حكايات بصرية

عندما أطالع بطاقتي الصحفية الصادرة عن نقابة الصحفيين العراقيين يشدني إليها توقيع الراحل نقيبها السابق شهاب التميمي، فتبحر بي الذاكرة إلى ابتسامته وقلبه الواسع وحبه للخير ومحبته للجميع، وأسقط من على الغصن ورقة ماكان لها أن تسقط الان.. لقد اغتيل تحت أنظارنا جميعا، تحت مرمى عيون تبصر ولاتبصر.

0 كان الراحل اﻷستاذ الدكتور الصيدلاني محمد الحكيم جالسا في صيدليته في العشار، وكان من أقرب الناس إلى الوسط الصحفي.. كان ملما بكل جوانب مهنة الصحافة.. سألته لماذا تجلس هنا ووضعك محفوف بالمخاطر، رد بابتسامة خافتة ﻷني أحب عملي وأحب الحياة، وقد يأتي فقير لايملك ثمن الدواء وعلي مساعدته..
وضعك في خطر يادكتور؟
أجاب : لماذا؟ فأنا رجل علم وليست لدي عداوة مع أحد.. ثم أضاف : لا أريد أن أموت في البيت..
لقد اغتالته رصاصات خصصت لقتل علماء المدينة وأساتذتها، عندها توظأت بدمعي حزنا على ابتسامة ماكان لها أن تنطفىء.

0 كان في ذلك اليوم نشيطا جدا، ﻷنه كان يستعد إلى السفر إلى دولة الكويت الشقيقة برفقة فريقه الميناء لملاقاة فريق الهلال السعودي في البطولة الاسيوية.. تحدثنا عن وضع الفريق فقال سنفوز بأذن الله وها أنذا أجهز جوازات البعثة.. كان متفائلا في تلك اللحظة بكل شيء..كان إداريا ناجحا مثلما كان لاعبا متميزا.. بعد ساعات بلغني أن اللاعب واﻹداري نزار عبدالزهرة اغتالته (البطة)، فسافر الفريق في اليوم التالي بثياب الحزن والحداد.

0 عندما تابعت حفل الفنان العراقي كاظم الساهر في تونس من على شاشة التلفاز بصحبة عائلتي في البصرة شاهدت باقة ورد قد وضعت على أحد كراسي الموسيقيين... تفحصت الوجوه،فعرفت أن من تحتل مقعده باقة الورد هو صديق عمري وصانع الفرح العازف القدير علي طالب.. لقد راح ضحية تفجير خارج مدينتا البصرة... تخيلت أنامله التي تبدع العزف وتطرب.. خذلتني عيناي بعد أن جف دمعهما،لكن دمعي انهمر من القلب.

0 لاتكسروا قلمي، دعوني أخرج من ظلمتي.. لقد تبدلت اﻷقلام وتغيرت الاتجاهات وماتغيرنا.. لنا وطن نحبه ونحبه ونحبه.

جاسب مجيد