البطل القومي الشجاع الذي حرك الجماهير العربية واستعاد الكرامة العربية يتوسل ويستعطف ويعتذر ويطلب العفو والرحمة. هكذا واجهتنا آخر عناوين الصحف والمواقع الاليكترونية.

اصبت بالدهشة لردود الفعل الهستيرية وموجة الفرح المؤقتة التي اجتاحت العالم العربي في الأيام القليلة الماضية حتى انني ظننت اننا حررنا فلسطين والجولان بضربة حذاء واننا حققنا العدالة والديمقراطية في العالمين العربي والاسلامي برشق بسطار.

لم اصفق ولم ازمر ولم اطبل لهذا البطل القومي الشجاع الذي اقتحم التاريخ من خلال الكندرة والتساؤلات التالية ستبرر هذا الموقف:

اولا اسئلة للمصفقين والمطبلين لهذا البطل القومي الجريء:
يحق لنا ان نتساءل كيف سيساعد الحذاء في تحرير العراق من الاحتلال وكيف سيساعد في اعادة بناء العراق.
كيف سيساعد الحذاء في انقاذ العراقيين من الأعمال الارهابية من قبل جماعات التكفير وقطع الرؤوس والتفجير الذاتي في صفوف المدنيين الابرياء.


كيف سيساعد الحذاء في فك الحصار عن غزة وفي تحرير الجولان والاحواز العربية.
كيف سيساعد الحذاء في القضاء على الفقر والبطالة والجهل والأمية والفساد في العالمين العربي والاسلامي. هل سينقذ الحذاء المرأة من الاضطهاد الذكوري والمؤسسة الدينية الاصولية.

كصحفي واعلامي أليس متوقعا من هذا البطل القومي الشجاع ان يطرح اسئلة محرجة وقاسية للرئيس بوش عن فشل مشروعه في العراق وافغانستان وعملية السلام. أغلب الظن ان البطل القومي لا يجيد اللغة الانجليزية وليس لديه ما يقوله فاستعان بالحذاء للتعبير عن موقفه بطريقة صبيانية غير مهنية اي لجأ لأسلوب البلطجة وبذلك اساء للصحافة والصحفيين.
المحزن ان عدد من الاعلاميين البارزين النشطاء انساقوا خلف موجة النصر الوهمي كقطيع الأغنام دون تريث ودون سؤال او استفسار.

استراتيجية الصرامي لا تحل المشاكل ولا تنقذ الشعوب المهزومة.
اعلاميا حصل البطل القومي الشجاع على تغطية تسونامية غير مسبوقة اكتسحت صحف الممانعة والمحطات الفضائية وشبكات الانترنيت وشبكات الاتصال الاليكتروني حيث تبادل الساذجون اخبار الانتصار الوهمي والانجاز التاريخي ووجدت نفسي ضحية لموجة من الرسائل الاليكترونية كلها تحمل مقالات وقصائد تشيد وتثني وتبجل هذا البطل القومي الشجاع الذي حرك الشارع العربي كأن زلزال ضخم خبط الشرق الأوسط فجأة. هذا الشارع الذي اعتاد على اجتراع سم الهزائم واجترار الشعارات الفارغة التي يرددها قادة ثوريون وراثيون والذين يصنفوا انفسهم بابطال الممانعة والصمود والذين فشلوا على مدى اربعين عاما من تحرير شبر مربع واحد من الاراضي العربية المحتلة في فلسطين والاحواز والجولان.

ولأكون عادلا في طرح موقفي ازاء هذا البطل القومي الشجاع لا بد من طرح مجموعة ثانية من التساؤلات:

لماذا الاعتذار والتوسل واستجداء العطف والرحمة. ألا يخيب هذا التراجع آمال المعجبين والمصفقين والمطبلين للعمل القومي الجريء.

هل يجرؤ اي صحفي عربي او مسلم ان يطرح سؤالا محرجا لدكتاتور عربي ثوري وراثي سواء في ليبيا او سوريا او العراق سابقا ويبقى حيا.

هل يجرؤ اي صحفي عربي ان يرشق بحذاءه دكتاتورا عربيا ثوريا وراثيا سواء كان في ليبيا او سوريا او العراق سابقا ولا يتم اعدامه حالا.

هل يجرؤ اي صحفي عربي ان يسيء لمعمر الغدافي او عمر البشير او بشار الأسد او صدام حسين سابقا وينجو من العقاب القاسي.

هل يجرؤ اي صحفي عربي ان يرشق محمود احمدي نجاد بحذاء ويبقى على وجه الأرض 5 دقائق قبل ان يشنق على عمود كهرباء كما يفعل ملالي ايران مع المناضلين الاحوازيين.

أليست سجون ليبيا وسوريا والسودان وحتى ايران مليئة بمن حاولوا التعبير عن رأيهم بالقلم وليس بالكندرة.

أين المحامون العرب الذي يطالبوا باطلاق سراح هؤلاء من سجون بشار والبشير والغدافي ومحمود احمدي نجاد؟

لو كنا صادقين مع انفسنا وتريثنا قليلا لقمنا بادانة هذا العمل البلطجي التافه الدنيء البشع الذي اساء لمهنة الصحافة واساء للعرب والاخلاق العربية.

على الأقل يمكن القول ان هذا العمل البطولي الزائف اعطى نشوة قصيرة الأمد للدهماء الساذجة في عالمنا العربي والاسلامي.

نهاد اسماعيل
لندن