فى منتصف شهر ديسمبر من عام 1989 كان الديكتاتور الراحل رئيس رومانيا السابقquot; نيقولا شاوسيسكوquot; فى زيارة الى ايران عندما وصلتة الانباء عن حدوث احتجاجات ضخمة فى مدينة quot;تيميسورquot; التى تقع غرب البلاد ا فهاج وثار وجن جنونة واعتبر ان خروج هذة المظاهرات فيها تحدى صارخ لسلطاتة ونفوذة..

وبدون تردد او تفكير اعطى اوامرة الى كبار ضباط البوليس والامن وبوليسة السرى باطلاق النار على المتظاهرين ولكنهم رفضوا اطاعتة وتنفيذ اوامرة لاول مرة بعد طاعة عمياء لة استمرت 21 سنة متواصلة فقام بقطع زيارتة لايران وعاد الى بلدة واعطى شخصيا الاوامر لاطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين الذين كانوا يملؤن الشوارع والميادين. وكانت النتيجة مئات القتلى والوف الجرحى وزيادة حالة الغليان والهيجان فى البلد وخروج مزيد من المظاهرات والاحتجاجات.

وفى يوم 21 ديسمبر رتب الديكتاتور ومساعدية لخروج اتباعة فى مظاهرة ضخمة فى اكبر ميادين العاصمة quot;بودابستquot; تايدا لة من اجل الايحاء للعالم بان الاوضاع فى رومانيا طبيعية والامن مستتب وتحت السيطرة.. وفى اثناء القاء شاوسيكو خطبتة وبينما كان التلفزيون الرومانى ينقل الاحداث على الهواء مباشرة - ظنا منهم ان الامور سوف تسير حسبما خطط لها - بدا الناس يهتفون ضدة بدلا من الهتاف لة ومقاطعتة وهو يتحدث فاضطر الحاكم لقطع خطبتة والهروب من امام الجماهير الغاضبة الثائرة.

وفى اليوم التالى كانت حالة الغليان والثورة وصلت ذروتها فى كل انحاء رومانيا حيث زحفت الالوف الى مقر الرئاسة بالقصر الجمهورى غير مبالين ببنادق الجنود وتهديدات العسكر الذين كانوا لا يزالون موالين لرئيسهم الديكتاتور.. وهنا لم يجد شاوسيسكو شيئا اخر يستطيع عملة لوقف ثورة الغضب ضدة سوى ترك قصرة والهروب ومعة زوجتة بطائرتة الهيلوكوبترالى مكان اخر بعيد عن العاصمة ولكن تمكنوا من القبض علية فى نفس اليوم او اليوم التالى.

وتمت محاكمتة فى مكان سرى ووجهت لة هو وزوجتة quot;ايلناquot; تهم عديدة من بينها اعطاء الاوامر بقتل 60 الف من المعارضين لنظامة. وفى يوم الكريسماس 25 ديسمبر 1989 نفذ حكم الاعدام فى الديكتاتور الرومانى هو وزوجتة رميا بالرصاص بطريقة تشبة الطريقة التى يتم بها اعدام الكلاب الضالة فى شوارع أي بلد عربي!!!. وقد شاهد العالم كلة على شاشات التلفزيونات عملية تنفيذ حكم الاعدام باطلاق الرصاص ربما لكى تكون عظة ودرس للاخريين الذين تسولهم انفسهم الحكم بطريقة دموية تخالف كل العرف والقوانين الدولية وحقوق الانسان والاهم من كل هذا وذاك الحكم بطريقة تخلو من الرحمة والعدل ومخافة الله.
لقد نجح شاوسيسكو طيلة ال21 سنة التى حكم فيها بلدة بقبضة من حديد واخرى من نار فى اقناع الغرب وفى مقدمتهم الامريكان وبريطانيا بانة غربى مثلهم بل وديمقراطى ايضا..

وفى نفس الوقت تعامل مع الصينيين كما لو انة اكبر شيوعى فى اوربا الشرقية!!.. لقد كان لدية ذكاء وقدرة عجيبة على اللعب على جميع الاطراف المحلية والدولية واستثمار الخلافات بين الغرب والشرق لصالحة ولكن فى نهاية المطاف وبعد ان اعطى الرئيس quot;جربوتشوفquot; الحرية للدول التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى للاستقلال والسير فى ركب الدول الغرب..عندها فقد شاوسيسكو الورقة الرابحة التى كان يلعب بها على الجميع غربا وشرقا مما عجل بنهاية نظامة ونهايتة شخصيا.

واليوم وبعد عشرين عاما على نهاية حكم ديكتاتور رومانيا الراحل عندما انظر الى كثير من حكام العالم ارى للاسف ان البعض لم ولا يتعظ ابدا مما حدث لهذا الحاكم الظالم او غيرة... ارى اصرار عجيب وغريب على السير بغباء شديد فى نفس الطريق الذى لا يقود فى نهايتة سوى الى التهلكة ونفس المصير الذى ينتظر كل حاكم ظالم.

لقد تصور شاوسيسكو حتى اخر لحظة فى حكمة ان بوليسة السرى الذى شكلة عقب تولية الحكم وصرف علية الملايين لقمع معارضية وفرض قبضتة الحديدية على البلد بالاضافة الى قوات حفظ امنة الشخصى قادرون على حمايتة تحت اى ظرف من الظروف وان طاعتة من قبل كبار القادة امر مفروغ منة تماما.. ولكنة اكتشف بعد فوات الاوان انة كان مخطئا.. وان جهاز بوليسة السرى وقوات حفظ امنة الشخصى وحتى جيشة باكملة لم يكونوا قادرين على حمايتة من غضب وثورة شعبة ضدة. حقا ان تجارب البشر عبرالتاريخ الطويل تؤكد لنا بالدليل والبراهين انة كلما ازداد ظلم الحاكم وبطشة كلما تكون نهايتة قد اقتربت وسنوات بقائة فى الحكم اوشكت على النهاية والزوال بلا رجعة.

صبحى فؤاد
استراليا
السبت 9 مايو 2009
[email protected]