الشريعة والعشيرة: أمن للبيع من وادي سوات إلى جرود بعلبك والهرمل

حدثان، الأول منجز ونهائي والثاني قد يكون بداية مشروع.
الحدث الأول: وادي سوات أو ولاية سوات الباكستانية والتي تضم ثلاثة ملايين انسان باتت محكومة بقواعد الشريعة الطالبانية (يطلقون عليها الشريعة الإسلامية). اذا خرجت سوات من حكم القانون المدني الى حكم الشريعة وقبل دخول الأخيرة حيز التطبيق بفترة تراجع عدد الفتيات في المدارس من 120،000 الى 50،000 وذلك لتحريم دخول الفتيات الى المدارس وقاموا كذلك بتدمير أكثر من 130 مدرسة معظمها للإناث. وكذلك تحريم خروج النساء الى العمل.


قبل ذلك أيضا قُتل فضل الوهاب، الكاتب الأفغاني، لأنه انتقد الشيخ الجليل اسامه بن لادن. وبحسب الشريعة انتقاد الشيخ الجليل انتقاد للذات الإلهية.


الناطق باسم الحكومة الباكستانية اعتبر ذلك خطوة تعيد الأمن لهذه الولاية فيما اعتبره مولانا فضل الله (زعيم الحركة الإسلامية في ولاية سوات) انتصارا لأحكام الشريعة التي يطالب بها أهالي سوات ورد فعل على الحرمان والتهميش وفشل سياسات الدولة المدنية.
الحدث الثاني: عشائر بعلبك الهرمل تُلبس أحد ضباط الجيش اللبناني العباءة التقليدية في دلالة على تسامحها بشأن مقتل أحد مروجي المخدرات، المطلوبين بأكثر من مئة وثمانين مذكرة اعتقال، برصاص جنود الجيش اللبناني ( كان ذلك قبل حادثة قتل الجنود اللبنانيين بأسبوعين). واللقاء تم بناء على وساطات طلبها الجيش اللبناني أفضت الى عقد تلك المصالحة.


عمليات الجيش مستمرة مؤكدا في بياناته على التعاون التام مع زعماء العشائر في منطقة بعلبك الهرمل لإتمام المهمة. ليست تلك هي الحادثة الأولى من نوعها ولن تكون بالطبع الاخيرة. والجيش اللبناني بارتدائه العباءة انما يطلب حماية العشائر لتنفيذ المهمة المطلوبة منه. ولكن للنظام العشائري قواعده التي تخرجه عن تطبيق القوانين المعمول بها الى تطبيق شريعته الخاصة به. فماذا لو استمر الإضطراب الأمني هنا وهناك وماذا لو لم يتم التعاون بين العشائر والجيش بالشكل المطلوب؟ أو بمعنى آخر ماذا يحدث لو لم ترض العشائر عن ممارسات الجيش؟ هل تشتري السلطات اللبنانية الأمن بمنح العشائر سلطة لتطبيق نظامها؟ سلطة للعشائر قد تحقق استقرارا للأمن من وجهة نظر الحكومة وردة فعل على الحرمان بنظر من يقيم شرعية العشيرة.


توقيف المطلوبين كان دوما رهن برفع الغطاء عنهم من قبل العشيرة. العشيرة لا ترفع يدها إلا بصفقات (أنظر جريدة السفير اللبنانية) تحقق لزعمائها مكاسب وغالبا ما تضحي العشيرة بفقرائها لا بأصحاب الصولة والجولة فيها.
يمكن أن لا نعتبر ذلك تخلفا خصوصا وأن الولايات المتحدة الأميركية طبقته في العراق. ألم تنتج أم الديمقراطية قوات الصحوة السنية في العراق بكلفة تجاوزت مليارات الدولارات...؟
فلم لا تكون شريعة طالبان في باكستان وشريعة العشائر في بعلبك الهرمل. ثمنا للأمن.
أمن للبيع ولو ثمنه الموت.


أجل عندما تشتري السلطة آمنها من ميليشيات الشريعة أو ميليشيات العشيرة فهي تدفع الثمن من أرواح مواطنين يسكنون تلك المناطق.
محاكم مولانا فضل الله في سوات مثال. وثأر عشائرنا في بعلبك الهرمل مثال آخر.

محمد حسين الأطرش