير من المعضلات كالفساد الاداري و المالي و غيرها .