كانت الأممية الثانية قد اتخذت في مؤتمرها العام في بازل- سويسرا في العام 1912 قراراً يقضي بقيام الإشتراكيين الروس في حزب العمال الإشتراكي الديموقراطي بقيادة جيورجي بليخانوف وفلاديمير لينين وقتذاك ( الشيوعي فيما بعد ) بقيامهم بالثورة البورجوازية حتى اكتمال بنيانها نيابة عن البورجوازية الروسية الضعيفة وغير القادرة على القيام بثورتها.
في شباط - فبراير 1917 وفي ظروف انحطاط قوى القيصرية نظراً للهزائم المتلاحقة التي أوقعتها الجيوش الألمانية بالجيوش القيصرية، في تلك الظروف الحرجة والصعبة قامت البورجوازية الروسية بثورتها الموعودة بقيادة حزب الإشتراكيين الثوريين ـ وهو حزب بورجوازي خلافاً لاسمه. وكانت مجالس الشعب (السوفييتات) قد وضعت أهدافا كبرى للثورة البورجوازية أهمها ثلاثة : 1. إنسحاب روسيا من الحرب وإقرار السلام، 2. تأميم الأرض وتوزيعها على صغار الفلاحين، 3. الدعوة لانتخاب مجلس تشريعي يضع دستوراً للجمهورية.
الحكومة البورجوازية التي شكلها الإشتراكيون الثوريون لم تستطع تحقيق أي من هذه الأهداف وذلك بسبب ضعف البورجوازية الروسية بصورة رئيسية كما كانت الأممية الثانية قد ارتأت، حيث لم يكن أمامها من خيارات للاستمرار في الثورة سوى التحالف مع الشيوعيين، والبورجوازية بطبيعتها تفضل دائماً التحالف مع اليمين الرجعي على التحالف مع الشيوعيين إذا ما تيسر لها ذلك. لكل هذا انتهجت الحكومة البورجوازية بقياد أليكساندر كيرنسكي سياسة معاكسة تماماً للأهداف الرئيسية للثورة، فلم تنسحب من الحرب، بل على العكس من ذلك فقد وسّعت مشاركتها فيها، ولم تؤمم الأرض مما أشعل أول وأوسع إضراب للفلاحين في التاريخ شمل كل روسيا الأوروبية، ولم تجر ِانتخابات المجلس التشريعي لتأسيس الجمهورية. وما زاد الطين بِلّة هو أن حكومة كيرنسكي لم تحاكم الضباط الكبار من أنصار القيصر الذين قاموا بمحاولة إنقلاب فاشلة في شهر آب-أغسطس لاستعادة نظام القيصرية.
وهكذا وأمام إلحاح الجماهير الشعبية من عمال وصغار الفلاحين وبورجوازية ثورية وجد الشيوعيون البلاشفة بقيادة لينين أنفسهم مضطرين للقيام بانتفاضة 25 أكتوبر بالتقويم الشرقي للإطاحة بالزمرة البورجوازية اليمينية المرتدة في الحكومة المؤقتة. كانت انتفاضة البلاشفة بمعناها الأعرض هو استكمال لثورة شباط 1917 وصولاً إلى تحقيق أهدافها البورجوازية الكبرى المعلنه. لذلك كان أول مرسومين يوقعهما لينين كرئيس لمجلس الدولة في روسيا هما مرسوم السلام الذي قضى بانسحاب روسيا من الحرب وإعلان السلام مع كافة الأطراف المتورطة في الحرب، ومرسوم الأرض الذي أعلن تأميم كامل الأرض في روسيا توطئة لتوزيعها على صغار الفلاحين ـ وهذا إجراء بورجوازي وليس اشتراكياً كما يظنه البعض. وتأكيداً على توجه قادة الانتفاضة غير الإشتراكي ولينين على رأسهم هو أن لينين توجّه بالدعوة في صبيحة الانتفاضة إلى كافة القوى السياسية بما في ذلك حزب (الكاديت) لكبار الفلاحين اليميني للاشتراك في الحكومة. كل الأحزاب رفضت المشاركة ما عدا حزب الإشتراكيين الثوريين الذين قامت الإنتفاضة ضد حكومتهم، وقد حملوا حقيبتين وزاريتين.
في آذار 1918 عارضت جميع الأحزاب، بما فيها حزب الإشتراكيين الثوريين المشارك في الحكومة كما حزب المناشفة، توقيع معاهدة صلح برست ليتوفسك (Brest-Litovsk) مع ألمانيا التي كانت ضرورية من أجل تحقيق السلام والإبقاء على الجمهورية الجديدة بقيادة البلاشفة بعد انهيار جبهات الحرب الروسية. انسحب وزراء الاشتراكيين الثوريين من الحكومة وشكلت كافة الأحزاب مجتمعة جبهة واحدة رفعت السلاح بوجه البلاشفة بهدف إبادتهم وليس فقط الإطاحة بهم من على السلطة مثلما أفصحت تصريحات زعماء الجبهة المعادية.
انتهت الحرب الأهلية في العام 1919 بانتصار ساحق للبلاشفة وقد التفت حولهم جماهير العمال وصغار الفلاحين. لم تنته ِالحرب الأهلية قبل انتهاء كل القوى الاجتماعية البورجوازية التي يمكن أن تشارك البلاشفة في استكمال بناء الثورة البورجوازية. إذّاك وجد لينين أمامه كل الخيارات مسدودة باستثناء خيار الثورة الإشتراكية العالمية التي هي الهدف النهائي الذي وضعه كارل ماركس وفردريك إنجلز لكل الشيوعيين. وهكذا دعا لينين لإقامة الأممية الثالثة المكلفة بانجاز الثورة الإشتراكية العالمية. فكان أن انعقدت الأممية الثالثة في موسكو مارس 1919 وأهابت بكل قوى التقدم في العالم لتشكيل أحزاب شيوعية في مختلف بلدانها لتأخذ إنجاز الثورة الإشتراكية العالمية على عاتقها من خلال تفكيك وتفتيت النظام الرأسمالي العالمي. تطور وسائل الإنتاج في كل دولة هو ما يقرر وظيفة وسياسة الحزب الشيوعي فيها. ففي الدولة المتطورة تكون وظيفة الحزب الشيوعي تأجيج الصراع الطبقي حتى الثورة والاستيلاء على السلطة. أما في البلدان المتخلفة والتي هي المحيط الإمبريالي فتكون وظيفة الحزب الشيوعي فيها محصورة في إنجاز التحرر والاستقلال وفك الروابط مع الإمبريالية. وفيما عدا هذه الوظيفة لأحزاب البلدان المحيطية تنعدم شرعية الحزب الشيوعي الوطنية حيث لا وجود للبروليتاريا طالما تقتصر الصناعات المحدودة فيها على الصناعات الاستخراجية والعمالة نصف البروليتارية أو غير البروليتارية. اقتصرت وظيفة الأحزاب الشيوعية في البلدان المستعمرة والتابعة، كما في تقسيم العمل الأممي الذي اقتضاه مشروع لينين والأممية الثالثة، على مساندة البورجوازية الوطنية في نضالها ضد الإمبريالية وحضّها على رفع سويّتها الثورية في الحرب على الاستعمار. لذلك اعتقد ديمتري شبيلوف (Dmitri Shepilov) وزير الخارجية السوفياتي وسكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي (1957) أن قوى البورجوازية الوطنية في البلدان المحيطية هي أقرب وظيفياً إلى المشروع اللينيني وإلى الشيوعيين السوفييت من الأحزاب الشيوعية فيها.
لم يكن شبيلوف مخطئاً في اعتقاده فالبورجوازية الوطنية هي، وبحكم الأدوات المختلفة التي تمتلكها، أقوى على مواجهة الإمبريالية خاصة وأن لها أهدافاً حقيقية من الفكاك من الإمبريالية بخلاف الشيوعيين الذين لن يكون أمامهم على الأرض بعد التحرر سوى بناء الإقتصاد الوطني وفقاً لشروط البورجوازية والخضوع بالتالي لاستغلال الرأسمالية الوطنية النامية والتي في هذه الحالة ستكون أكثر شراسة في استغلال قوى العمل الوطنية ـ فمثلاً لا أحد يناقش في أن القوى البورجوازية المصرية بقيادة ناصر كانت هي القوى الرئيسية في مواجهة الإمبريالية بالرغم من أن الشيوعيين المصريين كانوا قد أبلوا بلاءً متميزاً في مواجهة قوى الغزو البربرية في بورسعيد أثناء العدوان الثلاثي 1956. لقد انعكس هذا على علاقات الأحزاب الشيوعية العربية بموسكو خلال السنوات 1959 ـ 62 حين كانت الأحزاب الشيوعية العربية ترفع شعاراتها ضد دكتاتورية عبد الناصر خلافاً لموسكو التي كانت تسانده.
كما أنه لن يكون من نصيب الشيوعيين أنفسهم بناء الإشتراكية في البلدان النامية بصورة عامة، وذلك ليس فقط لأن ليس لديهم الأدوات أو القاعدة البروليتارية اللازمة لذلك، بل لأنهم أيضاً سيجدون البورجوازية الوطنية قدامهم حتى في بناء الإشتراكية كما حصل في كوبا وكما كان سيتحقق في كل من مصر وسوريا والعراق واليمن وبلدان أخرى لولا أن بدأ تصدع الثورة الإشتراكية لدى بروز خروشتشوف قبل انتهاء الخمسينيات. البورجوازية الوطنية التي قادت حركة التحرر والاستقلال كانت تجد نفسها في مأزق لا فكاك منه بعد الإستقلال ـ كانت تجد نفسها عاجزة عن بناء الإقتصاد الرأسمالي المستقل الذي كانت تطمح إليه حين لم يتيسر أمامها من خيارات لتحقيق هذا الطموح سوى إقامة العلاقات القوية مع المعسكر الاشتراكي الذي حجارة مساعداته لا تبني اقتصاداً رأسمالياً في جميع الأحوال أو العودة للارتباط بمعسكر الرأسمالية الإمبريالية الذي كانت قد جاهدت طويلا لأجل الإنفكاك منه وهذا بالطبع أيضاً لن يبني مشروعها الرأسمالي. كان اندغام اقتصادها بالإقتصاد الاشتراكي أمراً لازباً لا مفر منه ـ وهذا أيضاً سند آخر لعقيدة ديمتري شبيلوف.
الشيوعيون الذين يرفضون الإعتراف بضلالتهم، كما الذين لم يتحققوا منها، بعد أن أيدوا خروشتشوف في انحرافه عن الماركسية اللينينية حتى أوصلهم إلى الانهيار الكلّي للمشروع اللينيني بعد أن شكل قفزة نوعية في التاريخ البشري، هؤلاء الشيوعيون يتخفون اليوم وراء مقولة خادعة هي مقولة quot;العدالة الاجتماعيةquot; و quot;المساواةquot; كيلا يعترفوا بخطئهم في الإنحراف وراء خروشتشوف، وهو ما يعني آلياً أن ماركس وإنجلز ولينين هم الذين أخطؤوا وبشروا بالاشتراكية العلمية التي انهارت بعد سبعين عاما لأنها quot; غير علمية quot; كما تشي مزاعمهم. يكذبون فيقولون : كنا شيوعيين لأن غايتنا الأساسية هي العدالة الإجتماعية والمساواة!! وبهذا هم يتخلون عن الماركسية لصالح الأفكار الليبرالية المثالية. حقيقة أمر هؤلاء من أيتام خروشتشوف هي أنهم كذبة ومنافقون ولو كانوا غير ذلك لاعترفوا بدورهم الاجرامي في انهيار المعسكر الاشتراكي برمته. انتسب هؤلاء المنافقون للحزب الشيوعي من أجل التحرر والإستقلال وهي الوظيفة المحددة التي كلفتهم بها الأممية الثالثة ؛ ويؤكد ذلك الأمين العام السابق للحزب الشيوعي الأردني إذ يكرر القول دائماً.. quot; كان حزبنا متواضعاً في شعاراته ومطالبه منذ تأسيسه فلم يطالب بأكثر من إنجاز الإستقلال التام وإلغاء المعاهدة مع بريطانيا quot;.
وكيما نؤكد نفاق هؤلاء الأيتام نسألهم اليوم السؤال الفيصل التالي.. من ذا الذي سيقيم العدالة الاجتماعية والمساواة على الأرض بين الناس؟ يقولون الحكومة المنتخبة بحرية وبشفافية تامتين. لكن المنتخبين من الطبقات الاجتماعية المختلفة سينتخبون ممثليهم من بين الناس على الأرض وليس من جند الله في السماء، من المجتمع الطبقي القائم. وستفرز الإنتخابات ممثلين حقيقيين للنظام القائم بطبقاته كما هي، أي أن الحكومة المنتخبة بانتخابات أمينة وشفافة ستكون على صورة المجتمع الذي انتخبها ومثاله ولن تغيّر شيئاً ـ أما في الواقع فهي تميل دائماً إلى الطبقات المحضيّة وذات الامتيازات الممعنة في الظلم الإجتماعي. هل سيقيم حزب أيتام خروشتشوف العدالة بعد أن تخلّى نهائياً عن الماركسية ـ التي لا تعترف إطلاقاً بما يسمى بالعدالة ـ والذي أنكر واستنكر دكتاتورية البروليتاريا؟ وهل حزبهم quot; إلهي quot; مثل حزب نصرالله منبت من أصوله الطبقية؟ لأن الله ليس هو من يحكم على الأرض فلن يجد أهل الأرض شيئاً اسمه quot; العدالة الإجتماعية quot; أو quot; المساواة quot;. لقد سخر كل من ماركس وإنجلز سخرية مريرة من quot; العدالة الإجتماعية quot; المزعومة التي يسند إليها الطوباويون اشتراكيتهم الكاذبة.
ليس في الشيوعية quot; عدالة quot; وليس فيها quot; مساواة quot;. فالعدل والمساواة لا يقومان في المجتمع المزعوم إلا بتواجد سلطة قمع تتولى تنفيذ القانون من جهة وقانون قيد التطبيق يساوي بين الناس من جهة أخرى. في الشيوعية لا يوجد سلطة ولا يوجد دولة ولا يوجد قانون. سيتساءل البعض، من الذين لا يفهمون ماركس على حقيقته، عن مثل هذه الحياة التي تقوم على الفوضى والفلتان بدون دولة وبدون قانون! ليس لنا أن نلوم مثل هؤلاء المتسائلين، فهم وآباؤهم وأجدادهم لم يسبق أن عرفوا الإنسان الشيوعي، وحتى الشيوعيون أنفسهم لم يتعرفوا حقيقة بعد على الإنسان الشيوعي. هم لا يعرفون ما ستتركه فترة العبور الإشتراكي الثوري في حياة الإنسان وتربيته. التربية الإشتراكية ستطهر الإنسان من كل أدران الوحشية التي حملها عبر تاريخه الطويل في المجتمعات الطبقية من أصولة الوحشية السحيقة والتي وصفها ماركس بالقاذورات (muck). لقد حمل من تلك الأصول البعيدة غريزة التملك والاستئثار، والتحول الاشتراكي الثوري قادر على محو هذه الغريزة الدونية من نفس الإنسان. خلايا المجتمع الشيوعي تعمل تماماً كما تعمل خلايا كل جسم حيّ، تقوم ذاتياً بوظائفها على أكمل وجه وبالدقّة المطلوبة في تعاون تام مع كامل خلايا الجسم دون أن تتلقى أية أوامر من خارجها. هكذا يعمل الجسم الحيّ وهكذا يعمل المجتمع الشيوعي.
زعم أحد الماركسيين المنكفئين أن كارل ماركس كتب (رأس المال) من أجل إقامة العدل والمساواة والخير والجمال في المجتمعات البشرية، وقال دعيّ آخر أن لا حاجة للبشرية لكتاب (رأس المال) إن لم يأت بالعدل والمساواة بين الناس. العلة في هؤلاء هي أنهم لا يعرفون المبادئ الأولية للماركسية. لا يعرفون أن الماركسية هي نظرية علمية تخص التاريخ الإجتماعي. ما كان ماركس ليبحث في تاريخ المجتمعات لو لم يكن مدفوعاً بدافع اجتماعي، والدافع هو شرط عام لدى كل باحث وفي كل بحث. لكن أن يقال أنه كتب ما كتب من أجل تحقيق هدف معيّن فذلك ينزع منه شرط الموضوعية وهو الشرط اللازم لبناء أية نظرية علمية. في إحدى رسائله لرفيقه فردريك إنجلز كتب ماركس يقول أن أعظم إنجاز له هو اكتشافه لفائض القيمة (Surplus Value) وهو الذي لم يكن يعلم أي شيء عن فائض القيمة عندما شرع في البحث في الاقتصاد السياسي. وهل باستطاعة أحد القول مثلاً بأن انشتاين كتب نظريته (النسبية العامة) لكي يثبت أن الكون يتمدد أو أن الزمان والمكان هما وجهان لعملة واحدة، وهو ما يعني أنه كان قد عرف نتيجة نظريته قبل بنائها؟! أضف إلى ذلك أن ماركس خلص إلى نتيجة في غاية الروعة ؛ خلص إلى القول أن الشيوعية نمط من الحياة لا تتواجد فيها أية آثار للحرية أو للمساواة أو للعدالة الإجتماعية حيث أن مثل هذه المفاهيم تخص حضارات متخلفة، فهل كان ماركس يعرف مثل هذه النتيجة الرائعة عندما شرع في بحثه؟ المنكفئ والدعيّ، بقولهما ما قالاه، كأنهما يركبان جملاً لينتقلا من منهاتن إلى بروكلين في نيويورك!! الحرية والعدالة والمساواة هي مفاهيم متخلفة لا تعْبر إطلاقاً من المجتمع الطبقي إلى الشيوعية.
جميع الإشتراكيين الذين يبشرون بالمساواة والعدالة الإجتماعية إنما هم منافقون يسعون لتحصيل مراكز سياسية لهم عن طريق الشعبوية. لا يمكن الإفتراض بتحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية في مجتمع طبقي حراكه الأولية تنطلق من الصراع الطبقي. ما هي تلك القوة الإشتراكية العلوية التي تستطيع أن تأخذ على عاتقها حفظ التوازن الدائم بين الجيوش المتحاربة؟ دكتاتورية البروليتاريا هي القوة الوحيدة القادرة ليس فقط على إلغاء الصراع الطبقي فقط بل وإلغاء الطبقات بما في ذلك طبقة البروليتاريا نفسها أيضاً. لكن الإشتراكيين الذين ينادون بإقامة العدالة الإجتماعية والمساواة بين أفراد المجتمع ينكرون ويستنكرون دكتاتورية البروليتاريا فمن أين لهم تلك القوى القادرة على تعطيل حرب الصراع الطبقي؟ كان خروشتشوف قد تعهد في المؤتمر الاستثنائي الحادي والعشرين للحزب الشيوعي السوفييتي في شباط 1959 بتعطيل الصراع الطبقي في الإتحاد السوفياتي لكن هذا الصراع لم يمهله لأكثر من خمس سنوات حتى خلعه هو نفسه في خريف 1964. بدون دكتاتورية البروليتاريا لا يمكن قيام الإشتراكية والإنتقال إلى الشيوعية حيث لا حرية ولا استعباد، لا مساواة ولا تمييز أو استغلال، لا ديموقراطية ولا قهر، حيث تتلاشى كل المعوّقات على طريق أنسنة الإنسان. أما أن يصف أحدهم المجتمع الشيوعي مسبقاً وقبل قيام الشيوعية بمجتمع الحرية والعدالة والمساواة فإن هذا إنما هو دلالة قاطعة على أن هذا الأحد ما زال يعبّر عن المعاني بلسان قديم وأنه لا يمتلك المفردات المناسبة للتعبير الصحيح
فـؤاد النمري
www.geocities.com/fuadnimri01
التعليقات