بهية مارديني من دمشق- وكالات: يسعى التركمان حشد طاقاتهم للسيطرة عبر الانتخابات على مدينة كركوك الغنية بالنفط في شمال العراق والتي يحاول الاكراد كذلك الهيمنة عليها. وفي غضون ذلك كشف بيتر ايربن مدير برنامج التصويت خارج العراق ان 9000 عراقياً سجلوا اسمائهم حتى الان في المراكز الانتخابية العشرة المنتشرة في دمشق وضواحيها . جاء ذلك رداً على سؤال من" ايلاف " في المؤتمر الصحافي الذي عقده اليوم (السبت) في دمشق قبل مغادرته العاصمة السورية، وبعد متابعته على مدى يومين سير عملية التسجيل.

وقال إن التسجيل سيمدد يومين بعد اتفاق في هذا الصدد مع الحكومة السورية ، ومضى قائلاً"هذا ما سيحصل في اغلب الدول ال 14 ومازالت المفاوضات جارية بين المنظمة الدولية للهجرة لافساح المجال في كل الدول لاكبر عدد من العراقيين ان يسجلوا اسماءهم " وأوضح أن المنظمة الدولية للهجرة لم تتلق تهديدات في اي بلد .

واعتبر ايربن ان العملية الانتخابية تسير على مايرام ، وانه بعد مرور خمسة ايام من بدء عملية التصويت سجل 130000 عراقيا اسماءهم في 74 مركزاً موزعا على 14 بلداً ، واكد ايربن ان هناك 7000 عراقيا يعملون في هذا البرنامج ، و86% منهم يشاركون فعليا في عملية الانتخابات ، موضحا ان هناك مليون مواطن عراقي خارج بلدهم يمكن ان يصوتوا .

وردا على سؤال حول المبلغ المخصص لهذه العملية وجهة التمويل اجاب ايربن ان وزارة المالية العراقية هي التي منحت مبلغ 92 مليون دولار لتسيير العمليات الانتخابية خارج العراق وهو نفسه المبلغ الذي خصصته للانتخابات داخل العراق ، مشيرا على انه ليس بالضرورة انفاق كل هذا المبلغ فهو "السقف الأعلى".

وحول توقعاته عن ان يقل عدد المصوتين عن عدد المسجلين وان قدوم المواطنين العراقيين مرتين، مرة للتسجيل ومرة للتصويت يمكن ان يكلفهم عناء مضاعفا قال ايربن ان القانون العراقي واضح بهذا الخصوص ويجب احصاء عدد المسجلين قبل البدء بعملية الانتخابات ، نافيا ان تؤثر نسبة الاقبال خارج العراق "فغالبا ما تكون المشاركة خارج القطر اقل من المشاركة في البلد نفسه "، معتقدا ان ارقام التسجيل ستعرف ازديادا في الفترة المقبلة.

ولفت ايربن الى ان المفوضية العليا للانتخابات يمكن ان توفر الظروف للعراقيين لكي يسجلوا اسماءهم وينتخبوا، ولكن ليس بامكانها ان تفرض عليهم ان يسجلوا اسمائهم فالتسجيل خيار شخصي للناخبين .

وحول سؤال بشأنبايران ومدى تعاونها مع المفوضية في اجراء الانتخابات اكد ايربن تعاون الحكومة الايرانية معهم وان المنظمة الدولية للهجرة نظمت انتخابات خارج افغانستان داخل ايران وحصلت على مساندة ودعم من ايران كما حصلت على ذلك من بقية البلدان.

التركمان والاكراد
وفي موضوع ذي صلة تفيد تقارير أنه امام طموح الاكراد المعلن في فرض سيطرتهم على مدينة كركوك الغنية بالنفط، يحشد التركمان صفوفهم للمشاركة في الانتخابات الوطنية وخصوصا المحلية بغية السعي للحصول على الحصة الكبرى من الثروة النفطية في الشمال العراقي.

وهم يستخدمون لهذا الغرض شتى الوسائل لاقناع افراد هذه الاتنية بالتصويت، عبر قناة تلفزيونية فضائية وخمس محطات اذاعة وعدد وفير من الصحف الصادرة باللغة التركية.
فعلى قناة "تركمانلي" التلفزيونية يقول المذيع متوجها الى "التركمان العراقيين.. ان المشاركة في الانتخابات واجب قومي وطني وديني. صوتوا للجبهة التركمانية العراقية. صوتوا للائحة 175". وهذا الرقم اعطته المفوضية العليا للانتخابات لهذا الحزب فيما يظهر على الشاشة العد العكسي للاستحقاق الانتخابي.

ففي الثلاثين من كانون الثاني(يناير) الحالي سينتخب العراقيون الاعضاء ال275 في المجلس الوطني الانتقالي وممثلي مجالس المحافظات ال18. كما سينتخب الاكراد 111 نائبا في برلمانهم الذي يتمتع بحكم ذاتي.

ولطالما اثار التعايش بين التركمان والاكراد والعرب في مدينة كركوك الواقعة على بعد 255 كلم الى شمال بغداد، التوترات الاتنية التي تحولت في بعض الاحيان الى العنف واراقة الدماء.
ويؤكد التركمان اليوم انهم يمثلون 13% من التعداد السكاني الاجمالي للعراقيين المقدر ب26 مليون نسمة لكن بحسب الاحصاء الاخير في 1977 فهم لا يمثلون سوى 2 في المئة.
وتخشى المنظمات القومية التركمانية من ان يفضل القسم الاكبر من التركمان الشيعة طائفتهم على اتنيتهم.

واقر سعد الدين ارغج وهو سني يتولى قيادة المجلس الاستشاري التركماني (قومي) "نخشى من ان يعطي التركمان الشيعة في تلعفر وداقوق وتازة وطوز وامرلي ومندلي صوتهم للائتلاف العراقي الموحد". والائتلاف العراقي الموحد الذي تحمل لائحته رقم 169 يضم احزابا اسلامية شيعية بمباركة اية الله العظمى علي السيستاني المرجع الشيعي الكبير.

لكن فضلا عن الخلافات الدينية، ثمة خلافات حزبية تؤثر سلبا على رغبة التركمان في اظهار قوتهم خلال الانتخابات. فبعض الاحزاب التركمانية تربطها بتركيا المجاورة صلات قوية فيما تلقت اخرى معارضة لتدخل انقرة، دعم بعض الحركات الكردية.

وقد شهد الصراع من اجل السيطرة على هذه المدينة الغنية بالنفط في الاونة الاخيرة تطورا جديدا مع سماح المفوضية العليا للانتخابات لنحو مئة الف كردي يتحدرون من كركوك وابعدوا عنها في عهد الرئيس السابق صدام حسين بالتصويت في هذه المحافظة.

ويرى كثيرون في ذلك هدية للاكراد الذين يسعون لضم هذه المدينة الى منطقتهم التي تتمتع بالحكم الذاتي بينما نددت تركيا بهذا القرار الذي قد يمهد في نظرها الطريق نحو الانفصال.
من جهتها تبدي الجبهة التركمانية العراقية المقربة من انقرة مطامح لا تبدو قابلة للتحقيق بانشاء منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في كركوك مع رئيس تركماني ونائب رئيس كردي.

الى ذلك يخشى قادة تركمان اخرون ايضا من ان يثني انعدام الامن في بعض المناطق افراد هذه الاتنية عن الادلاء باصواتهم.وفي هذا السياق قال رئيس الجبهة التركمانية العراقية فاروق عبدالله عبد الرحمن "ان نحو ثلاثمئة الف تركماني يقيم معظمهم في تلعفر (420 كلم شمال بغداد) لن يجرأوا على التوجه الى صناديق الاقتراع بسبب الوضع الامني وسيكون ذلك خسارة كبيرة" للاصوات.

وتقع تلعفر التي يقيم فيها عدد كبير من التركمان في محافظة نينوى المضطربة حيث من المحتمل ان لا تجري الانتخابات في عاصمتها الموصل بسبب التهديدات وهجمات المتمردين السنة.
وادراكا منهم للاهمية الحيوية التي تمثلها المواقع النفطية في مشاريعهم الوطنية والقومية يبدي التركمان عصبية بالغة ازاء ما يعتبرونه انحيازا اميركيا لصالح الاكراد. ويعبر عن ذلك رئيس الجبهة التركمانية العراقية بغضب بقوله "منذ سقوط نظام صدام حسين هناك نوع من الغزل بين المسؤولين الاميركيين والقادة الاكراد".