اسمع واقرأ الكثير من الخطابات والمقالات التي تدافع عن وحدة العراق شعبا وارضا وتقف ضد اي محاولة لتقسيمه سواء كانت بحسن نية او بسوءها، ان العراقيين المخلصين من قادة الكتل والأحزاب الدينية والقومية والعلمانية مسلمون او مسيحيون وغيرهم مدعوون ان ينتبهوا لما يطرح من مشاريع تسعى لتقسيم العراق الى كانتونات طائفية او قومية، في حين ان ما يحتاجه العراقيون اليوم بعد ان فشل الحاقدون في اشعال الحرب الأهلية هو اشاعة ثقافة التوحد والحفاظ على سلامة التعايش بين المكونات الدينية والقومية، اما الدعوة الى التقسيم فمعناه العودة الى صراع المكونات!
كما الفت النظر الى ان اي من المشاريع التي ستؤدي الى تقسيم العراق او ما يشابهها فانها ستنعكس على المكونات الصغيرة المتواجدة على ارض العراق ومنها المكون المسيحي الذي اعتمدت تسميته في المحفل السياسي مؤخرا { الشعب الكلداني الأشوري السرياني } باعتبارهم شعب قاسمهم المشترك هو الدين و الأرض و العادات والتأريخ وهذه المقومات مجتمعة تشعرهم انهم ينتمون الى قومية واحدة؟
ان وحدة شعب العراق تعني وحدة العرب والأكراد والتركمان والقوم الكلداني الأشوري السرياني وبقية الأقوام الأخرى، وهذه الوحدة هي الضمانة الأكيدة للعيش الآمن البعيد عن التمييز الطائفي او العرقي بينهم، لذلك ارى ان تقسيم العراق سيشكل خطرا على امن وسلامة الجميع حيث ان احتمالات اسغلاله واردة خاصة اذا ما علمنا ان الشعب العراقي بكل مكوناته ما زال يعشعش في ذاكرته ظلم التمييز السياسي والطائفي والقومي، فشعب العراق بحاجة الى تعزيز وحدته لا الى تمزيقه الى كتل قومية وطائفية، ان الثقافة التي توحد العراقيين باتجاه بناء العراق الجديد والدفاع عنه هي التي يجب ان نعمل من اجل ترسيخها في ذهن العراقي!
اما فيما يتعلق بالعراقيين المسيحيين من الكلدان والأشوريين والسريان والذين كانوا منتشرين في عموم محافظات العراق ويتمتعون بالأمن والسلام، فقد لحق بهم الأذى بسبب اعمال العنف التي لم تستطع الحكومة السيطرة عليها لعدم كفائتها فهرب قسم منهم الى خارج العراق والقسم الآخر لجأ الى الشمال العراقي quot;كردستان العراقquot;، هذا القوم كان وما زال يتسم شعبه بالتواضع وبالشجاعة التي يعتز بها و يتفاخر بها بأعتبارها إرثاً شرعيا مقدساً تمسك بها منذ نشأت حضارته على ارض العراق!
فبالرغم مما اصابهم منذ زمن من تقسيم كنسي مذهبي شرقي وغربي يجهل الكثير اسبابه، لكنه بقي شعباً متمسكا بوحدة العراق بل ومدافعا عنه، ان العديد من ابطاله الشجعان الذين يتوسمون بالشهامة و سمو الأخلاق والذين ضحوا باموالهم وبأرواحهم في سبيل وحدة العراق والإرتقاء بشعبهم، هؤلاء الشجعان لم يكن في حساباتهم انهم يمثلون مذهبا محددا او طائفة بعينها كما يحدث اليوم في العراق، انما كان همهم و توجههم من اجل كل الأمة بمختلف مذاهبها، و كأمثلة على ذلك اخترت نماذج من هؤلاء الذين وقفوا بكل شجاعة ضد كل اشكال الإضطهاد و القتل و التشريد الذي عصف بالأمة على ايدي { البعض } من الفرس والأتراك والعرب و الأكراد وبعض الأنظمة الغربية والتي تدعي الديمقراطية وعلى مر العصور، هؤلاء القادة اذكر منهم ودون تمييز المالك اسماعيل والمالك خوشابا والمالك ياقو ومار بنيامين ومالك يوسف وسرمة خانم وآغا بطرس ويوسف مالك و هرمز رسام وآخرون كثيرون لا يسع المجال لذكرهم، فقد ادى كل واحد منهم دوره في خدمة الأمة وبحسب قناعته ضمن مرحلته التأريخية، وطبعا هناك العديد من امثالهم من قادة الأحزاب و رؤساء الكنائس بكل انتماءاتهم المذهبية حيث يقفون اليوم بكل حزم ضد مشاريع تقسيم العراق، كل هؤلاء في اعتقادي الراسخ كانوا و ما زالوا عراقيون شجعان يدافعون عن وحدة العراق و جميعهم يسعون لتأمين سلامة وحقوق الأمة.
ان القاسم المشترك الغائب الحاضر لعنواننا القومي الجميل والذي يتباها الجميع بالإنتماء اليه و الدفاع عنه فانه ما زال يتعرض الى هزات و رجات و احيانا تغييرات او اضافات قد تفقده توازنه و تمنعه من الإستقرار، فقد حاول بعض من الأخوة والإصدقاء قبل الأعداء مهاجمته بل و محاربته لأنه كما يبدو كان في الأمس يمثل عنوان النور والسلام، quot; فالأشوريةquot; كانت قوة وكانت أحد الأعمدة التي اتكأ عليها قادة و ابناء الأمة عبر تأريخها الأشوري البابلي المتداخل، فاعتبروها المنتفعون و الحاقدون اليوم تحدياً لنواياهم الشريرة كما يبدو، ويبدو انهم تناسوا ان هذه الأمة قد تعرضت الى ابشع انواع الظلم و التشريد فالحاقدون والظلاميون قهروا وقتلوا شعبنا بل و قسموه الى كنائس مختلفة وشردوه من دياره في ايران وتركيا والعراق!
أما اليوم وبعد التخلص من النظام الدكتاتوري فقد آن الأوان لنهيئ انفسنا و روحنا الجديدة للوقوف مع الشجعان الداعين لوحدة quot;الأمةquot; ضمن وحدة العراق اينما ظهرت دعوتهم النبيلة داخل الوطن او خارجه، وحيث اننا اليوم نرى الحماس وروح الشجاعة والمسؤولية في وجوه وعيون بعض من مثقفينا وقادتنا المخلصين الى جانب البعض من القادة السياسيين العراقيين الشرفاء والمخلصين للعراق من العرب و الأكراد و التركمان واليزيديين والصابئة والبعض الأخر من رجال الدين مسلمين و مسيحيين وكل الأديان الأخرى المبجلين الكرام، حيث نتلمسها من خلال كتاباتهم و لقاءاتهم الداعية لوحدة العراق و الرافضة لكل اشكال التقسيم، فاننا نهيب و ندعوا شعبنا المسيحي بكل مذاهبه الكنسية الشرقية والغربية لدعم هذا التوجه الشريف، و العمل الجاد لفضح نوايا البعض القليل من الساعين لتمزيق العراق اولا من خلال ما نسمعه من مشاريع فدرالية او استفتائية، فتارة باسم كركوك وخانقين والموصل وتارة باسم البصرة والنجف وتارة باسم ديالى والرمادي وتارة باسم بغداد الرصافة وبغداد الكرخ، انها مشاريع لا تؤدي فقط الى تمزيق العراق انما ستؤدي حتما الى تمزيق quot;الأقليات الدينية والقوميةquot; ثم سحقها لتنصهر بكل تأريخها داخل حيتان الكتل والأقاليم الجديدة، ان شعبنا بحاجة اولا الى تثبيت وجوده مع الأخرين كشعب اصيل في الدستور العراقي والدستور الكردستاني، وثانيا حقه في ادارة شؤونه السياسية والإقتصادية والأمنية في المناطق التي فيها كثافة سكانية، ولكي يتحقق ذلك يجب ان تحكم العراق قيادة عراقية ديمقراطية شفافة غير مرتبطة باجندة طائفية او اجنبية، ان قادتنا السياسيين والروحانيين امام امتحان تأريخي عسير، فاما التقدم واثبات الوجود واما الانحطاط والذل والتشرد والانصهار.
تحية لدعاة وحدة العراق و تحية لدعاة وحدة شعبنا.
ادورد ميرزا
استاذ جامعي مستقل
التعليقات