غرائبية و عجائبية السياسة الخارجية لقطر لا تثير الدهشة فقط !، بل تثير كل عوامل و هواجس الإستغراب و الحيرة !، فدولة قطر التي تحتضن قاعدتي العديد و السيلية و القيادة المركزية للقوات ألأميركية في الشرق ألأوسط و التي تضم أيضا إمبراطورية دولة الجزيرة و توابعها قد تحولت في الآونة الأخيرة لصورة مستحدثة و جديدة من إذاعة صوت العرب أيام الفورة و الحماسة الناصرية في أواخر خمسينيات القرن الماضي خصوصا بعد محرقة غزة الأخيرة و التي كانت تصرفات و أساليب حركة حماس في إدارة ملف الأزمة إحدى أهم عواملها المباشرة، فجموع الفنانين العرب قد إتخذت من مسرح ( الدفنة ) القطري قاعدة نضالية شامخة وحيث لبست تلك الجموع الكوفية الفلسطينية و أعادوا إحياء أغاني الراحل عبد الحليم حافظ الوطنية من أمثال ( خلي السلاح صاحي )! و ( المغربية )و ( يأهلا بالمعارك.. يا بخت مين يشارك )!! و ( جماهير الشعب تدق الكعب )! إضافة لنشيد الوطن ألأكبر!! حتى تصورنا أن المرحوم ( صلاح نصر ) مدير المخابرات المصرية قد عاد للحياة من جديد!!

و إن طلائع قوى الشعب العاملة في قطر قد قررت أن تضرب ضربتها التاريخية و تحرر الأراضي العربية المحتلة بقيادة الرفيق المناضل خالد السفياني أمين عام المؤتمر القومي العربي لكرة القدم و تحت قيادة المارشال أركان حرب الصحفي الفلسطسيني ....و معن بشور و خالد مشعل و رمضان شلح ويبدو جليا أن التدخل في النزاع الفلسطيني الداخلي يعيد للإذهان تاريخ التدخلات السابقة لبعض الأنظمة العربية في القضية الفلسطينية و بما أدى لتشكيل جبهات و ميليشيات و تنظيمات عدائية مسلحة كما كان يفعل في السابق نظامي البعث المتحارب في دمشق و بغداد، فدمشق أسست الصاعقة و ردت بغداد بإنشاء جبهة التحرير العربية هذا غير دعم القتلة و بنادق الإيجار من عتاة الإرهابيين من أمثال أبو العباس و أبو نضال و أبو الموت!!

و غيرهم من الأسماء الخرافية التي شكلت الصورة السوريالية للسياسة العربية طيلة عقد السبعينيات من القرن المنصرم!، و يبدو أن السياسة القطرية قد قررت أن تركب موجة و تيار الخلافات الفلسطينية التي لن تنتهي خصوصا في ظل تداخل الملفات الإقليمية و تدخل النظام الإيراني في إشعال الموقف و القتال حتى آخر عربي أو فلسطيني و إشغال المنطقة بملفات هامشية تم تضخيمها لتكون البديل الموضوعي للقضية المركزية و الأساسية، فمن الواضح إن الدعوة الحماسية لتشكيل منظمة تحرير فلسطينية جديدة ذات طابع ديني ( إخوانجي ) قد أضحت الستراتيجية المطلوب تحقيقها من اجل إدامة و إقامة تحالف الجماعات الأصولية في المنطقة و الممولة بالكامل من الجانب الإيراني الذي يخوض مستنقع إدارة الصراع الإقليمي من خلال تحريك حرب الوكلاء و بالنيابة!!، و يبدو أيضا أن القطريين رغم إحياؤهم لذكريات و أيام و صولات إذاعة صوت العرب و ترديدهم لأناشيد دع سمائي فسمائي محرقة!! و دع مياهي فمياهي مغرقة!! و الله أكبر فوق كيد المعتدي يمتلكون الوقت الكافي للتدخل في الملف الكردي و حيث يزمعون إنشاء قنصلية قطرية في ( كردستان ) الشقيقة لإدارة عمليات الإستثمار هناك و لخلق واقع سياسي و دبلوماسي جديد و طبعا بعد موافقة وزارة الخارجية العراقية!! و التي هي أصلا وزارة تابعة لإقليم كردستان!!

و بين حماسستان و كردستان تكون الدوحة في الصيف قد ضيعت اللبن و يرجى الإنتباه للخيط الرفيع الذي يجمع بين الملفين.

داود البصري

[email protected]