بيروت- رأى العلامة السيد محمد حسين فضل الله "أن الإدارة الأميركية دخلت في أتون حرب مفتوحة ضد الشعوب العربية والإسلامية"، لافتا الى "أن العدوان الأميركي المتواصل على الأمة وقضاياها لمصلحة إسرائيل يثير نوعا من أنواع المواجهة والمقاومة في العراق قد يتطور إلى ما هو أبعد من ذلك".
وأشار فضل الله الى "ان ما تحصده السياسة الأميركية في العراق اليوم هو بعض ما قد تلاقيه في غير مكان من العالم العربي والإسلامي"، معتبرا "ان عنفوان أميركا الأمبراطوري بدأ يصاب بكثير من الرضوض التي ستثير الشكوك مجددا حول قيادتها للعالم".
وتساءل&فضل الله في ندوته الأسبوعية&"هل ما زالت أميركا في موقع القوة والضغط بعد كل الذي يجري عليها في العراق"، فأجاب:"لعل من البديهي القول بأن التطورات الأخيرة استطاعت أن تحدث تغييرا في المشهد العام في المنطقة، وخصوصا في فلسطين المحتلة وكذلك في العراق، حيث أصيبت الولايات المتحدة الأميركية بخدوش وكدمات أصابت العنفوان الامبراطوري الذي تحركت به أميركا على طريقة الثور الهائج في أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول، حيث بدأت الصورة تتبلور وفق ما كنا نتحدث به دائما بأن ليس هناك من ضعف خالد، وليس هناك قوة خالدة، وأن في الضعيف نقاط قوة وفي القوي نقاط ضعف، وأن على الضعفاء أن يضربوا القوي في نقاط ضعفه إنطلاقا من نقاط القوة التي يمتلكونها، بدلا من أن يضربوه في موضع قوته انطلاقا من مواضع الضعف الكامنة فيهم. وعلى هذا الأساس بدأنا نشهد شيئا من التحول في المنطقة من خلال الإرباك الكبير الذي تعانيه أميركا في المنطقة والذي لا تزال إدارتها تصر على أن تتأبط الحمل الإسرائيلي بكامله".
وتابع:"لقد دخلت الإدارة الأميركية في أتون حرب مفتوحة ضد الشعوب العربية والإسلامية، ووضعت نفسها تماما مكان إسرائيل، ولم تعر أسماعها لبعض الأصوات الحيية الخجولة وهي أصوات نادرة على كل حال والتي انطلقت من داخل الساحة الأميركية نفسها لتحذر هذه الإدارة من أن سياستها رفعت نسبة الكراهية ضدها إلى أعلى المستويات في المنطقة، وأن المستقبل ينذر بما هو أخطر... ولذلك فإن العدوان الأميركي المتواصل على الأمة وقضاياها لمصلحة إسرائيل والذي يثير نوعا من أنواع المقاومة والمواجهة في العراق قد يتطور إلى ما هو أبعد من ذلك حيث يفترض أن يثير في الأمة روح الوحدة والإحساس بضرورة الدفاع عن الكرامة المسلوبة على مختلف المستويات، وخصوصا بعدما ظهر الرئيس الأميركي بمظهر المستشار المساعد لشارون في حربه المتواصلة ضد الوجود الفلسطيني في فلسطين كلها".
اضاف:"إن ما تحصده السياسة الأميركية في العراق اليوم هو بعض ما قد تلاقيه في غير مكان من العالم العربي والإسلامي، بل ربما ما يمكن أن تلاقيه في كل مكانٍ من هذا العالم إن هي واصلت حربها المفتوحة على شعوبه وقضاياها، لأنها قد تلتقي بحرب شعبية واسعة النطاق تتغذى من النقمة الشعبية العارمة التي تكاد تكون شاملة في هذا العالم، وعندها يمكن أن تدفع من الأثمان السياسية والاقتصادية والأمنية أضعاف ما تدفعه الان، وخصوصا إذا استمرت في تحديها الجارف لمشاعر وأحاسيس هذه الشعوب، وإذا كان العقل الأميركي يبحث عن لحظة تأمل وتفكير فينبغي أن يقوده ذلك إلى تغيير الذهنية الإستعلائية الإمبراطورية وإلى التراجع عن سياسة الاستحواذ والسيطرة بعدما افرزت هذه السياسة أنماطا غير معهودة من الإرهاب المتصاعد، وبعدما تبنت أمريكا إرهاب الدولة الصهيونية بالمطلق وقررت أن تبرر ما لا يستطيع الشيطان تبريره".
أردف:"وإذا كان المسؤولون الأميركيون يتحدثون عن "دبلوماسية مدنية" بعد دبلوماسية البطش والارهاب والتهديد، فإن أول شروط هذه الدبلوماسية يتمثل في احترام الحقوق المدنية للشعوب وخصوصا حقها في تقرير مصيرها ومقاومة الاحتلال الجاثم على صدرها كما هو الحال في العراق وفلسطين... ونحن لا نعتقد بوجود ما يسمى "صحوة ضمير" في موقع ما من مواقع الإدارة الأميركية الحالية التي تتربع على عرشها جوقة يمينية ليكودية، ولكنه المأزق الذي فرض نفسه على الإدارة التي بدأت تشعر بأن زمام الأمور بدأ يفلت من يدها في العراق بما يؤشر إلى إمكان حصول هزيمة معينة بدأت معالمها تظهر داخل الساحة الأميركية الشعبية بما قد يؤثر في شكل فاعل في الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وختم: "نحن لا نريد أن نتحدث بشكل استعراضي لنقول إن أميركا بدأت تفقد السيطرة في المنطقة والعالم ولكن تطورات الأوضاع بدأت توحي بأنها ليست في الموقع الذي تستطيع أن تفرض إرادتها على من تشاء في العالم وفي المنطقة، وأن عنفوانها الأمبراطوري بدأ يصاب بكثير من الرضوض التي ستثير الشكوك مجددا حول قيادتها للعالم، وعلى العرب والمسلمين أن يتصرفوا على هذا الأساس وانطلاقا من الوقائع الميدانية والسياسية وأن الإدارة الأميركية لا تستطيع أن تفرض عليها برنامجها السياسي والأمني الذي هو برنامج إسرائيل في المنطقة، لأن للشعوب كلمتها التي قالت بعضا منها وقد تقول البعض الاخر في المستقبل الذي لا بد أن يكون مستقبل أجيالها لا مستقبل أميركا فقط".