يزور العراق هذه الايام عمرو موسى امين عام الجامعة العربية. طبعا الزيارة وبكل الاحوال مرحب بها لكونها تمثل صحوة الجامعة ولو بشكل متاخر جدا وهذا في حقيقة الامر يعكس واقع الحال العربي دون رتوش حيث دائما يكون متاخرا وبعد ان يكون قطار الحدث قد قطع كل المحطات الصعبة فيصبح هذا الحضور مثل الغياب لافرق كبير بينهما.
اكيد ودون علم ودون ان يدري او يعرف يصل موسى الى العراق وهو يعيش كشعب وبلد ذكرى أليمة وموجعة لكل العراقيين حيث جريمة العصر الارهابية في حلبجة. وهذه فرصة اكثر من مناسبة ان يتقدم السيد عمرو موسى بالاعتذار الى ( الامة العراقية ) الكريمة عن الدور العربي السلبي في كل الجرائم التي مرت على هذا الشعب الكريم والذي انقسم هذا الدور بين الداعم والمصفق وبين المتفرج او الساكت بخانة سكوت الشياطين. هذا الاعتذار واجب على الجامعة العربية طالما ان صفتها المعلنة تلتصق بامتنا العربية المغلوبة على امرها.
ومن الجانب الاخر وكمواطن عراقي اتمنى مخلصا ان تخرج الجامعة العربية على يد السيد موسى من هاوية المطالبة بحصص في الحكم لمذهب معين وبشكل فج ومسخ وعلى حساب بقية العراقيين. لان هذه المرحلة اصبحت في عراق اليوم من الماضي الذي يجب تجاوزه وعدم الرجوع اليه طالما وجدت صناديق الاقتراع وهي الميزان التي تحدد نسبة العراقي كمواطن وليس الطائفية والقومية.
ان يزور امين عام الجامعة العربية العراق خلال ستة سنوات دموية و صعبة وحرجة منذ سقوط الصنم ولحد الان فقط مرتين، هذه اشكالية كبيرة تؤشر مدى الانحياز السلبي العربي ضد واقع العراق الجديد. خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الامين العام لايتحرك باستقلالية بل تحركه دول عربية معينة على وجه الخصوص مما افقد الجامعة وتحركتها اي ميزة او سمة من سمات الاستقلال والحيادية. لذلك فهذه الزيارة هي كرد أولي على زيارة الوفد العراقي الرسمي quot; الضخم quot; والمبالغ به الى مصر خلال هذه الايام!!
ومن جانب اخر ان الامين العام وكل تركيبة الجامعة هي صورة واقعية لواقع الحكم العربي الديكتاتوري المزمن. فالسيد عمرو موسى اثبت بجدارة انه ابن هذه المؤسسة الديكتاتورية الحاكمة دون انتخاب او دورة معينة. بل انه انتمى وبجدارة الى خانة quot; القائد الاوحد الزعيم طويل العمر المصون وغير مسؤول!!quot;. لذلك على العراقيين ان لايفرحوا بهذه الزيارة بل تكون سعادتهم اكبر لو جائهم زائر مثلا وزير خارجية لدولة اوربية لان هذا سيكون اكثر واقعية واكثر شرعية و اكثر قوة دعم وايضا ممكن التكلم معه بلغة المصالح المتبادلة دون الشعارات والعواطف القومجية البائسة والفارغة. وفقط للتذكير ان عروبة العراقيين ليس بحاجة الى شهادة من الجامعة او من غيرها.
كما على الحكومة العراقية ان تحاور مصر وغيرها من الدول العربية بلغة المصالح المتبادلة والمتوازنة والتي تضمن مصالح العراق والعراقيين بشكل واضح وصريح دون تغليب مصلحة مصر او غيرها من الدول العربية على مصلحة العراق. وايضا لابد ان تعرف جميع الاطراف ان الزمن العراقي قد تغير كثيرا وبشكل جذري. لذلك مجرد التفكير بمجيء العمالة المصرية باعداد كبيرة الى العراق في المستقبل القريب كما يخطط البعض ويرسم هو خطر كبير سوف يدق ناقوس خطر لايمكن قبوله وسوف يعود بنا الى دائرة الخراب مرة اخرى وبشكل اقوى بكثير مما يتوقع البعض. لان الواقع السكاني والديمقرافي العراقي لايتحمل مخاطرة كارثية من هذا النوع ولان العراقيين واعيين اكثر ممايتصور البعض العربي او حتى البعض العراقي!!.
اهلا بعمرو موسى طالما وصل لبغداد وتشرف بزيارتها.. ولكن عليهم ان لايشطحوا بافكارهم بعيدا وايضا عليه ان يقدم اعتذاره بصوت عالي وبلغة عربية فصيحة. اما غير ذلك فهو عبث اضافي ومضيعة للوقت.
محمد الوادي
[email protected]
التعليقات