ايلاف: لا قرار لتركيا الا من بعد موافقة الجيش الذي هو الحاكم عن بعد ومن وراء الكواليس، وفيما يواجه رئيس الوزراء (المريض) بولند اجويد معضلات كثيرة في تدبير سياسة البلاد مع استقالات كثيرة لوزرائه، فان الجنرالات على ما يبدو هم الملاذ الأخير للخروج من أي ورطة سياسية.
واذ تركيا تعاني سياسيا الآن مع خطواتها نحو انتخابات في اكتوبر (تشرين الاول) المقبل، فان لجنرالات الجيش وعساكره رأيا مختلفا قد يبدل الاوضاع في تأكيد ان الجيش هو صاحب القرار الأعلى مهما كانت خطط السياسيين وبرامجهم الانتخابية.
وقد خرج جنرال تركي الى العلن في الأمس معلنا ان "جميع السياسيين الذين يديرون البلاد ويقودونها متورطون في قضايا فساد مالي وأخلاقي واختلاسات، وعلينا تطهير البلاد منهم".
وفي حفل استقبال بمناسبة عيد النصر الذي تحتفل به تركيا في كل عام في الثلاثين من اغسطس (آب) قال الفريق اول ايتاش يلمان قائد القوات البرية وهي القوة الضاربة في الجيش "كل من يحكمنا من السياسيين فاسد ومختلس".
وقال يلمان في حديث لصحافيين حضروا حفل الاستقبال "كل الفاسدين موجودين في الحكم وعلينا الخلاص منهم".
يذكر ان الجيش التركي منذ اعلان تركيا الحديثة على يد الجنرال مصطفى كمال باشا الذي حمل لقب (اتاتورك) أي اب الاتراك، اختلق لنفسه سياسة مغايرة للسياسيين حفاظا على تركيا التي تقع على مفصل استراتيجي في العالم بين اوروبا والشرق الأوسط.
ولمرات عديدة تدخل الجيش لحسم قضايا خلافية لم يتمكن السياسيون من حلها على نحو محلي او اقليمي او عالمي، وتركيا تعتبر واحدة من الدول المهمة لعضويتها الاستراتيجية في حلف شمال الاطلسي وهي تحاول منذ ربع قرن الانضمام الى الاتحاد الاوروبي ولكن من دون نتائج ايجابية تذكر لسبب ملفها السلبي في حقوق الانسان.
والجنرال ايتاش يلمان ابلغ محادثيه في حفل الاستقبال ان البلاد تحكم "لطغمة من الفاسدين وعلينا اقتلاعهم"، وهو اعاد الى الاذهان انه حين كان قائدا لقوات الحرس الوطني (الجندرمة) قاد حملة كبيرة لتطهير اجهزة الدولة التركية من الفاسدين والمفسدين.
ولكنه اعترف ان تلك الحملة اوقفت "حيث غالبية الفاسدين من اصحاب القرار كانوا ذوي حصانة برلمانية، والى ذلك توقفت قواتي عن مطاردتهم".
وأخيرا، فان كلام الجنرال التركي يشير الى ان الجيش يخطط للتدخل مرة ثانية في حسم النقاش السياسي الدائر حاليا بين احزاب تركيا المتناحرة على حكم البلاد، وكان هذا الجيش قاد مسيرة السلام في منتصف السبعينيات حين انقلب رئيس الاركان الراحل كنعان ايفرين على كل السلطات الحاكمة واعاد الوضع الى نصابه الصحيح.
وتسلم ايفرين الحكم من بعد ذلك لسنوات طويلة استعادت خلالها تركيا حالها الديموقراطي تحت بنادق الجنرالات.
التعليقات