سمعنا جميعا خبر المقايضة الشهيرة والتي ربما تعد أشهر مقايضة على الإطلاق، عندما سمحت حركة حماس بتصوير شاليط لدقيقتين مقابل إطلاق سراح تسعة عشر امرأة فلسطينية! فهذه المقايضة التي تدخل في خانة الأعاجيب أو كتاب غينس للأرقام القياسية، هي الدليل الأكبر على مدى الهوان الذي وصل إليه إنساننا والقيمة التافهة التي بلغها والتي لم يتصورها احد.


فإذا لم تعد هذه المقايضة الأعجوبة اهانة لإنساننا، فإننا بحق نواجه عجزا كبيرا في فهم الواقع وفي التعاطي مع متطلبات الحاضر والمستقبل، لان أهم شيء كان الأجدر أن نحترمه ونحافظ عليه وهو الإنسان قد انحدر إلى مجرد بضاعة كاسدة لا قيمة لها، بحيث أصبح يقايض بفيلم أمده دقائق معدودة، فأي هوان ابلغ من هذا الهوان وأي مهزلة اشد هزلا مما جرى.


لقد حطمت هذه الصفقة كل الأرقام القياسية السابقة بما في ذلك الرقم المسجل باسم حزب الله، عندما قايض مئات المعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين بجثث جنود إسرائيليين، وإذا ما دققنا النظر في هذه الصفقات لوجدنا إنها تكاد تقتصر على منطقتنا، إذ لم نسمع مثلها أبدا ولا حتى في العصور الغابرة.


وإذا أردنا أن نفسر إصرار حماس وغيرها على هذا النوع من الصفقات، فلن نجد أفضل من القول أن حماس وأمثالها يدركون ما يفعلون، بل هم يجدون في هذا النوع من المقايضات عملا مجديا، وإذا ما صح هذا فان هذا يعني أن حماس تدرك جيدا من خلال احتفاظها بشاليط أي ورقة تملك، ولذلك وجدت في ذلك وسيلة لتحقيق بعض المكاسب بغض النظر عما تسببه هذه المكاسب من إشكالات وجدل قد لا تجده حماس مثيرا أو مهما، فالهدف الأساس بنظرهم هو إشعال جذوة المساومات لتسويق بعض الأهداف التي لها قيمة لدى الوسط الشعبي، أما قيمة الإنسان كانسان فهي أمر ثانوي وقد لا تستحق الكثير من الاهتمام!


إن من واجبنا كأناس ننتمي لهذه المنطقة الوقوف بوجه هذا التبخيس المشين الذي بلغ مستويات مهينة ومثيرة للاشمئزاز، فقيمة إنساننا لا يجب أن تترك لهذا النوع من التصرفات، لأننا نرى أن قيمة الإنسان واحدة في كل مكان ولا يجب أن ننحدر بها إلى هذه الدرجة التي لا تشرف أحدا.


فقد يكون لحماسها برنامجها الجهادي أو نظرتها الأيدلوجية، لكن ليس من حقها أن تتعاط مع إنساننا بهذا الشكل المهين، فهذا ما لا نرضاه ولا يمكن أن يرضاه احد.