إذا اردنا ان نتحدث عن المصطلح في اي علم من العلوم،او اي لغة من اللغات،فماذا نقصد به؟هل هو اسم ام دلالة؟
يعتقد علماء اللغة ومنهم العلامة اللغوي المرحوم مصطفى جواد ان المصطلح يعني الاسم ولا يعني الدلالة، بقوله ان المصطلح اللغوي هو اسم لا دلالة،ويدلل على قوله هذا بالاشارة الى دلالة المصطلح الذي يقول عنه انه اسم لشيء معين وليس لدلالة معينة.والفرق بين الاثنين كبير.

فالحضارة والثقافة والمدنية كلها مصطلحات حديثة دخلت عالم المعرفة،ثم تشعبت الاراء فيها،حتى اصبح لكل منها معنىً يختلف عن المعنى الاخر تماما،وان تعارفت الناس عليها بالمعنى الواحد.فالقارىء العادي لا يفرق بينها ابدا وينسبها كلها الى عالم المعرفة او الثقافة. وهناك مصطلحات دخلت الى عالم اللغة والثقافة منذ بداية عملية تحصين المصطلحات العربية من الخطأ في القرن الثاني الهجري ولا زالت في مرحلة تشعب الاراء والنقد البناء.

وبنزول القرأن الكريم ولغته الرفيعة على لغة العرب المتداولة آنذاك، فهمها العرب تماما دلالة على ان اللغة العربية كانت متاصلة فيهم وأصيلة،فكان رفض قريش للدعوة ليس جهلا بلغة القرآن كما يعتقد البعض، لكنها رأت فيها تحديا لها وتهديدا لمصالح الاقلية من زعمائها ضد الاكثرية المضطهدة عندها، بدليل انها وقفت من بعضه موقف المعاند منه بما كان يضرها وقبلت منه ما ينفعها،قبلت ماجاء بمدح قريش ورفضت الغاء الاصنام أنظر( سورة قريش1-4، ابراهيم 10).

وحين جاء القرأن بمصطلحات غريبة عن اللغة كالاستبرق وسندس والقسطاس والطور واليم والتنور،واسماء اعجمية اخرى مثل اسرائيل ونوح ولوط عدوها مصطلحات لا معنى لها لغرابتها عليهم. والقرآن الكريم لم يستعيرها من لغات اعجمية رغم أعجميتها لادخالها في لغته العربية،لكنه جاءبها على سبيل العضة والاعتبارلما كان لها من اهمية عند شعوبها،لدرجة ان المفسرين لن يستطيعوا تفسير ما غمض منها لجزالة الفاضها وصعوبة معرفة معانيها،فقال البعض منهم ان في القرآن آيات لا تفسير لها،فوقعوا في خطأ التفسير،حين نسوا ان بفرضيتهم هذه ادخلوا القرآن في حرج المعنى حين جعلوا بعض الايات القرآنية الكريمة جاءت حشوا لا معنى لها.

أذا نظرنا في بعض أيات السورالقرآنية التي تبدا بحروف مثل يَسَ، طَهَ،حَمَ نَ،قَ،صَ،الَرَ،اَلمَرَ، نقف أمامها مذهولين،أهي حروق ام آيات،لكنها في الحقيقة هي اجزاء من الايات،وليست آيات مفصلة في ذاتها،لانها حروف لو جمعت بعضها لوجدت انها تمثل كلمة القرأن اوالسبع المثاني، فتشعب المعرفة فيها وضاع الفقهاء في وهم التفسير لا التأويل. فأبتدعوا نظرية الترادف اللغوي الغريبة عن القرآن والتي ترفضها مدرسة العلامة أبي علي الفارسي اللغوية،وأبن جني في الخصائص والعلامة الجرجاني في دلائل الاعجاز.لكن لا احد من علمائنا المُحدَثين يستطيع الخوض في هذا المجال خوفا من اعتراض الفقهاء الذين تمسكوا بنظرية الترادف اللغوي وخوفا من الدخول في متاهات المناقشة اللاهوتية التي يجهلونها مثل جهل الاخرين،لذا عمدوا الى اعتماد قانون اعتمدته العامة والخاصة وهو قانون حرمة اختراق النص المقدس وقد شمل حتى الاحاديث ومقولات الصحابة وهنا وقعنا في سجن فكري حديدي لا يخترق لمعاقبة المخالفين لأرائهم الخاطئة، فبقيت الايات القرآنية تقرأ وتجود،لا تفسر وتؤول،فأضاعوا علينا فرصة التطور الحضاري الحديث.

نحن نصر اصرارا كبيرا على ضرورة اعادة تأويل آيات القرأن الكريم خارج مدرسة الترادف اللغوي ووفق الاية( 7) من سورة آل عمران،تأويلا جماعيا من قبل علماء اللغة والتاريخ والجغرافية والرياضيات وعلوم البحار والجبال والانواء الجوية والمسطحات المائية لنُخرج من هذا الكنز العظيم كنوزا اخرى أخفوها عنا الفقهاء والمفسرين أو قل لم يدركوها،فمصطلح القرآن يختلف عن مصطلح الكتاب والفرقان والسبع المثاني،الا انها كلها جمعت في مصطلح المصحف الاعجمي حشرأً، فبقينا خارج نطاق التحديث.لذا من الضروري النظر الى القرآن من منطلق الاية( 29 )من سورة الشورى،لنرى كم نحن أغفلنا الكنز العظيم الذي جاء به القرآن الكريم. يقول البعض وما ذا نعمل بملايين الكتب من تراثنا اليوم، اذا أهملنا التفسير الفقهي القديم،أقول لهم بصدق العبارة علينا ان نقوم حالا بصياغة نظرية اصيلة في المعرفة الانسانية (جدل الانسان) منطلقة من القرآن الكريم لان المنطق الفلسفي ينتج عنه بالضرورة الحل الفقهي الجديد. ونخلص اجيالنا القادمة من وهم التفسير الخاطىء المتبع اليوم والا سنبقى في خانة اليك الى ابد الابدين، فهل من حاكم مسلم يجرأ على ما تقاعس عنه الاخرون كل هذه السنين.

فلا نحن انتفعنا من القرآن ولا القرآن ادى ما يريده لنا رب العالمين. كنا نأمل ان التغيير في العراق هو الامل والحرية لنا،لكننا مع الاسف أصبنا بخيبة أمل اكبر من خيبة الامل بطالبان في أفغانستان حين دمرت المرأة وضاع الفكر النير وتحكم فينا الانغلاق.

وكذلك الانجيل الذي جاء بصيغة الجمع ليعني الشكر للآلهة المقدسة لتقديمها الاخبار السارة للبشرية عن طريقه. ويعني الاخبار السارة من الله لخلاص شعبه من ظلم الاخرين.ولقد عَد المسيحيون هذا المصطلح الرباني،بأنه الرسالة المسيحية في مجملها كهدية الرب للناس تحمل لهم بشائر الخير والسلام ولتخلصهم من الحروب والكوارث التي يفتعلها الطغاة من الحكام،لذا جاءت الكلمة عندهم بأكثر من 72 مرة في العهد الجديد لتعبر بصدق واخلاص عن مجيىء المسيح بن مريم المخلص. كما نلاحظ الفكرة عينها عند المسلمين الشيعة في المهدي المنتظر المخلص فأذا كانت عند المسيحيين ليخلصهم من ظلم اليهود الذين لا يعترفون الا بشعبهم وحسب نظريتهم في (شعب الله المختار).،فهو عند المسلمين الشيعة اشمل واعم ليخلص العالم من الظلم الشامل فقالوا: ان ظهور المهدي سيأتي ليملأ الارض عدلاً بعد ان ملئت ظلماً وجوراً، فلا زلنا ننتظر بعد ان اصبح الظلم والجور والاعتداء على النفس والمال حد الحناجرمن الارهابين والخارجين على القانون.

ولابد للباحث المتقصي من ان يشيرالى ان هذه الافكار تنتمي في جوهرها الابعد،الى ما تعارف عليه علماء الانثروبولوجيا بفكرة الانبعاث بعد الموت التي ارتبطت بأقدم معطيات البشرية الفكرية،ولنا أن نتسائل أليس لفكرة الأله الذي يموت في الاساطير،وبموته يحل الخراب ثم يبعث من جديد فتملأ الارض خضرة وربيعاً،علاقة بفكرة المسيح الذي سيبعث من جديد ليملأ الارض عدلا وسلاما بعد ان ملئت ظلماً وجوراً،وفكرتها عند المسلمين الشيعة متمثلة بالمهدي المنتظر بن الامام الحسن العسكري(ع). لقد كانت المناطق التي أحاطت بحوض البحر المتوسط مكاناً لمثل هذه الافكار،فعند الأغريق القدماء يموت أودونيس ثم يبعث فتبعث معه الحياة....وهو عند البابليين في العراق القديم تموز الذي مات ويبعث كل عام...وعند قدماء المصريين أزوريس ليموت ويبعث من جديد...،وعند سكان أسيا الصغرى أيتس،ويلاحظ ان هذه الاسماءكلها ليست ألا أوجهاً متعددة لتسمية واحدة وفكرة واحدة هي فكرة البعث بعد الموت( أنظر اساطير الموت والانبعاث _دائرة المعارف البريطانية).

ويرى بعض الباحثين ان فكرة المسحية ndash;موازية الى حدٍ كبير- في الرمز والحدث لاسطورة تموز والتي هي حجر الزاوية في الديانة المسيحية.وليس من شك في ان عقيدة المهدي المنتظر عند المسلمين الشيعة ذات علاقة وثيقة بفكرة المنتظر المسيح الذي يبعث بعد موته والقرآن يؤكد على عدم موت المسيح او صلبه لانه شبه لهم(وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبه لهم،النساء 157 )وينبغي ان نشير الى ان الشيعة يعتقدون ان بعث المهدي يرافقه بعث السيد المسيح وبعث السيد الخضر وانهم اصحابه الموعودون الخالدون الذين يقومون معه في يومه الموعود ولا زال للسيد الخضر مرقدا قرب الكوفة في العراق يزار حتى اليوم وقد زرته بنفسي، وفي مرقده الشريف الكثير من المخطوطات النادرة التي لم يسعفني الحظ بالاطلاع عليها،(الطبري،الرسل والملوك ج1 ص365 وما بعدها).

فشمولية المصطلح عند المسلمين الشيعة غيرَمن محدوديته عند المسيحيين. وظل علماء الانجيل مثلهم مثل علماء القرآن يرددون ما ورد فيه على انها آيات جاءت على سبيل العضة والاعتبار دون الغوص في معانيه العظيمة فضلوا يرددون ربوبية عيسى وهماً وخطئاً،والقرآن يرفض الاشراك بوحدانية الرب،يقول الحق:(وقال الله لا تتخذوا آلهين اثنين انما هو آله واحد،النحل51). حين جاء القرأن بعد الانجيل يؤكد على هذا الاتجاه العلمي كما في الايات الثلاث التي رافقت الانجيل (انظر البقرة101، آل عمران 48).

ومع ملاحظتي لكلمة المصطلح فقد وجدتُ انها تشكل ظاهرة قلق في اللغة العربية،لان العرب في غالبيتهم متضاربون في المعاني اللغوية للمصطلحات الحديثة كل منهم يفسره على هواه.وتجدهم غير دقيقين في عباراتهم المصطلحية الا ماندر. فظاهرة القلق واضحة تماما عندهم وخاصة عند تحديد معنى اللفظ للجماعات او الفئات غير المحمودة او الغير المرضي عنها مجتمعياً،مثل مصطلح (الفئة الباغية )التي وردت في الحديث النبوي كما ورد في صحيح البخاري تحت رقم 2601 (تقتلك يا عمار الفئة الباغية)،ويقصد بالبغي التعدي وليس الزنا كما يصوره البعض على الاخرين(انظر لسان العرب) وتبعتها( الفئة الضالة ).وحين نرغب في تحديد الصفة القانونية للمصطلح نجد انفسنا امام محنة الاثبات القانوني والا اصبحت الكلمة تَجَني ان هي اُطًلقت عليهم جزافاً.لان الكثير من هذه الجماعات من المغرر بهم ولم تكن اعمالهم التي يقومون بها عن اقتناع. وان هُم يعتقدون في البداية انهم يؤدون واجبا دينيا الزاميا امام الله والمجتمع.لتخليصها من الظلم و الاستعباد متناسين انهم يخرقون القوانين الالهية التي حرمت قتل النفس الانسانية بغير ذنب او فساد في الارض.هذا المنهج لم تفهمه اغلبية المُنظَمين من المغرر بهم في الجماعات الارهابية،لاسيما وان هناك مؤسسات حكومية كبيرة ونشطة تُدعم هذا الاتجاه الخاطىء دعما ماديا ومعنويا لأيغالها بالطائفية والعنصرية المقيتة.متحججة خطئاً بالجهاد.

لكن مهما قيل في مصطلحات الفئة الباغية والفئة الضالة تبقى الحاجة ملحة وماسة لدراسة معمقة للوصول الى الهدف الاسمى في التسمية.ولنعد الى مصطلحات الحضارة والثقافة والمدنية والفرق بينها قي المصطلح واللغة لنتعرف عليها بدلالاتها العلمية والمعرفية.



الممصطلحات الحضارية الثلاث،حضارة،مدنية،ثقافة

لم يكن لكلمة حضارة ولا لمشتقاتها في اللغة مدلول شبيه بذلك المدلول الذي اكتسبته هذه الكلمة في العصر الحديث. فالمعاجم العربية مجتمعة تؤكد ان كلمة حضارة تقابل كلمة بداوة،وكلمة حاضرة تقابل كلمة بادية،لذا فتحديد الكلمة بمعاجمنا العربية ظلت سطحية باهته لا معنى لها بالمفهوم المعنوي للكلمة.

بقيت الكلمة على حالها لفترة طويلة حتى تغير معناها في العصر الحديث،حين أصبحت تعني ارتقاء المجتمع في نواحيه المختلفة السياسية والاجتماعية،من هنا فطن الباحثون الى تعريفات كثيرة ومختلفة كل يُعرف من وجهة نظره، وان كانت في النهاية تؤدي الى مقصد واحد.لكن الكل يجمعون وان اختلفوا في الالفاظ على ان الحضارة هي:
كل ما يرث المجتمع من اجياله السابقة من نظم وقيم ومعتقدات اجتماعية وفكرية ودينية،وأنماط سلوكية ومهارات فنية يسيطر بها على بيئته ويكيف نفسه لها ويستطيع بواسطتها اشباع حاجاته الحياتية وينقلها من جيل الى الجيل الذي يليه،وهذا التعريف للمؤرخين العرب يتفق مع ما قاله الفيلسوف الانجليزي آرنولد توينبي بأنهاquot;ثمرة التفاعل بين الانسان والبيئةquot;.

هذا التعريف الشامل يؤكد لنا ان بين التاريخ والحضارة صلة او علاقة،لان كل منهما يهتم بالحياة الانسانية وبواقع الاجيال من حيث الحدث والظاهرة رغم انهما لا ينهجان بمنهج واحد،فالمنهج التاريخي يميل الى التخصص،والمنهج الحضاري يميل الى الشمول.
ويتفق المؤرخون على اختلاف مدارسهم ان موضوع التاريخ هو دراسة التجربة الانسانية على الارض، هذه التجارب المتعددة هي خلاصة الحضارة الانسانية بشكلعام.
ومهما يكن فأن مفهوم الحضارة ظل غامضا عندهم،لكن الدراسات التاريخية تؤكد من ان العرب ساهموا بجهد وافر فيه.

من هنا ندرك ان كلمة الحضارة كلمة معنوية اكثر منها مادية،اوقل كلمة تعني بانسانية الانسان وليس باحتياجاته المادية. وتقف الكرامة الانسانية والقيم الاعتقادية في المقدمة،لذا ترى الانسان يثور لاتفه الاسباب اذا طعن في مبادئه الحضارية لان العادات والتقاليد الراسخة تحتل مكانة التكريم عنده. لذا وضع العلماء مقاييس معينه لها في حالة التمييز او الرجحان ومن اهمهما:
-ان من يتصدى لهذا المقياس عليه ان يكون متجردا من الهوى والعصبية لان العاطفة تجعل الانسان دوما يميل اليها بغض النظر عن الثوابت الحدية فيها، والتجرد هنا هو سمة العلم الاولى لضمان صفات العدالة والنزاهة عند التقييم بين المتحضر والمتخلف.
-وان يكون المقياس الحضاري خاضعا لاحكام العقل وتطور المعرفة خلال الفترة الزمنية المعاشة.
-يجب ان يؤخذ العنصر الشمولي في نظر الاعتبار،لان الحضارة لا تأخذ بالمفردات بل بالشمولية،اي من بداية الظهور واستمرارا بالنمو وانتهاءً بالنضوج،شرط ان تكون المعايير العلمية في القياس هي الاساس.

اما المدنية

فهي كلمة حديثة مرادفة لكلمة التقدم،وهي مولدة لم ترد في المعاجم العربية ويرجح البعض انها مستمدة من الكلمة الانجليزية ( Culture ) ويشير بعض المؤرخين الاوربيين الى ان ابن خلدون قد تنبه الى الكلمة حين قال ان الانسان اجتماعي بطبعه اي مدني بطبعه،لكنهم يشيرون على انه اخذها من اليونان الذين كانت المدنية عندهم هي مظهر الاجتماع المنظم المتحضر.في الحقيقة ان ابن خلدون لم يفطن الى عملية الفصل بين المصطلحين حين استعملها بمعنى الحضارة،حين قال ( ونجد التمدن غاية البدوي يسعى اليها ).أنظر المقدمة.

ويقول البعض ان الكلمة مشتقة من التمدين اي التنعم والرفاهية،لكن الحقيقة ان الاستعمال العربي لا يفرق بين المصطلحين من حيث المعنى.

لكن المدنية اليوم تعني النشاط الاجتماعي المرتبط بالجانب العقلي والمادي للانسان ويسهل اقتباسه ونقله من مكان الى اخر،وبعبارة اخرى هو المنجز المادي الملموس داخل المجتمع مثل الملبس والألة والسيارة وكل ما يعين المجتمع على قضاء حاجاته اليومية.
لذا فحين تشمل الحضارة القيم الانسانية بوجه عام،فان المدنية تشمل الجانب المادي وهي تطور تدريجي يسير في خط صاعد.

أما الثقافة
فقد جاءت في لسان العرب لتعني الحذاقة. وعند ابن دريد في كتابه الاشتقاق تعني الظفر.وفي القرآن الكريم لها معنىً اخر حين يقول:( وأقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم والفتنة اشد من القتل البقرة 191). والقصد القرآني هنا في اي مكان تمكنتم منهم.
هذا المفهوم لا ينطبق على الاستعمال الحالي لمصطلح كلمة الثقافة الحديثة المتعارف عليها عالمياً. فقد دخل التطور عليها لتصبح تعني مجموعة المعلومات والمعارف والممارسات والقيم الخاصة بشعب من الشعوب،لانها تعبير صادق على شخصية ذلك الشعب او الشخص المعين.على هذا الاساس،فالثقافة هي نشاط انساني يعكس تيار الحياة ويلبي حاجات البشر الروحية والفكرية ويسهم في تطور المجتمعات،وهي تعبير عن الذات الانسانية كسلاح بيد الانسان ضد محاولات عزله عن مجتمعه ودينه وقوميته وعن تاريخه وادابه وتراثه الشعبي،حتى اصبحت كلمة الثقافة تعني ذاكرة الشعب التي يجب ان لا تنسى او تضيع،لان بنسيانها اوموتها يعني الحكم على الشعب بالموت ثقافيا،وساعتها يكون المجتمع عرضة للغزو الثقافي.
ولازال مصطلح الثقافة لم يحدد الى اليوم بالمعنى اللغوي والاصطلاحي المتفق عليه،وفي أطار هذا المفهوم للثقافة عقدت منظمة الامم المتحدة(اليونسكو)ندوة كبرى عام 1970 لمناقشة الحقوق الثقافية من حيث هي حقوق انسانية.نوقش فيها موضوع الثقافة كلها من تعريفها الى مصطلحاتها وميادينها الى مستقبلها.لكن النتيجة كانت اختلافا كبيرا في تحديد هذا التعريف لغةًًً واصطلاحاً لسعة افاق الكلمة وتشعب معانيها المختلفة.

وعلينا ان نفهم ان للثقافة تسميات ثلاثة هي: الثقافة المحلية الخاصة بشعب من الشعوب وبمنجزاته الفكرية وتراثه الوطني،والثقافة القومية،وهي المنجزات الفكرية الخاصة بالامة الواحدة المعينة والثقافة العالمية الخاصة بشعوب الارض قاطبة. وسواءً كانت حضارة ام مدنية ام ثقافة فكلها مصطلحات حضارية كان هدفها ان تنقل الانسان نقلة نوعية في حقوقه وواجباته وابعاده عن أيذاء الاخرين او التدخل في شئونهم الخاصة الا بقدر ما يسمح به القانون،وهذا ما ادركته اوربا والعالم المتمدن واصبح لديها قانون ثابت لا يخترق ألا نحن بقينا عنه بعيدون.لماذا؟ أسئل من وضع مناهجنا الدراسية الناقصة عمداً لا عن أقتناع الذي اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم.

والمصطلحات الثلاثة بحاجة الى المزيد من الدراسة والبحث والتطبيق بعد ان فقدنا الكثير من موروثنا الثقافي الثر.
ويبقى المصطلح العام بحاجة ماسة للمتابعة والدراسة مادام العلم الحديث يولد لنا في اليوم الواحد الف مصطلح جديد.

د.عبد الجبار العبيدي
[email protected]