ماهرالزيرة
&
&
&
فرنسا ومن ورائها الغرب بطوله وعرضه: مسؤولان عن صناعة صورة نمطية، لامنطقية، عن الشرق. فرنسا ومن ورائها الغرب: مسؤولان عن اختلاق متخيل استلابي وعنصري حيال الديانات والعقائد الشرقية، العقيدة الإسلامية منها على وجه الخصوص. فرنسا ومن ورائها الغرب: مسؤولان عن "اختراع الشرق" بحسب تعبير إدوارد سعيد- بالكيفية التي لاتخدم خيار التعايش والتسامح فيما الشعوب، بقدر ماتخدم مصالح الأيديولوجيا الاستعمارية ومسبقاتها عن الواقعين خارج مركزيتها.
كل هذا صحيح ؛ ولكن ماذا عن الجزء الآخر من الصورة؟
الجزء الآخر من الصورة: هو نحن، أقولها بملء الفم، فهذه الـ"نحن" الفحلية، المستريحة إلى صحتها وطمأنينتها، لاتبدو وقد اهتدت، بعد، إلى مايقع داخلها من أوهام وحقائق، لم يعد مفيداً في شيء إنكار مسؤوليتها، بدرجة لايستهان بها، عن إخراج صورة العرب والمسلمين بهذا المستوى من الجارحيّة، وهذا المستوى من القتامة.
هذه الـ"نحن" الممتلئة، التي أصبحت تصدّر إلى أنحاء العالم كل هذا الكمّ الهائل من قراصنة القتل والإرهاب "المقدس"، ليعيثوا في بني الإنسان سحْلاً وخراباً.. هذه الـ"نحن" الواثقة إلى سلامتها من أيّ هجْنة، التي تغرغر جمهورها كل يوم بأنها "خير أمةٍ أخرجت للناس" وأن غيرها لهو الغُفْل الخالص، حتى ولو لم تأمر بمعروف، حتى ولو لم تنهَ عن منكر، وهي وإن فعلت ذلك ؛ فبالعصا الغليظة وملاحقة الناس بماتتأوّله من الباقيات الصالحات.. هذه الـ"نحن" هي المسؤولة عن الجزء الآخر من الصورة، هي المسؤولة عن تجذير داء "الإسلامفوبيا" عند الغربيين وتحويل فريضة دينية، كالحجاب الإسلامي، في نظر الغرب إلى فريضة سياسية.
لقل قيل مثل هذا الكلام كثيراً في الآونة الأخيرة، حتى يكاد أن يصبح، بل أصبح، "كليشهة" ممجوجة ضمن طابور "الكليشهات" الوفيرة التي تطالعنا بها مقالات الصحف كل يوم. والحق إن تحوّلها إلى "كليشهة" لايلغي واقعيتها، ألبتة، وسنظل نكرر ذلك ونقسو على من نحب ونرضى، مالم نتخلص بالحكمة والموعظة الحسنة من ثقافة "الآخرين بوصفهم أغناماً وتيوساً"، التي لما تزل بعد زاد المنابر، وعتاد خطب الجمعة.

طالب بحريني يدرس في أمريكا
[email protected]