عبر الراحل quot;محمد الماغوطquot; بنجاح عن حالنا نحن العرب في فيلمه quot;الحدودquot; فنحن نضع بأيدينا حدود لأي شأن بين بلد عربي وآخر سواء سياسي أو ثقافي أو اجتماعي، ونحدد بأنفسنا خصوصية لكل شأن ونحدد من يحق له الاقتراب ومن يجب عليه السكوت وكل ذلك بناء على الهوية.

وأشير إلى مضمون الفيلم هنا فيما يخص المجال الثقافي تحديدا.. فحتى الأفكار والثقافة وضعنا لها خصوصية.. لمن اكتب؟ هل عندما اكتب أتوجه إلى جنسية معينة؟ هل ترتبط أفكارنا أو انتقادنا لموضوع ما انطلاقا من الهوية؟ الفكر والثقافة ملك للجميع. المعرفة من حق الجميع. ولا تقتصر مناقشة أو طرح فكرة ما على جنس معين أو هوية معينة.

وآتي اخيرا الى السؤال الأهم: أليس من حق الكاتب إذا كان يعيش في بلد غير بلده أن يكتب في شؤون هذا البلد؟ إذا كان يحمل فكرا ومطلعا وقارئا ومشاركا في الأحداث الثقافية من حوله فهل عليه قبل أن يبدأ بالكتابة أن يتوقف لدقائق ليسأل نفسه: ما هي هويتي؟ وبناء عليه يقرر ما سيكتبه؟ ويقرر إذا كان من حقه أن يكتب أم لا؟


كتبت كلماتي هذه وطرحت هذه التساؤلات بعد مناقشة تمت بيني وبين كاتب مصري معروف. فقد كنت اعمل على استفتاء لإيلاف يناقش quot;واقع ودور الثقافة المصرية وأثرها على معظم المثقفين العربquot;، وكان هو أحد المشاركين به. نظرا لثقتي بما يكتب، ولمعرفتي الشخصية به كإنسان راق.


صدمت به.. وهو يبادرني بالسؤال: كيف يمكن ان تكتبي بهذا الموضوع وانت فلسطينية ولست مصرية؟ اعتقادا منه بان ذلك سيفتح المجال امام تعليقات وردود لا داع لها.. وقد يفترض البعض سوء النية من طرفي.. واضاف مستنكرا استفتائي واصفا اياه بأنه لا يخلو من اهانة للثقافة المصرية!!


الجمَ موقفُه لساني لحظات قبل ان اجيب عليه قائلة: باني احترم رأيه وموقفه من الاستفتاء وسألغيه.. وانا افتخر ان اكون فلسطينية او مصرية، لكنني اردنية في الاساس.. ولم اقصد سوء النية في مناقشة أمر الثقافة المصرية في الاستفتاء بل كان انطلاقا من احترامي لهذه الثقافة ودفاعا عنها فهي لعبت دورا كبيرا في تشكيل فكري وثقافتي كما فعلت مع غيري.


يا حضرة الروائي انا لا اكتب انطلاقا من هويتي.. فانا كتبت عن اصدارات مصرية عديدة لمختلف دور النشر المصرية من كتب وروايات ودواوين شعر على مدى سنوات في موقع ايلاف، اضافة الى اصدارات عدة لدور نشر عربية، كما ناقشت العديد من الموضوعات الثقافية المصرية والاردنية والسعودية وغيرها، واجريت حوارات مع العديد من المثقفين المصريين والعرب... فهل اذا كتبت لاناقش بعض التحديات او الاشكاليات اكون سيئة النية، وأن استحق لقب الانتماء بفخر اذا كلت له كل المديح؟


لا اعتقد بان الهوية هي التي تزرع الانتماء أو الحب في داخل الإنسان، بغض النظر عن هويتي مادام هذا الحب والانتماء حقيقي وصادق يفرض علي أن أقول الحقيقة. والحقيقة دائما لها وجهان ايجابي وسلبي، أما بنظر البعض إذا كان الحب والانتماء هو فقط للتعبير عن الايجابيات إذن هذا الحب مزيف، والانتماء مزايدة!!


الثقافة يجب أن تعبر الحدود السياسية من بلد إلى آخر، حتى نصنع حراكا ثقافيا يرتقي بنا ولا يخذلنا!!

سلوى اللوباني

.comsalwalubani@hotmail