لا اعتقد على الاطلاق ان هناك مواطن عربي واحد ينتظر من قمة عربية سابقة او لاحقة ان تكون منقذ او عبارة عن حل لقضية عربية بسيطة او مشكلة مستعصية. بل العكس تماما الجميع يعرف جيدا وبالنتيجة الملموسة ان اغلب القمم العربية هي مشكلة اضافية للمشكلة الاصلية وهي العبء الحقيقي اكثر من ان تكون عامل انقاذ يساعد في حل هذه المشكلة او تلك.


ناهيك عن كون هذه القمم لم تناقش ولم تطور يوما الواقع العربي نحو الافضل في كل مجالات ومفردات الحياة العربية.

وفي يومنا هذا ومنذ حوالي ثلاثة اسابيع تذبح غزة وتنتهك حرماتها وتذبح نسائها واطفالها وشيوخها وتسفك الدماء وتهدم البيوت عليهم وتقصف حتى المساجد ومراكز الاعلام، والعالم العربي يتفرج وتحلوا له الفرجة ولايحركه اي من مناظر الموت والبطش هذه الا في مسيرات ومظاهرات quot; موجهة quot; هنا اوهناك والغريب هذه المسيرات تحمل صورة quot; الزعيم quot; الاوحد في مظاهراتها الفقيرة تلك!! اما الجانب الاخر من الشعب العربي ففضل السكوت ومتابعة دورة خليجي 19 والرقص على دقات الطبول وعلى نتائج البطولة التي لاتقل غرابة عن الحال العربي نفسه. وشريحة اخرى فضلت البكاء والدعاء، لكنه بكاء العاجزين ودعاء القاعدين. ناهيك عن شريحة لاتقل فداحة عن واقعنا العربي هي شريحة المحللين السياسيين هولاء الذي يجعلون النصر بين ايدينا او الهزيمة بين جوانحنا كلا حسب توجهاته السياسية والجهة المانحة له!!

يومنا العربي الفريد هذا يشهد تفرد اخر وموديل جديد للقمم العربية دون ادنى مبرر او تفهم لكل هذه المجازر والهزائم النفسية قبل العسكرية التي تصيب المواطن العربي. فلقد تم الدعوة الى ثلاث قمم بنفس الوقت في الكويت اقتصادية وفي قطر تشاورية وفي السعودية خليجية. لكنها في حقيقة الامر جميعها عبارة عن مبارزة سياسية علنية وليس مع اسرائيل بل بين العرب نفسهم دون غيرهم. لذلك فان طلقة الرحمة لاتحتاج الى عناء حتى يصاب العربي بالاحباط وخيبة الامل. لان في كل الاحوال وفي محتلف الظروف هذه القمم لاتخرج عن مستوى كل القمم العربية التي يتوجها التنديد والاستنكار التي لاتجد لها اي سوق بورصة عالمية او أممية. لذلك العالم ينتبه بشكل افضل الى تصريحات وسلوك الرئيس الفنزويلي او رئيس الحكومة التركية او الرئيس الايراني حول غزة ولايعير أهمية الى التصريحات العربية الشعبية والرسمية quot; طالما كانت تحت السيطرة وهذه العقلانية والاعتدال العربي المزعوم و القاتل quot;.

كمواطن عراقي لايهمني انعقدت او لم تنعقد هذه القمة و لايهمني من يحضرها ومن يغيب عنها. لان هذه القمم وفي كل تاريخها الطويل لم تكن يوما علاج او حل لمشاكل بلدي العظيم العراق بل كانت المواقف العربية دوما تدعم الديكتاتور الساقط وحتى في الحصار الخارجي والداخلي على العراقيين الاكارم عوقب الشعب العراقي نفسه، وامتدت هذه المواقف العربية الرسمية والشعبية في نسبة ساحقة تؤيد الدمار والخراب والتفجيرات في اسواق وشوارع وبيوت العراقيين واصبحت البهائم العربية المفخخة ميزة عربية بامتياز. ولم نسمع يوما ان بلدا عربيا واحدا قام بالمساهمة الفعلية والجادة في اعادة اعمار العراق. بل ان كثير من السجون العربية وحتى يومنا هذا تحتجز مواطنين عراقيين لاسباب بسيطة او جنحة صغيرة وينفذ به حكم الاعدام دون وجه حق او رحمة!! واغلب الدول العربية ترفض منح الفيزا للمواطن العراقي في الوقت الذي يكون فيه الاسرائيلي مرحب فيه وبكل تبجيل وتقدير في كثير من المطارات العربية. لا بل بعض الدول العربية مازلت حتلى لحظتنا هذه quot; تحلم quot; بان لها ديون على العراق. لذلك سوف يكون من الغريب جدا ان نرى ونسمع بعض المسؤولين العراقيين حماسهم يتناطح لاجل الذهاب الى هذه القمم!! مافائدة هذه المشاركة اذا لم تطلق سراح مواطن عراقي من سجن عربي او تحرر عراقي من مقصلة طائفية عربية او تضع له الاحترام والتقدير في المطارات والحدود العربية!؟

ومن جانب اخر مافائدة هذه القمم اذا كانت لن توقف مجازر غزة او تسبب الخوف والارتداد لاعداء هذه الامة. مافائدة هذه القمم وقد اصبحت سوق مفتوح للمزايدات المفتوحة بدماء الابرياء والضحايا في غزة. ومافائدة هذه القمم اذا لم توضع وتؤسس لبناء ديمقراطي في بلادنا العربية البائسة. ومافا ئدة هذه القمم اذا لم تقضي على أمية 80 مليون عربي. ومافائدة هذه القمم اذا كانت النسبة الساحقة من الرؤساء غير منتخبين من شعوبهم. وماذا سيفيد تعدد القمم العربية اذا كان هذا مستواها وهذه اخبارها في الماضي وفي الحاضر؟ سيكون موديل تعدد القمم ذبح اضافي لنا جميعا ولكل احلامنا الانسانية.

محمد الوادي
[email protected]