استيقظت بالأمس على صوت جرس التليفون بعد الفجر بساعة. كانت المحادثة كالتالي:ـ
أيمن: ألو (طبعاً بتأفف فليس مِن عادتي الإستيقاظ في مثل هذا الوقت المزعج).
الآخر: أيمن رمزي معايا؟ (بصوت أجش وعميق وكأنه قادم مِن الصحراء الشرقية).
أيمن: أيوه أنا. تحت أمرك، مين حضرتك؟ (طبعاً متغاظ وقرفان مِن الصحيان بدري)
الآخر: أنا quot;اللواء quot;سquot; مِن رئاسة الجمهورية.
أيمن: يعني مصحيني بدري وتتصل بيا علشان تهزر معايا؟ مين حضرتك؟؟
الآخر: يا دكتور أيمن رمزي (مش عارف ليه قاللي يا دكتور؟؟)، أنا باتكلم بجد. أنا اللواء quot;سquot; مِن رئاسة الجمهورية وعايزينك تشرفنا النهاردة في مقر الرئاسة.
أيمن: تاني برضوا هزار على الصبح؟ يا عم حضرتك مين بالظبط؟؟؟ (غيظ في صوتي وعصبية، لا سيما أن الراجل واخد الأمر بجد حبتين زيادة)
مطولش عليكوا في مقدمة المكالمة، حسيت أن الأمر فيه شوية جدية، لماذا لا؟؟؟ يمكن الموضوع يطلع صح ما هو أحمد زكي في فيلم quot;معالي الوزيرquot; عملوه وزير بالصدفة مِن مكالمة زي دي برضوا. ما عالينا مِن الأوهام دي!!!
ها نشوف إيه اللي يحصل لو خدت المكالمة جد شوية.
خدت الموضوع جد وكملت المكالمة على اعتبار أن الطرف الآخر اللواء quot;سquot; مِن مقر رئاسة الجمهورية.
أيمن: يا أفندم (لغة الجيش الرسمية، حيث أنني لم أنس أننا محكومين مِن العسكريين مِن 57 سنة، واللي بيكلمني لواء جيش أكيد ورئاسة الجمهورية يبقى الأمر لو جد يبقى نهار أبويا مش أبيض لو هزرت غلط مع معاليه)
مكملتش كلامي ولقيته بيقولي تيجي النهاردة الساعة عشرة الصبح مقر رئاسة الجمهورية علشان تستلم مهام وزارة جديدة عملناها بإسم quot;وزارة الأديان المصريةquot;.
؟؟؟؟
أسأل على مين؟ أقول يا مين؟ أي باب؟ أدخل مِن أي شباك؟ أعمل إيه؟ أقابل مين؟ أجيب إيه معايا؟ أخبار كتاباتي بعد الوزارة؟
أكثر مِن مائتي سؤال داروا في ذهني زي الطاحونة في ثانية أو أكتر شوية.
صاحبنا اللواء quot;سquot; قفل الخط بعد ما قال لي سلاموا عليكوا وأقابلك الساعة عشرة الصبح.
middot; الموضوع جد إذاً!!!!!!
طبعاً قعدت أحسبها يمين شمال، فوق تحت، أمام وراء، دارت في ذهني كل الشخصيات المحترمة في عيلتي اللي ممكن أكلمهم على الصبح علشان أقولهم أعمل إيه؟
طيب ليه أنا اللي يختاروه للمنصب الجديد الرفيع ده؟
مَن مِن الشخصيات الرفيعة الراقية مِن أصدقائي في العالم العربي والأجنبي اللي ممكن اتصل بيهم على الصبح كده علشان أقولهم أعمل إيه في المنصب ده؟؟؟
ذهبتللحمام وحلقت ذقني واستحميت ثلاث مرات، ولبست أشيك بدلة عندي لونها لبني ولبست شراب أزرق والجزمة السودة والكرافتة المقلمة لبني على كحلي والقميص الرمادي والملابس الداخلية البيضا، وبعديها قعدت أفكر وأفكر وأفكر، وظللت أفكر فيما يجب أن أفكر فيه.
middot; وهكذا خطرت على بالي بعض الأفكار السريعة لهذا المنصب الرفيع: أيمن رمزي وزيراً للأديان المصرية.
1. التفكير، حاجتنا للتفكير وتشغيل القوى العقلية المتعطلة عند أغلبية المتدينين بدلاً مِن سيدنا قال والشيخ اعاد. الشعب لازم يفكر.
2. التقدم والرقي الإنساني مِن خلال الأعمال الحسنة، وليس ترديد أقوال الرسول هذا أو إعادة النص المقدس ذاك، فالنص المقدس وأقوال الرسل ليست للمماحكات والمناظرات والمباحثات الغبية التي تشعلل الحروب أكثر منها دعوة للعمل الصالح الذي يرقى بقيمة الإنسان.
3. الاعتراف بكل الأديان والمعتقدات، وترك المسميات البشرية والتصنيفات إياها بأن هذا سماوي وذاك تجب محاربة وحرق أتباعه، وكأننا أصبحنا آلهة تلعب أهم دور في حياة البشرية في الوقت الحالي.
4. احترام اتباع الأديان بعضهم لبعض، مِن خلال آليات عملية مجتمعية واتاحة الفرصة للقوانين الاجتماعية لكي تأخذ مجراها في دولة مدنية فعلاً وليس أقوال مرسلة.
5. الدور الهام للإعلام والتعليم هو تربية المجتمع على عدم التمييز الديني مِن خلال تنقية المواد التي تقدم وتغرس في هذا المجتمع، وتنظيف العقول التي تأثرت سابقاً مِن جراء غسيلها بمواد التعصب.
6. اتاحة الفرصة لمن لا يريد أن يتبع أي دين، فالقرآن علمنا: قل يا أيها الكافرون لكم دينكم ولي ديني.
7. اتاحة الفرصة لتحري الحقيقة للوصول إلى الحق بشكل فردي دون فرض دين الدولة الرسمي أو غيرها مِن مسميات قطعنة المجتمع.
middot; مشكلات تتطلب حلاً:
1. ماذا أعمل أمام النص الصريح في الدستور المصري على أن الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع؟
2. ما الحلول العملية لتفشي الأمية ـ في جميع قطاعات المعرفة ـ والجهل القرائي بين أغلبية الشعب؟
3. كيف نعالج آثار عشرات السنوات الماضية التي تم فيها غسيل للعقول مِن خلال التعليم التمييزي والإعلام الموجه نحو كراهية الآخر؟؟
عزيزي القارئ الكريم،
يسعدني سماع رأيك الكريم فالموضوع جد خطير، ورئاسة الجمهورية في إنتظار ردي حول تعييني وزيراً للأديان المصرية.
أيمن رمزي نخلة
التعليقات