المواطن العراقي هو الوحيد بين اشقائه من ابناء الخليج العربي الذي لاترى في نمط وطريقة وتفاصيل حياته انعكاس للثراء quot; النفطيquot; مع العلم وبدون مبالغة لايوجد في الخليج ولا في كل الكرة الارضية بلد يمتلك احتياط نفطي هائل وضخم بحجم الذي يملكه هذا العراق العظيم في كل شيء حتى عظيم في فقر ابنائه وعوزهم بل وجوع الكثير منهم !! كنا طلاب صغار في المرحلة الابتدائية يقال لنا ان انظمة الخليج انظمة عميلة وخائنة ، ومرت عقود اخرى ليقف بوكيمون العراق الساقط في عام 2001 في التلفاز ليصرح علنآ واصفآ تجربة الخليج والرفاه الاقتصادي والاجتماعي والاستقرار السياسي ( بانها مثل دواجن الدجاج تاكل وتنام )!!. وها نحن العراقيين بقينا تحت وطئة هذا النظام عقود طويلة وبعد ذلك جاء نظام جديد وفق عملية ديمقراطية ودستورية منذ خمسة سنوات. فلا صعدنا الى القمر ولاصنعنا ما نستهلك بل والادهى لم ناكل مماتزرع ايدنا في تراجع اكثر من خطير على الصعيد الزراعي في العراق. بينما اشقائنا في الخليج من ابناء quot; الانظمة الرجعية واصحاب وصف الدواجن quot; يعيشون حياة كريمة في بلدانهم منعمين غير محتاجين او جائعين بل هذه السمات ترافقهم حتى خارج بلدانهم. لذلك تفرتش العراقية الكريمة والعراقي الكريم الساحة الهاشمية في عمان ورصيف السيدة زينب في الشام لبيع الحاجيات البسيطة. بينما يتنقل اخواننا ابناء الخليج العربي من مطار هيثرو الى مطار ديغول ناهيك عن بيروت والقاهرة وغيرها لغرض السياحة. فاين ذهب بنا ابناء quot; القومجية والعنتريات الفارغة quot; واين وصلنا !؟. فتحية كبرى الى الرجعية والدواجن اذا كانت تحمل هذه السمات الكريمة والنبيلة وهذه النتائج الانسانية المذهلة.

ومن يراقب اخبار العراق اليوم يسمع كوارث quot; رقمية quot; وفلكية لاحدود لها. فمثلا وخلال اخر عشرة ايام فقط. تم التوقيع بخمسة مليارت لشراء عشرات الطائرات وايضا تم تخصيص مبلغ خمسة مليارات فقط لبناء 4000 مدرسة ابتدائية وايضا انطلق بنفس الاسبوع تصريح من وزير يقول quot; الحكومة خصصت 18 مليار دولار من الخزينة لغرض الاستثمار في العراق quot; وفي نفس اليوم يخرج علينا وزير التجارة مهددآ للفقراء بان الحكومة اذا لم تضيف المبلغ المطلوب فان الحصة لن تصل اليكم !! مع العلم ان الحصة اصلا لم تصل يوما كاملة الى هذا المواطن الفقير منذ سنوات وليس اشهر !! وايضا تسمع مثلا ان سعر حقوق الموبايل في العراق تم بيعها بخمسة مليارات وان صعود اسعار النفط اضاف 15 مليار للخزينة العراقية. وتم تخصيص مثلا نصف مليار لاعمار مدينة الصدر وكذا مليون الى تلعفر ومثلها الى البصرة ، بل الادهى تصريح موفق الربيعي مستشار الامن القومي حينما قال quot; ان 150 شركة عربية وعراقية واجنبية تساهم في اعمار الكرادة quot; ومن لايعرف الكرادة فهي من الطول الى العرض ومن الكرادة داخل الى الكرادة خارج ممكن ان يقطعها الانسان بالسيارة جميعها بربع ساعة اذا لم يكن هناك ازدحام. فاين نزلت وحطت كل هذه شركات الربيعي في الكرادة.!! وثم لم اعرف يوما ان الكرادة عانت الويل والتدمير العلني والجوهري مثل او بقدر مدن النفط والثروات في الجنوب حيث الناصرية والعمارة و البصرة. وبعيدا عن ذلك ايضا تسمع مثلا تم تخصيص عشرة مليارات لميناء العراق الكبير في البصرة ، وكذا مليار لمترو بغداد وكذلك مليار مثلا لبناء مصفى نفطي في العمارة وكذا مليون لمطار النجف ومطار الموصل ونصف مليار لمجاري العاصمة وكذا مليار لتنفيذ خطة زراعية ستراتجية. ومن المفارقات ان العراقي لحد هذه اللحظة التلفون الارضي لايعمل في داره الا ماندر والنفط والغاز والوقود تباع باسعار مضخمة وليس مضاعفة فحسب ، والبصل والطماطة والخيار والبرتقال والتفاح يتم استيراده من ايران وسوريا والاردن في سابقة تاريخية في تاريخنا الزراعي والوطني. ومع ذلك يخرج علينا البعض كل شهر ليقيم بملايين الدولارات من دبي الى عمان الى القاهرة مؤتمرات لبناء واعمار العراق ولاعين ولاافئدة الايتام والارامل وعوائل الشهداء والفقراء وابناء الحصة التموينية ترى اي شيء على الارض من هذه المشاريع العملاقة ومن هذه الارقام quot; الدولارية quot; الفلكية !! بل ان البنك المركزي العراقي العتيد تم حرقه في وضح النهار وفي وسط بغداد ولم ولن نعرف لحد الان لماذا؟ وكيف؟ ولان؟ لم تخرج نتائج لعبة اللجان التحقيقية ، لكن بالتاكيد وكعراقيين نعرف لماذا وكيف ولان.. بل وأن. سبب حرق البنك المركزي وايضا سبب غياب النتائج المزعومة للتحقيق. ولاننا العراقيين كحال الشعب العربي نعيش على هامش الاخبار اليومية فاننا ننسى ماحدث امس وقبل امس ونناقش ونركز على ماتنقله اخبار اليوم وننتظر اخبار الغد وهكذا اللعبة مستمرة معنا وعلينا منذ عقود طويلة.

ومن يعيش ويتابع اخبار مليارات العراقيين هذه يتصور سينهض صباحا من فراشه ويجد بغداد وكل مدن العراق الاخرى وقد انقلبت راسآ على عقب من اقصى الدمار والخراب والتخلف الى اقصى البناء والاعمار والتجديد. لكن الحقيقة ان ثروات العراقيين عام بعد عام تتلاشى وتختفي بطريقة غريبة وعجيبة دون أدنى رقيب او حسيب او حتى أدنى ذمة او ضمير. ويبقى ابن البصرة والعمارة والكوت والموصل والرمادي وبغداد ومدينة الصدر والشعلة وكل مدن العراق الاخرى يجمعهم جامع واحد هو العوز والهجرة والتهجير والاحتياجات الكبيرة والكثيرة وهذا يبدأ من الطفل الرضيع وطالب المدرسة الابتدائية وحتى المتقاعد الذي خدم البلد اكثر من ثلاثين عام. وكأن ثروات وملايين العراقيين تتناطح في الهواء وفي وسائل الاعلام اما على الارض فلا شيء يذكر سوى الطنين والرنين الذي لايزيد الحصة التموينية ولا يجلب الغاز والكهرباء والماء لشعب العراق الكريم. فبارك الله بما يطلق عليهم quot; بالانظمة الرجعية ومدن الدواجن quot; ولابارك الله باصحاب تجارة الوجع العراقي المزمن للعراق والعراقيين منذ عقود طويلة وحتى يومنا هذا.

محمد الوادي
[email protected]