إيلاف ـ&لو صحت الرواية التي نقلتها صحيفة (الوفاق) الإيرانية عن انتحار محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام في نظام صدام حسين المخلوع عن حكم العراق، فربما كانت أكثر النهايات شرفاً لرجل ظل يدافع عن حكومته حتى الرمق الأخير، وكانت آخر تصريحاته تؤكد أن الأميركيين (العلوج) "بدأوا في الانتحار على أسوار بغداد"، لكن الصحيفة الإيرانية نقلت عن لاجئين عراقيين رواية مفادها ان الصحاف هو الذي انتحر بشنق نفسه قبل سقوط بغداد بيوم واحد، وليس (العلوج) الذين انتحروا، غير أن هذه الرواية لم يتسن التحقق منها سواء بالتأكيد أو النفي، وان استبعد مراقبون أن تتسق مع شخصية الرجل الذي صار نجم الفضائيات في الأسابيع الثلاثة الماضية، ووكان اخر ظهور علني له في الثامن من نيسان (ابريل) الجاري، أمام فندق فلسطين ميريديان حيث ظهر لبضع دقائق أدلى فيها بتصريحات مقتضية كرر فيها نفس طروحاته اليومية، ثم استقل سيارته صحبة حراسه وغادر إلى مكان مجهول على عجل.ونسبت صحيفة (الوفاق) الايرانية الصادر باللغة العربية إلى لاجئين عراقيين وصلوا الى مدينة دهلوان الإيرانية، قولهم إن وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف انتحر بشنق نفسه بحبل قبل سقوط بغداد بيوم واحد.
ولم تتضمن لائحة المطلوبين أميركياً، اسم الصحاف من بين المسؤولين النيف وخمسين الذين تضمنتهم اللائحة، رغم الظهور اليومي للصحاف مستخدماً أسلوباً فريداً، وقاموساً يضم خليطاً من الشتائم المبتكرة والتراثية معاً، في تكذيب كافة الأنباء التي كانت تتحدث عن تقدم قوات التحالف عبر عدة جبهات في العراق، ما جعل مراقبين يقارنون بينه وبين المذيع المصري أحمد سعيد في إذاعة صوت العرب المصرية إبان هزيمة حزيران (يونيو) عام 1967 حين ظل يتحدث عن انتصارات مظفرة للجيوش العربية في حربها مع إسرائيل، وإسقاط عشرات الطائرات حتى صدم الناس بقيام إسرائيل باحتلال كامل شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان فضلاً عن المناطق الفلسطينية.
وقام اشخاص بانشاء موقع باللغة الانكليزية عبر شبكة الإنترنت تحت اسم "نحن نحب وزير الاعلام العراقي" الذي اشير له بالحروف الثلاثة لاسمه MSS وحظي بإقبال واسع من جانب مستخدمي الشبكة.
وفي السيرة الذاتية فقد ولد محمد سعيد الصحاف في بلدة الحلة بالقرب من مدينة كربلاء التي قضى فيها طفولته وشبابه قبل ان يلتحق بكلية الآداب، في جامعة بغداد، حيث درس اللغة والأدب الانكليزي، وفي مرحلة مبكرة من مراحل حياته الجامعية، انتسب الى حزب البعث الناشئ حديثاً على الخريطة السياسية العراقية.وبعد تخرجه، عيّن مدرساً في مدينة سامراء التي لا تبعد كثيراً عن العاصمة بغداد، وفي العودة الثانية لحزب البعث الى السلطة في 17 تموز (يوليو) 1968، عيّن الصحاف مديراً لهيئة الاذاعة والتلفزيون، ثم انتقل، بتزكية من طارق عزيز، الى ديوان وزارة الخارجية العراقية، حيث عيّن سفيراً لبلاده في نيودلهي وروما وستوكهولم.
وعندما اندلعت الحرب مع ايران في ايلول (سبتمبر) 1980، قفز الصحاف، مرة اخرى، الى واجهة الاحداث كوكيل لوزير الخارجية. وبدأ، منذ ذلك الحين، في بناء موقعه حجراً بعد حجر، وسار به خطوة خطوة ثم الرجل الاول في الوزارة، وكانت وزارة الاعلام تنتظر من يشغلها، فأمسك الصحاف بالحقيبة، ليلعب دور الرجل دائم الحضور.
وللصحاف ابن يدرس الطب واشتهر كجراح ماهر في المملكة المتحدة، ولم يكشف عن وجوده في بريطانيا إلا بعد أن طافت شهرة أبيه الآفاق أثناء الحرب الدائرة في العراق.
وتحول الصحاف بعد سقوط بغداد إلى مادة للتندر والفكاهة، إذ تبادل الشباب العرب رسائل عبر الهواتف النقالة تقول: "ان هناك معجماً اسمه "مختار الصحاف" لجميع الشتائم البعثية، بينما استحوذت كلمة (العلوج) على النصيب الوافر من التعليقات والنكات، حتى ان بعض الشباب العرب يسعون لتأسيس موقع باسم (العلوج دوت كوم).
التعليقات